الطريق إلى مطاعم بيروت

فرح بعلبكي 

قال لي أحمد بلهجته المصرية وأنا أقود سيارتي “خشي شارع الجميزة.. للآخر كملي… لفي شمال كده… كملي أيوا… كملي شوية كده… يلا اركني أي مكان وتعالي ناكل عند أم نزيه”. طبعا اتبعت إرشادات أحمد كلها وأنا مستغربة كيف يعرف شوارع وأزقة بيروت.

 

نرشح لك: البحث عن السعادة في “الميديا” المغلقة

نزلنا الدرج في مار مخايل، جلسنا إلى طاولة صغيرة، مطعم تحس أنه بيتك، قال لي أحمد، وهو معروف بدقته باختيار الأكل، “أنا هاكل هندبة (بفتح الباء)، بطاطا بالكزبرة (بضم الكاف)، ولوبيا بزيت دي مش عارف عايز أجربها، وأنت؟” بقيت صامتة قليلاً أنظر إليه وأتساءل كيف عرف المطعم، كيف عرف هذه الأكلات اللبنانية البحتة، بعدها قلت له آكل معك طبعا.

أحمد ليس الوحيد الذي يعرف مطاعم بيروت، وليس وحده عندما يزور لبنان يجتمع بأصدقائه وأحبائه في مطاعم بيروت، فكل مطعم له رونق وطعم وقصة. نلتقي أصدقاءنا الآتين من الدول العربية أو حتى من مدن لبنانية أخرى فيها مطاعم بيروت هي نقطة الالتقاء.

تذكرني رنا دائما بالمطعم الأرمني الذي أكلنا فيه في إحدى شتاءات بيروت في مار مخايل… أكلنا حتى التخمة، كما يقولون، “الحلويات يا فرح… جميلة جدا”. ثم تذكرني يوم مشينا في الزيتونة باي ودخلنا إحدى المقاهي وأصرت أن تطلب “شيشة رمان” وأنا أقول لها “من وين بتنكشي هالطعمات”.

أما “ة مربوطة” في الحمرا، كانت اللقاءات التي تحتدم فيها النقاشات حول الهجرة، الفن، الصراعات العربية، الإعلام، الأكل، كل شيء…

يقول لي محمد “أنا وموظفين العنتبلي بقينا صُحاب”، محمد كان لا ينتهي يوم عمله الطويل في بيروت من دون كوكتيل العنتبلي.

هبة، وعلم الرغم من انشغالها الدائم، لم تفوت أي غداء مع الشلة أو عشاء… تأتي مستعجلة وتقول لنا “أنا جوعانة” تأكل معنا وتعود إلى عملها على الفور.

كنا عندما نحتار ماذا سنأكل وأين، “ما إلنا غير نهلا”. نهلا صديقتنا، تشعر بأن لديها لائحة بمطاعم بيروت تدرسها جيدا بالمنيو بالمواعيد بكل التفاصيل، في المطعم الفلاني نأكل كذا ثم نحتسي القهوة عند فلان، إلى حد أن علي صديقنا الآتي من دبي يقول لنا أعطوا نهلا ترتيب “الخروجات” ونحن نسير وراءها.

بالطبع، أينما أكلنا يجب أن نمر على “ليلى” نأكل “غزل البنات بالبوظة” ثم نعود أدراجنا إلى صيدا.

تكلمني ميس من الأردن من وقت إلى آخر وتقول لي “شو مشتاقة يا فرح بس مشوار على بيروت نقعد بشي مطعم من هالمطاعم وناكل مع بعض كلنا”.

اليوم أتصل بجميع الأصدقاء وأقول لهم أين سنأكل؟ أين سنجتمع؟ أين مطاعم بيروت؟ أين نحن؟