عودة "صالون الحرية".. قريبا

محمد مصطفى أبو شامة

لمن لا يصدق جماهيرية العمل الثقافي وإمكانية انتشاره الواسع وعمق تأثيره الكبير، أو يروج (بلا علم) أن الحوار الفكري الحر المنفتح حكرا على نخبة منغلقة أو طبقة مثقفة بعينها، أدعوه لأن يشاهد عبر الإنترنت الحوارات المسجلة للصالون الثقافي (الأونلاين) الذي نظمته الجمعية المصرية لنشر المعرفة؛ والتي يرأس مجلس إدارتها المفكر الإصلاحي ورائد العمل الإجتماعي الوطني الدكتور حسام بدراوي، والتي شرفت بإدارة الصالون والحوار معه ومع ضيوفنا من خيرة نجوم الفكر والثقافة والفن، وقد عقدت فعاليات “الصالون الأونلاين” في الأربعاء الأول من شهور يناير وفبراير ومارس 2020 بمقر الجمعية في جاردن سيتي، وتم بثه إلكترونيا عبر (السوشيال ميديا) وتابعه عشرات آلاف من جمهور الإنترنت في مختلف دول العالم.

كان هذا المشروع الثقافي الواعد الذي أنطلق مطلع عامنا (المرتبك) 2020، شاهدا ومؤكدا على أن مصر تتنسم بعض حريتها، وكان في الأفق يلوح الكثير من الطموح والأمنيات التي خططنا لتحقيقها قبل أن يداهمنا قطار الوباء، وتعلن منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا (كوفيد-19) انتقل بالعالم إلى مرحلة الخطر، وأصبحنا تحت رحمة الجائحة منذ منتصف مارس الماضي وطوال الشهور التالية. فتعطلت فعاليات الصالون.. ودخل طموحنا في «الكورنتينة» حتى إشعار آخر.

نرشح لك: مفاهيم خاطئة وأسباب مشجعة.. قراءة في كتاب “كنت طفلا قبطيا في المنيا”


وقد طافت حوارات اللقاءات الثلاثة من الصالون الثقافي الأونلاين، حول حلم “الحرية” الذي يشغل فكر الحالمين ويمثل منطلقهم الثابت لأمانيهم بعالم أفضل، وقد بدأنا في اللقاء الأول بالحوار حول الحرية العلمية في الفكر الديني، وكان كتاب “في الشعر الجاهلي” للدكتور طه حسين هو منطلق النقاش ونموذج الحديث، وأثمر الصالون عن إطلاق “جائزة طه حسين لتجديد الخطاب الديني”، والتي تعطل الإعلان عن تفاصيلها وجهات رعايتها ومجلس إدارتها بفعل الجائحة. وكان من أبرز ضيوف الصالون الأول المفكر ثروت الخرباوي والباحث الإعلامي إسلام بحيري والكاتبة فاطمة ناعوت والمهندس أسامة الشيخ.

كنا أكثر عمقا في صالوننا الثاني، عندما اخترنا كتاب الدكتور زكي نجيب محمود “عن الحرية أتحدث” الذي يمثل دليلا مرجعيا لكل عشاق الحرية والباحثين عنها، حيث تشتمل نصوص الكتاب على أفكار بديعة لكاتبه المفكر والفيلسوف القدير الذي جمع خلاصة بحثه في مسألة الحرية بين دفتي هذا المرجع الجامع، وتزامنت جلسة الصالون مع الذكرى التاسعة لسقوط نظام مبارك الذي وقف متكاسلا أمام تطلعات الشعب للحرية والتي كانت الهدف الرئيسي لحركة الشباب في يناير عام 2011، ومحركا لمشاعر ملايين المصريين من مختلف طوائف الشعب، وكان من أبرز ضيوف الصالون الثاني الدكتور أحمد عكاشة مستشار رئيس الجمهورية والدكتور سعد الدين إبراهيم والدكتور محمد كمال.

ثم كان من الصعب تجاوز شهر مارس (شهر المرأة) دون الحديث عن حريتها التي انطلقت من خلال أفكار القاضي المستنير قاسم أمين قبل 120 عاما، فكان كتابه “المرأة الجديدة” هو محور حديثنا مع ضيفات صالوننا الأونلاين الثالث، الذي كان أكثر حيوية وجاذبية وجمالاً، وكان من أبرز ضيوفه النائبة البرلمانية أنيسة حسونة والفنانة إلهام شاهين والدكتورة نادية بدراوي والكاتبة مي عزام والإعلامية دينا عثمان.

واستمرارا لمشروع “الحرية” الذي يشكل توجها مقصودا في اختيارنا للكتب التي نناقشها مع ضيوف الصالون، كان على أجندة الحوار في جلساتنا التالية، ثلاثة كتب هامة هي: رواية “أولاد حارتنا” لأديب نوبل الأستاذ نجيب محفوظ نترجى فيها “حرية الإبداع” التي يستبسل كل مبدع ليحصل عليها كاملة كي يمنح خياله طاقة الخلق وفرصة الابتكار بعيدا عن قيود السلطة والمجتمع في إطار يحترم القانون ويقدس الدستور، ثم كان كتاب “عبقرية علي” للأستاذ عباس محمود العقاد هو ترشيحنا التالي، ثم كتاب “محمد والمسيح.. معاً على الطريق” للأستاذ خالد محمد خالد، الذي كان منطلقنا للحوار بين الأديان ومعها عبر الإبحار في الفكرة الرئيسية التي أستند عليها الكتاب، وهي الحديث الشريف: “الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ”.

شجعتنا مرونة الحوار والتعاون الحماس بين شركائنا في تنظيم فعالية الصالون الثقافي من أعضاء الجمعية المصرية لنشر الثقافة والمعرفة العلمية ESDUCK، وشجعنا المناخ المستقر الذي ننعم به في وطننا الغالي مصر والذي حققته القيادة الحكيمة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومعه جيش مصر القوي وشعبها العظيم، على أن نستمر في أحلامنا بمستقبل أفضل لبلادنا، وأن نسهم ولو بقدر بسيط في العطاء الوطني عبر العمل الثقافي التنويري لتحقيق هذا الحلم، وجاء إعلان الدكتور حسام بدراوي عبر حسابه الرسمي على موقع  “الفيس بوك” عن عودة قريبة للصالون الثقافي (الأونلاين) لجمعية نشر المعرفة، تأكيداً على هذا الهدف وتحقيقاً للعطاء المنشود.