إلى الإعلاميات.. احذرن من التسويق عبر السوشيال ميديا

رباب طلعت

باتت إعلانات السوشيال ميديا الأقرب للجمهور من غيرها المرئي والمسموع في وسائط الإعلام المختلفة أو حتى الإعلانات الخارجية، نظرًا لانخفاض قيمتها بالنسبة للمعلن، وسرعة وصولها للمستهلك سواء عن طريق إعلانات المنصات الرقمية، أو باستخدام أحد مشاهير السوشيال ميديا، وقد توسع الأمر ليصل إلى بعض الإعلاميين والفنانين ومقدمي برامج الطهي مؤخرًا، بأشكال عدة، يخفى على الكثيرين من متابعيهم أنها “مدفوعة الأجر”، وليست مجانية كيفما يظنون.

التسويق عبر المؤثرين.. السوق البديل للإعلانات

اصطلاحًا فإن معنى “المؤثر” أو “الإنفلونسرز” هو الشخصية العامة ذو التأثير الكبير على آراء وتوجهات متابعيه، لذا فإنهم فرصة عظيمة للمعلنين لاستغلال شهرتهم وتأثيرهم على جمهورهم، للترويج لعلامتهم التجارية، خاصة أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت مؤخرًا أقرب إلى الجمهور من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.

نرشح لك: 6 فنانين ضيوف برامج “التوك شو” مساء الخميس

 

ينقسم “الإنفلونسرز” إلى ثلاثة تصنيفات الأول “الميجا إنفلونسرز”، وهم النجوم المشاهير والشخصيات العامة بعيدًا عن السوشيال ميديا مثل الفنانين ونجوم الكرة والإعلاميين وهم الأكثر استقطابًا لإعلانات الشركات والعلامات التجارية الكبرى وأبرز الأمثلة عليهم (محمد صلاح لـDHL، ورونالدو لـNike)، والثاني “الماكرو إنفلونسرز”، وأولئك على الأغلب المتميزون في أحد المجالات سواء السفر أو تقييم الطعام وغيرها، ممن يزيد عدد متابعيهم عن المليون، وأبرزهم منال رستم الوجه الإعلاني المحجب لـ”Nike”، وأخيرًا “المايكرو”، وهم اليوتيوبرز والبلوجرز وغيرهم ممن يتخطى جمهورهم العشرة آلاف متابع.

في عالم السوشيال ميديا فإن “المايكرو” هم الأكثر رواجًا وطلبًا لدى العلامات التجارية المتوسطة والضعيفة، والعلامات التجارية المجهولة أيضًا، وأصحاب المنتجات ذوات الأسعار الأرخص سعرًا، إلا أن العلامات التجارية تميل لاستخدام التصنيفين الأول والثاني -الميجا والماكرو إنفلونسرز- نظرًا لقدرتهم على دفع مبالغ طائلة تتناسب مع حجم شهرتهم، على عكس الإنفلونسرز الآخرين الأقل تكلفة.

مسابقات وإشادات وريفيوهات الفيديو.. وسائل كثيرة للتسويق

تعد مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة سهلة للدعايا عن سابقتها التقليدية، فلا تحتاج إلى مجهود أو فكرة أو تكلفة إنتاجية ضخمة على الأغلب طالما أن المؤثر الذي وقع عليه الاختيار هو شخص مشهور يتابعه ملايين، إلا أن الشركات الكبرى تستخدمها باحترافية أكبر، وبشكل “لائق” ومميز، خاصة مع النجوم، عن المنتجات الأكثر رواجًا على صفحات مشاهير السوشيال ميديا من الأشخاص العاديين.

المثال الأقرب والأشهر لتلك الاحترافية كان ترويج اللاعب العالمي محمد صلاح، لشركة DHL للشحن، حيث قرر غلق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي تمامًا في يناير 2019، ليظهر في إعلان لصالة شركة الشحن، وقد نجحت في الوصول إليه وإعطائه طرد خاص به، في إشارة منها إلى نجاحها في الوصول إلى أي أحد في أي مكان.

