آيات نكاح الزانية والمشركة فى كارتون للأطفال
إيهاب التركى ( نقلاً عن جريدة المقال)
كيف يشرح الأباء لابنائهم آيات النكاح والزنا؟ أم يطلبون منهم حفظها دون فهم؟
متى تضع الفضائيات تنويهات قبل عرض حلقات تحتوى على عنف وتعاطى مخدرات؟
نصيب الأطفال من الاهتمام الدرامى الرمضانى قليل، لم يقدم مسلسل الكرتون «بكار» جديداً فى حلقاته التى انتهت فى منتصف رمضان اللهم الا حكاية أيباد حسونة صديق بكار ولعبة Subway لزوم المعاصرة، أما نصيب الأطفال من حماية من مشاهدة مواد غير ملائمة على شاشة التليفزيون منعدم، سوق الفضائيات مفتوح، العائلة تشاهد الأعمال المعروضة على الشاشة دون تمييز، والطفل مثله مثل الكبير يتعرض لمشاهد العنف والقتل وتعاطى المخدرات والشتائم والتحرش والايحاءات الجنسية دون تمييز وتصنيف، وبلا اهتمام من أحد أو ادراك لأثرها على سلوكيات الصغار فى مرحلة حساسة من عمرهم، وفى العادة الأصوات التى تعترض على مثل تلك الأمور تتطرف وتذهب فى اتجاه المنع والحذف والالغاء، لان هذا هو الأسهل وتلك حدود خيالهم، وللأسف يترك المبدعون أعمالهم فريسة لمثل هؤلاء الموتورين المتشددين، ولا يبادرون بميثاق شرف مشترك يضمن عرض أعمالهم، وفى نفس الوقت ضمان وصولها للمشاهد البالغ اذا تضمنت مشاهد غير ملائمة للصغار.
لا يحب منع المُبدع من تقديم أفكاره بأى صورة يراها، لا يجب محاصرة الابداع تحت أى مظلة رقابية أو مؤسسة تضع نفسها حارسة على الأخلاق، الفن ليس مجموعة حكم ومواعظ، هو انعكاس يستلهم الواقع ويعيد صياغته بلغة العمل الفنى ومنه الدراما، يخاطب الفن الوجدان والمشاعر ويتوجه نحو الانسان. القوانين الرقابية المختلة تتحكم فى الدراما فتمنع مثلاً الشتائم والمشاهد الحميمية، ولكنها لا تتوقف كثيراً أمام مشاهد العنف وتعاطى المخدرات.
حتى فى الأعمال الموجهة للأطفال هناك قدر من عدم التوفيق أحياناً فى اختيار المادة التربوية المراد توصيلها للطفل، فى كرتون «قصص الآيات فى القرآن» الذى أخرجه مصطفى الفرماوى، ويقوم بالأداء الصوتى به الفنان يحى الفخرانى ويكتبه محمد بهجت نشاهد مجموعة من القصص على هيئة حواديت يحكيها القاضى لأحفاده الأطفال الصغار، وعلى مدى ثلاث حلقات يحكى القاضى قصة واحد من المسلمين الأوائل اسمه «مرثد بن أبى مرثد»، وكان يحب بغى مشركة من مكة اسمها عناق، ورغب فى الزواج منها فسأل الرسول هل يتزوجها؟ ولم يرد عليه الرسول الكريم حتى نزل قوله تعالى فى سورة النور: ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) وهذه هى السورة التى ينهى بها القاضى حكايته لحفيده وحفيدته حيث يؤكد له كلاهما انهما حفظاها تماماً، والسؤال هنا هل فهماها؟ وهل هدف الحلقة تعليم الأطفال الصغار معنى الزنا والنكاح؟ وما هو الفرق بينهما؟ وهل هذا ملائم فى كرتون موجه لاطفال غير بالغين؟ وكيف سيتصرف والدان حينما يسألهما صغارهما عن معنى «بغى» و«نكاح» و«زنا»؟ غالباً سيطلبون منهم حفظ الآية دون فهم، وهكذا يكون الكرتون اللطيف الذى بُذل فيه مجهود كبير على المستوى الفنى جاء بعكس هدفه.
لست مع الدعاوى المزايدة على مسلسل «تحت السيطرة» أو غيره من المسلسلات لتقديم مشاهد تعاطى المخدرات ضمن أحداثه، وهو أمر طبيعى فى عمل يتناول الادمان وأثاره على شخصيات المسلسل، وكاتبة المسلسل مريم نعوم تعاملت مع القضية بجدية وواقعية، ولم تبتذلها لتقديم دراما مثيرة فى عالم المخدرات، ولكن على جانب أخر يجب أن يكون هناك حل لوضع تنويهات عائلية قبل مشاهدة حلقات المسلسل للمشاهد، وينطبق هذا على كثير من الأعمال الدرامية التى تحتوى جرعة عنف غير ملائمة لمشاهدة الصغار، فى مسلسل «العهد» قدر مكثف من جرائم القتل المروعة بعضها جرائم قتل امرأة لامها وجدتها وأشقائها بدم بارد، وهذا جزء من جرائم قتل كثيرة تحتوى عليها الحلقات، بالاضافة الى جمل حوارية غير ملائمة للصغار.
يحب أن يتوازى دعم حرية الابداع والدراما فى التعبير عن الواقع مع حماية الأطفال من التعرض لجرعات من العنف والجريمة ومشاهد التدخين وتعاطى المخدرات، وبما أن البث الفضائى المفتوح لا يتيح للمشاهد التحكم عن طريق جهاز العرض فيما يلائم مشاهدته بالنسبة للاطفال، فعلى الأقل يجب الزام الفضائيات بوضع تنبيهات قبل عرض كل حلقة كحل وسط للتصنيف العمرى، وهو أمر قد يحد من مشاهدة الصغار لمواد درامية قد تصنع أثر عكسى، مسلسل مثل «تحت السيطرة» غير ملائم لمشاهدة الصغار، وللأسف حلقات كرتون أطفال تتحدث عن آيات الزنا والنكاح أيضاً غير ملائمة لتلاميذ فى المرحلة الابتدائية.