الفارق الأساسي بين ما يفعله مجدي عبد الغني بخصوص هدف مصر الوحيد في مونديال 1990 وما يفعله أخرون تجاه ذكريات التسعينيات أن عبد الغني يستثمر في إنجاز مرتبط به هو شئنا أم أبينا، عبد الغني غير مسئول على أننا فشلنا في التأهل للمونديال مرة أخرى على مدار 25 عاما، كما أنه لأسباب عدة لم ينجح جيل حسن شحاتة في إستغلال فوزنا بالبطولة الإفريقية لثلاث بطولات متتالية، ظلت لمشاركة مصر في مونديال إيطاليا ولعدالة السماء التي هبطت على ستاد بالريمو لمرة وحيدة وأخيرة رونق خاص في ذكريات عدة أجيال منها من شاهد الهدف شابا وبات الآن فوق الخمسين ومنها من شاهده طفلا ولازال يتذكر كل التفاصيل.
أما من يتاجرون بالنوستالجيا فهم عكس مجدي عبد الغني معظمهم يفعل ذلك بذكريات وأعمال وإنجازات فنية لا تخصه، عبد الغني نفسه وهو يحرز الهدف في مرمى فان بروكلين بالتأكيد لم يكن يتوقع أنه سيظهر بسببه في فيلم سينمائي وفي حملات إعلانية متكررة بعدها بخمسة وعشرين عاما، في فيلم ليلة سقوط بغداد إنتاج عام 2005 اعتبر ناظر المدرسة وجسده حسن حسني الهدف هو الإنجاز الوحيد للمصريين بعد حرب أكتوبر، جاءت البطولات الأفريقية الثلاثة ولم تمحو هذا الإنجاز، بالنسبة لعبد الغني الملقب بالبلدوزر بدأ الأمر “هزليا” في البداية، ساهم ظهوره في البرامج الرياضية في تذكير الناس بالهدف كلما سنحت له الفرصة، لكن لأن “الزن” على الودان أمر من السحر بالنسبة للمصريين فقط ولأننا اعتدنا أن نقاوم الإلحاح بأن نعترض عليه بإلحاح أكبر، نجح مجدي عبد الغني في أن يحول الهدف اليتيم الذي هو من ضربة جزاء وليس هجمة منظمة، نجح في أن يحوله إلى “مورد ربح دائم” ، تعامل مع الأمر تجاريا أكثر منه أي شئ أخر ونجح فعلا في البقاء على الشاشة عبر لقطة لم تستغرق عدة ثوان في صيف 1990 ، بالتالي فإن كثرة انتقادات إلحاح اللاعب رقم 8 في فراعنة مونديال إيطاليا لن تمنعه من الإستمرار في استثمار الهدف، وسيظل على الشاشة طالما لم تصل مصر للمونديال أو لنتخيل أن مصر وصلت ولم تحرز أي هدف، ساعتها لن نلوم على مجدي عبد الغني بل على أجيال تالية لم تنجح في التصدى لطوفان النوستالجيا الذي اقتلع انجازات أخرى حدثت في ربع قرن ولم تجد نفس الرواج الإعلاني وماتت سريعا بحُمى سوء الإستهلاك فيما حول البلدوزر هدفه إلى سلعة معمرة .
أحمد برادة بطل الإسكواش، كرم جابر النجم الأولمبي، علماء مصر في أوروبا وأمريكا، إنجازات فنية وسينمائية عدة حققناها ولو على فترات متباعدة، مشروعات كبرى و أثار لا تفنى وغير ذلك الكثير، كل ما سبق فشلنا في إستثماره لا نقول في إعلانات رمضان ولكن دعائيا من أجل الترويج لمصر في الخارج قبل الداخل، وحتى نبدأ في هذا النوع من الإستثمار لا يمكننا بأي حال من الأحوال توجيه اللوم لمجدي عبد الغني ولكن نلوم باقي لاعبي منتخب 90 فلو أحدهم أحرز هدف أخر في مرمى إنجلترا أو أيرلندا ربما صعدت مصر بسببه للدور الثاني ولما تحول هانز فان بروكلين إلى “بروكا” على يد مجدي عبد الغني.