(الانطباعات الأولى ليست بالضرورة صحيحة)
إعلان كوكاكولا يقول هذا بوضوح، ولو أخذت حكايتي مع “المذيع البيبي فيس دة” كنموذج … ستكون تلك الجملة حقيقية تماماً.
رأيته أول ما رأيته قبل عام ونيف أثناء تزاملنا في إحدى القنوات الفضائية، هو مذيعاً وأنا منتجاً فنياً.. بيبي فيس كما وصفته لك وكما يصفه كل من يراه على الشاشة، ومؤدب إلى حد يغيظ، وكان إنطباعي الأول عنه انه إنسان –مدعي و متحذلق- ولقد صارحته بهذا شخصياً من قبل، فلا داعي لئلا أصارحك به الآن.
إلى أن جاء يوم، عملت فيه معه في نفس برنامجه، البرنامج كان تقليدياً في فكرته، يعتمد على تلقي مكالمات هاتفية من الجمهور وإستعراض مشاكلهم ثم إيصالهم بالمسؤولين لحل تلك المشاكل، وبدأت وجهة نظري في الرجل تتغير تماماً مع نهاية الحلقة الأولى لنا سوياً، فهذا مذيع محترف بحق، يستمع لفريق العمل كاملاً، وينفذ وجهة نطر الآخر إن كانت في صالح العمل، لا يبدأ حلقة إلا ويجلس مع رئيس التحرير ليتابع ما جرى في الحلقات السابقة، وهل استطاع البرنامج بالفعل حل مشكلة مدام ناهد من اسكندرية و أستاذ محمد من بني سويف والحاجة أم خالد من الشرقية؟؟ أم أنهم يحرثون في البحر؟؟!!.
لقد كنت شاهداً على حل عشرات المشاكل من خلال هذا البرنامج، كنت شاهداً على احترافية مذيع يعمل في فضائية شهيرة، ويعلم خطوطها الحمراء جيداً، ويواجه يومياً الكثير من المفاجآت عبر مداخلات هاتفية (غير ملفقة/ مفبركة)، وكذلك يمكنه أدبه الجم مع الجمهور وتمكنه جرأته من من الوقوف على الهواء ليتلق اللوم أو التجني أو السباب أحيانا سواء لشخصه أو لأحد المسؤولين ومواجهة ذلك بذكاء شديد… ولكن هذا ليس كل شئ.
“المذيع البيبي فيس دة” .. أجرى في شبابه عشرات الحوارات الصحفية، مع الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح، مع مصطفى أمين، مع ياسرعرفات، وجون قرنق، والبابا شنودة، ود. بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، وعبدي قاسم صلاد حسن أول رئيس للصومال بعد الحرب الأهلية، والمفكر الكبير روجيه جارودي، هذا غير عدد من القيادات الأصولية في الخارج مثل أبو حمزة المصري وأبو قتادة…. كما عمل في العديد من الشبكات الإخبارية العربية والأجنبية… وطبعاً المصرية.
وحين عاد من الخارج ليستقر في مصر، ويقدم برنامجه سالف الذكر، كان أن ترأس “معهد الأهرام الإقليمي للصحافة” .. معهد يتبع المؤسسة الصحفية العريقة التي التحق بها منذ زمن (الأهرام)، والهدف منه تدريب شباب الإعلاميين على الفنون الصحفية والإعلامية المختلفة بداية من التحرير الصحفي، وحتى الإلقاء وقراءة التقارير… وهذا أيضاً ليس كل شئ.
الأهم، وهو ما دفعني بالأساس لكتابة تلك السطور، هو أن الرجل يسطر ملحمة إعلامية حقيقية بإدارته وإشرافه على مشروع إعلامي رائد بحق (مش كلام جرايد)، مشروع قد يغير من شكل العمل الإعلامي في مصر تماماً في خلال سنوات قليلة إن نال حقه في الدعاية والرعاية اسمه (ميديا توبيا) … والمشروع عبارة عن تدريب مجموعة من طلبة الإعلام المصريين على الفنون الإعلامية المختلفة (الصحفية والتلفزيونية) تدريباً مهنياً وسلوكياً وتثقيفياً، على يد أساتذة ومتخصصون في مجالاتهم المتنوعة بهدف خروجهم إلى السوق وهم يمتلكون الخبرة العملية اللازمة بجوار دراستهم الأكاديمية… وهو أمر لو تعلمون، يفتقده سوق الإعلام بشدة.
الفكرة التي حكى لي عنها الرجل بنفسه، تكمن في زرع روح الفريق شيئاً فشيئاً داخل نفوس الشباب، فيتعلمون أن يعملوا (مع بعض)، على عكس الفكرة السائدة في الإعلام حالياً، حيث العمل (في جزر منعزلة).
من اللطيف أن تكون مذيعاً ناجحاً محبوباً.. تتقاضى أجراً مريحاً، ويطلب الناس في المولات أن يلتقطوا معك سيلفي.
و لكن،،
أهمية أن تكون مصدقاً لما تفعل ومومناً به.
أهمية أن يكون طلابك ركناً أساسياً في حياتك العملية.
أهمية أن تمتلك حلماً لتطوير المهنة التي تعمل بها.
أهمية أن تكون منظماً فتكتب وتحاضر وتشرف وتحضر الندوات والدورات التدريبية… لتنجح.
هي نفس أهمية أن تكون مذيعاً ومشهوراً ولك جمهور يتابعك في عمل تتقاضى عليه أجراً مريحاً… ولأن دكتور محمد سعيد محفوظ، “المذيع البيبي فيس” فكر في كل ما سبق مع تفكيره في راتبه، فهو استحق أن تتغير وجهة نظري عنه، واستحق كذلك دعوتي كل زملائي من العاملين بالإعلام، المهمومين بتطويره لأن يفكروا بنفس طريقة الرجل، المؤدب، الواعي، النشيط.. د. محمد سعيد محفوظ، علنا نتقدم يوماً.
ملحوظة غاية في الأهمية: أنا لم أعد زميلاً لبطل المقال، حتى أنني لا أمتلك رقم تليفونه.. إذن فالنفاق ليس الهدف، والله على ما أقول شهيد.
لكم المودة بلا حدود.
.