 

وبعد انتشار الإعلان عاد محمد صلاح مرة أخرى لفتح كافة حساباته، ورحبت به صفحة DHL على تويتر، ليكتشف الجمهور أن اختفاء وعودة هداف ليفربول الإنجليزي والمنتخب المصري على السوشيال ميديا كان حملة إعلانية للشركة.

 

في الحقيقة إن الأمر لا يتطلب كل ذلك المجهود لعمل حملات إعلانية أبطالها من مشاهير السوشيال ميديا، إلا أن قيمة النجم هنا هي المتحكمة في شكل الإعلان عبر صفحته أو صفحة الشركة المعلنة والإشارة إلى صفحته الخاصة، وفي شكل أقل كلفة يظهر بعض نجوم الكرة والفن والإعلام ومشاهير السوشيال الميديا وهم يعلنون عن طريق نشر جلسات تصوير لصالح علامات تجارية لملابس أو مجوهرات أو حتى لصالح مصور ما أو مصفف شعر أو ماكيير وغيرها، وهنا الأمر يتم إدارته أيضًا باحترافية عالية، وبصور ذات جودة تليق بمكانة هذا الفنان، وبالتالي فإن تكلفتها مرتفعة.

وغالبًا ما يكون المنتج المعلن عنه مضمونًا، ولا يدرك الكثير من المتابعين أنه إعلان من الأساس، ويظنون أنها فقط جلسة تصوير للفنانة أو الإعلامية، إلا إذا ما دخلوا على صفحة المنتج فيجدون أنه معروض للبيع ومبين ثمنه، بإضافة خاصية الدفع والتوصيل عبر الفيزا عن طريق صفحة السوشيال ميديا أو الموقع الإلكتروني للبراند.

الشكل الأكثر شعبية، في الترويج للمنتجات لا يحتاج إلى كل ذلك المجهود ويبتعد عنه الكثير من النجوم، فيُطبق على صفحات “الماكرو” و”المايكرو”، والأخير تحديدًا، وهو عبارة عن صورة لمنتجات صفحة ما، أو فيديو “ريفيو” يخبر فيه الإنفلونسر جمهوره، عن مدى جودة وضمان المنتج الذي يتحدث عنه، أو يشيد بالبائع أو الصفحة، ويوصي جمهوره بالشراء منهم، ويتم نشر تلك المادة إما على صفحة المعلن نفسه أو الإنفلونسرز المذكور وبالطبع لكلا الطريقتين سعره، وقد وقع الكثير منهم تحت وطأة التعليقات المشككة في مصداقيتهم نظرًا لأن المنتج خيب آمالهم بعد تجربتهم لها، وغالبًا ما يتم مسح تلك التعليقات.

في تطور للشكل الأخير للدعاية عبر صفحات الإنفلونسرز، ظهرت المسابقات والهدايا التي في ظاهرها مجانية، وباطنها استغلال عدد المتابعين الذي يصل إلى ملايين بزيادة متابعي الصفحات الخاصة بعرض المنتجات أو أحد العلامات التجارية، فيعلن “الإنفلونسرز” عن مسابقة كبيرة تصل الهدايا فيها إلى توزيع هواتف “آيفون”، وشاشات ذكية وغيرها، بوضع شرط وهو الدخول على حساب ما وعمل متابعة لقائمة متابعته، حيث تم إنشاؤه خصيصًا لعمل متابعة للصفحات المعلن عنها.

النوعان الأخيران، لا يكلف مشاهير السوشيال ميديا كثيرًا من سمعتهم ومصداقيتهم، حيث إن أغلب الجمهور يتابعهم للتعرف على تفاصيل حياتهم ومشاهدة ما يشاركوه معهم، وليسوا مصدرًا للمعلومات أو الأخبار بالنسبة لهم، على عكس بعض الإعلاميين وعلى الأخص الإعلاميات، ومقدمات برامج الطهي، الذين باتوا يتجهون لمثل تلك الإعلانات سواء لمواد غذائية أو تخسيس أو أدوية غير معلومة المصدر بعضها غير مصرح به من الأساس من وزارة الصحة، أي أنه من الممكن أن يتسبب أحدها في خطر على حياة البعض ممن جربوهم بناء على ثقتهم في الإعلامية التي يتابعها، أو الشيف الشهيرة، ووصل البعض إلى الترويج إلى أطباء بعينهم ومراكز تجميل أو عمليات تخسيس وغيرها، دون رقابة من الجهات المختصة على ذلك.

