مسلسل “الضوء الشارد” عرض لأول مرة عام 1998، وحقق نجاحا ساحقا وقتها، لا يزال صداه يتردد حتى الآن، بدءا من موسيقى التتر للعظيم ياسر عبد الرحمن، وانتهاء بأحداث المسلسل والقصة وأداء الأبطال.. الجميع يتذكر رفيع بيه وفرحة وفارس ووهبي السوالمي ورئيسة وعم غزال والدكتور فيصل ونفيسة وكل أفراد المسلسل وما حدث معهم وعنهم وما فعلوه في حق أنفسهم وفي حق غيرهم.
يعاد عرض المسلسل أكثر من مرة في كل عام، وفي كل مرة يبدأ جيل جديد في متابعته، فمن ولدوا في نفس العام الذي عرض فيه، أصبحوا الآن في عمر الـ 22، جيل جديد متطور أفكاره مختلفة، خلق من رحم السوشيال ميديا ونقدها اللحظي اللاذع الحاد كثيف الانتشار كبير الأثر.
الجيل الذي شاهد المسلسل في 98 وما تلاه من سنوات عديدة يرى فرحة “منى زكي” الفتاة الطيبة البريئة التي أحبت وتحدت الصعاب حتى تصل لمحبوبها “فارس”، لكن منعها منه القدر سريعا، ليربطها بأسرته أبد العمر بسبب جنين في أحشائها وُلد بعد وفاة أبيه، فتبدأ رحلتها في صعيد مصر في مجتمع مختلف، ومع أسرة لديها طباع مختلفة، لكنها في النهاية الموطن الحقيقي لولدها الرضيع.
العنصر الأهم أنه تبدأ رحلتها بالخلاف مع رفيع بيه “ممدوح عبد العليم”، وتنتهي بقصة حب تجمعهما سويا.. فيسعد الجمهور بالنهاية السعيدة للمسلسل، لكن الأمر يكون على خلاف ذلك مع جيل السوشيال الميديا، فمؤخرا تم تداول العديد من المنشورات التي تؤكد أن “فرحة” بالنسبة لهم ليست الفتاة البريئة الطيبة، بل “خطافة رجالة” خطفت رفيع بيه من زوجته نفيسة “رانيا فريد شوقي”، و”مسهوكة” ففتحت المجال للدكتور فيصل “أحمد سلامة” ليعجب بها، وجعلت حماتها “سميحة أيوب” تنحاز لها دوما.. بينما نفيسة فتاة أحلامها بسيطة، ومع ذلك لم تظفر بـ”فارس” الذي أحبته بسبب فرحة، ولما تزوجت رفيع بيه لم يحبها وكان قلبه لفرحة أيضا!
جيل السوشيال الميديا قلب الموازين وأطلق على فرحة لقب “فرحة الصفرا”، كما يرى نفيسة مظلومة ورفيع بيه متعالي وتسبب في ظلمها لزواجه منها رغم عدم رغبته فيها، ووهبي السوالمي “جدع” لأنه يرد حق أسرته من غرور العزايزة، وعم غزال ملوش شخصية، وفارس ساذج، ورئيسة تستحق التعاطف… وللإنصاف هذا ليس رأي الجميع، لكن قطاع كبير منهم، المهم أن الاختلاف في حد ذاته دليل نجاح للمسلسل، لأن الفن الجيد تزداد قيمته مع مرور الوقت، مهما تغيرت الثقافات من حوله، ونجاح منى زكي في تقديم شخصية “فرحة” بهذا الشكل، واختلاف الجمهور حولها حتى بعد 22 عاما على تقديمها يؤكد ذلك، بل ويثبت أن الفنان وأعماله وجهان لعملة واحدة، تزيد قيمتها مع كل عمل جيد بمرور الزمن وليس العكس.
العنصر الأهم في هذا الأمر كله، هو أهمية الالتفات لمعايير جيل السوشيال الميديا في متابعة الأحداث ومبررات الأبطال وتحليل النهايات، الجيل الذي يبدو أنه أكثر انفتاحا واستيعابا من جيل الأباء، جيل يغير الثوابت ويتعامل بالمنطق والسخرية أكثر من العاطفة والجدية.. فهل يغير ذلك من طريقة تناول الأعمال الفنية في الفترة المقبلة لتتناسب مع كل الأجيال اللاحقة؟!.. نأمل ذلك.