إسلام وهبان
خلال السنوات القليلة الماضية، تغير المشهد الثقافي بشكل كبير، خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وتنوع منصاتها، والتي أثرت بشكل أو بآخر على الحالة القرائية وتوجهات القراء داخل سوق الكتاب في مصر والوطن العربي، ولم يعد تحليل الأعمال الأدبية ونقدها مقتصر على المتخصصين في المجال الأدبي من النقاد، بل امتد ليصل إلى المنصات الإلكترونية وخاصة قنوات اليوتيوب المتخصصة في القراءة أو ما يطلق على أصحابها مصطلح “البوكتيوبرز”.
استطاع “البوكتيوبرز” أن يصلوا إلى شريحة كبيرة من القراء والمتابعين، وأصبح لديهم دور في توجهات القراء، وتشجيع عدد كبير من الشباب على القراءة ومعرفة كل جديد في عالم الكتاب. ولم لا يعرف مصطلح “البوكتيوبرز”، فهم صناع المحتوى المرئي على موقع يوتيوب، المهتمين بنشر ثقافة القراءة والتشجيع عليها، من خلال تقييم الكتب وتقديم ترشيحات ونصائح للقراء.
وفي هذا التقرير وضمن ملف خاص يقدمه إعلام دوت كوم، عن الانفلونسرز أو المؤثرين على السوشيال ميديا، نرصد أبرز الملاحظات عن البوكتيوبرز وقنواتهم وأهم النصايح لتطوير الآداء، وذلك فيما يلي:
– البداية المتأخرة
من الملاحظ أن أغلب القنوات الشهيرة في الوطن العربي المهتمة بالكتب انطلقت عامي 2016 – 2017، في حين كانت قنوات أخرى للإنفلونسرز على يوتيوب قد انطلقت وحققت شهرة إلى حد ما بين عامي 2010 و2013، الأمر الذي يفسر سبب انخفاض عدد المتابعين عبر قنوات البوكتيوبرز، فبخلاف تقديم محتوى عن الكتب قد يكون المهتمون به أقل من المهتمين بالقنوات الأخرى، إلا أن عامل الوقت أيضا قد أثر على انتشار هذه القنوات، فقناة “الزتونة”، للمصري مايكل راشد، التي تحتل المركز الأول في قنوات البوكتيوب، من حيث عدد المتابعين والذي تجاوز المليون متابع، قد بدأت نشاطها في يوليو 2016.
– الحلقات الأكثر تأثيرا
المتابع لقنوات الكتب، يجد أن الحلقات الأكثر مشاهدة على هذه القنوات هي التي تقدم نصائح وإرشادات حول القراءة أو ترشيحات مجمعة للقراء، كما أن القنوات التي تتحدث عن كتب التنمية الذاتية تتمتع بمشاهدات أعلى ومتابعين أكبر من نظيراتها من قنوات الكتب، فمثلا تحتل قناة “أخضر” في المرتبة الثانية لقنوات الكتب لما تقدمه من محتوى عن كتب إدارة الذات ممزوجة بالرسومات المتحركة. كما أن هذه القنوات تكون أكثر تأثيرا في توجهات القراء الشباب وتفضيلاتهم الشرائية، فضلا عن لعبها دور مهم في تعريف الفئات الأصغر سنا بعناوين هامة وكتاب كبار عربيا وعالميا.
– المصريون الأكثر انتشارا
أدى التأثير الكبير للبوكتيوبرز في سوق الكتاب إلى دخول عدد كبير من الشباب لهذا المجال، فتجد أن مصر تحتوي على عدد كبير من القنوات المهتمة بالكتاب، وتستحوذ على نسبة 75% في قائمة أكثر 20 قناة للبوكتيوبرز تأثيرا على اليوتيوب، في حين لا تحظى قنوات البوكتيوب في دول المغرب العربي بالاهتمام والانتشار الكافي، بعكس البوكتيوبرز في دول الخليج والذين لديهم قدرة أكبر للوصول للمتابعين وتبني مبادرات شهيرة والتي من أشهرها مبادرات السعودي “سامي البطاطي” للتشجيع على القراءة.
– تطوير المحتوى
يعاني كثير من البوكتيوبرز خاصة في مصر، من قلة الإمكانيات المتعلقة بالتصوير والمونتاج، وذلك لضعف الإمكانيات المادية وعدم وجود رعاية للمحتوى المقدم، فضلا عن صعوبة الحصول على مقابل مادي مناسب في بداية إطلاق القناة، لكن الفترة الأخيرة كانت هناك جهود ومحاولات عدة لتطوير المحتوى، وقد لوحظ أنه كلما قلت مدة الحلقة عن ١٠ دقائق كلما زاد التفاعل وعدد المشاهدات للفيديو، كما أن الحديث عن الكتب بشكل سريع وتقييمها في نقاط محددة ومختصرة يزيد من التفاعل أيضا، فضلا عن عامل الإضاءة الجيدة الذي يؤثر على رغبة المشاهد في متابعة الحلقة بشكل مريح.
– اهتمامات القراء
متابعة البوكتيوبر لسوق الكتاب عربيا وعالميا، والتعرف على اهتمامات القراء، وأبرز الفعاليات الثقافية، شيء ضروري في العمل في هذا المجال، ليس لإرضاء القراء أو الناشرين ولكن حتى لا يكون بمعزل عن الواقع، فكلما كان الفيديو له علاقة بقضية مثارة في الوسط الأدبي، أو بإصدارات حديثة أو بعمل أدبي شهير كلما كان هناك مواكبة أكثر لاهتمامات القراء وزاد ذلك من نسب التفاعل على القناة، كما أن مشاركة البوكتيوبر لجزء من حلقاته على منصات مختلفة بخلاف اليوتيوب كصفحته على فيس بوك أو حسابه على تويتر، يساعد في وصول المحتوى للمهتمين بالقراءة بشكل أكبر.