تخف وطأة ذلك الأمر مع المنتجات المتعلقة بماركات الملابس، والمجوهرات، وغيرها وهو الأمر الذي من الممكن التغاضي عنه، فلا ضرر صحي من ورائه، فإذا ما كانت الخامة أو المنتج ليس على المستوى المطلوب، ليست أزمة مثل الآثار الطبية، ولكنه في النهاية سيعرض الإعلامية أو مقدمة البرامج لفقدان ثقة جمهورها، وقد يصل الأمر للعزوف عن متابعتها على السوشيال ميديا أو متابعة برامجها، فعدم تحريها عن جودة المنتج الذي تعلن عنه، يشير إلى خلل في اختياراتها عامة.

العائد المادي.. هل يستحق الإضرار بالمسؤولية؟

الإجابة على هذا السؤال متروكة لمقدمات البرامج اللاتي انقدن وراء ذلك النوع من الإعلانات، فعلى عكس ما يظنه البعض، فإن العائد المالي لمثل تلك الإعلانات كبير، فقد كشف بعض الإنفلونسرز في فيديوهات عبر اليوتيوب أنه مقابل زيادة عدد متابعي الصفحات -مسابقات الهدايا المجانية- يحصل الإنفلونسرز من التصنيف الثاني والثالث على ما يتراوح من أربعة إلى ستة آلاف جنيهًا، لكل 100 ألف متابع، ولا توجد إحصائيات واضحة عن سعر الصورة أو الفيديو للمشاهير في مصر بعد.

فيما أشارت دراسة أمريكية أعدتها شركة “تشيك” للأمن الإلكتروني، بالتعاون مع جامعة بالتيمور، إلى أن ذلك السوق له أرقام معروفة بين الشركات والمؤثرين وهي كالتالي:

49 دولارا مقابل كل 1000 متابع على “يوتيوب”

35 دولارا مقابل كل 1000 متابع على “فيسبوك”

16 دولارا مقابل كل 1000 متابع على “إنستغرام”

15 دولارا مقابل كل 1000 متابع على “تويتر”.

كما أوضح مستثمر سعودي في مجال توظيف إعلانات المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي، أن إعلانات المؤثرين عبر السوشيال ميديا تبدأ من 5 آلاف ريال إلى 75 ألف ريال، وهو ما يتناسب مع قائمة الأجور المسربة أغسطس الماضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن أسماء وأجور المشاهير مقابل الإعلانات.

 

من الأرقام الموضحة سواء في أمريكا، أو في المملكة العربية السعودية السوق الأكبر للمؤثرين، يتضح أن الأسعار في مصر قد تصل لأرقام خيالية، وربح سهل، لا يكلف المؤثر سوى فيديو أو صورة في أقل من دقيقتين عبر صفحته، ولكنه يكلف الإعلاميين والإعلاميات الكثير خاصة مصداقيتهم لدى الجمهور، وهنا يجب طرح أسئلة حول موقف الجهات المعنية من مراقبة العمل الإعلامي أو التجاري في مصري، حول تلك الدعاية الإعلانية؟ وهل من الممكن أن تشهد مصر تحركات تشريعية وتسن قوانين تنظيمية لذلك السوق عبر الإنترنت، لمنع استغلال المستخدمين -المستهلكين- وحمايتهم؟ وهل تنظم جهات تنظيم الإعلام المختصة ترويج أعضائها لمختلف المنتجات خاصة الطبية منها؟

إعلانات السوشيال ميديا الإعلانات الخارجية تشيك دراسة أمريكية رئيسية مصر نيوز ليتر وسائط الإعلام