نقلاً عن جريدة الشباب
في 30 سبتمبر الماضي أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارا جمهوريا، بتشكيل ثانى المجالس التخصصية التابعة لرئاسة الجمهورية وهو المجلس التخصصي لتنمية المجتمع، ويضم المجلس ثمانية عشر عضوا، وبلغت فيه نسبة تمثيل المرأة والشباب أكثر من 50%، ويتألف من عدد من الخبراء والأساتذة والطاقات الشبابية في مختلف المجالات المجتمعية المعنية بالعمارة والتخطيط العمراني والحضاري، والفكر والأدب والعلوم الاجتماعية والثقافة والإعلام.
رئاسة الجمهورية وقتها أصدرت بيانا قالت فيه إن مهمة المجلس معالجة الظواهر الاجتماعية السلبية مثل ظاهرة أطفال الشوارع والتحرش ومكافحة الأفكار المتطرفة والهدامة، فضلا عن أهمية تجديد الخطاب الديني وتصويبه، وكذا الاهتمام بالطب الوقائي والصحة العامة.
الرئيس في أول اجتماع مع المجلس عقب تشكيله أكد على أهمية ومحورية عمله في هذه المرحلة الفارقة التي تمر بها المنطقة بأكملها، والمهمة الجسيمة الملقاة على عاتق أعضائه للحفاظ على التوافق المجتمعي وتعزيزه، فضلاً عن أهمية وضع استراتيجية متكاملة تتضمن الأولويات وآليات التنفيذ وسبل توفير التمويل، كما أشار إلى أهمية تفعيل دور الثقافة للنهوض بالمجتمع، اعتمادًا على كافة وسائل العرض والإيضاح، ومن بينها وسائل الإعلام.
لاشك أن تلاحظ هنا أن من أهم مهام المجلس هي مواجهة التطرف الذي يعتمد عليه الإرهاب في محاربة الدولة وحينما يذكر الإرهاب تكون سيناء حاضرة لأنها أكثر مكان عانى من ويعاني يوميا من شر هذا الإرهاب، إذن فمن أهم وأخطر مهام المجلس الرئاسي لتنمية المجتمعة هي مواجهة الإرهاب في سيناء.
ولأن الرئيس نفسه كان يدرك أن هذا هو أهم دور للمجلس، فقد كلفه في شهر نوفمبر الماضي وعقب جريمة كمين كرم القواديس الإرهابية بالاجتماع مع أهالي سيناء وبحث كيفية مواجهة التطرف والإرهاب ووضع استراتيجية متكاملة لتنمية المجتمع السيناوي بما يحقق حصول أهالي سيناء على حقوقهم والرعاية الكاملة لهم وقطع الطريق على أي محاولات للمتطرفين لاستقطابهم.
وقد اجتمع المجلس بأهالي سيناء وخرج علينا وقتها بما يسمى بمشروع مدينة رفح الجديدة بعد إقناع الأهالي بإخلاء الشريط الحدودي الملاصق لقطاع غزة من أجل هدم أنفاق تهريب الأسلحة وتسلسل الإرهابيين إلى شمال سيناء.
الرئيس رحب بفكرة مشروع مدينة رفح الجديدة وكلف الأجهزة المعنية بدراسة أنشاؤه بعد وضع التصور الخاص به من جانب مجلس تنمية المجتمع.
ومنذ هذا التاريخ أي منذ أكثر من 7 أشهر ونحن لا نسمع أي جديد عن ما فعله مجلس تنمية المجتمع التابع للرئاسة بشأن مشروع مدينة رفح الجديدة ولا تصوره واستراتيجيته لمواجهة التطرف والإرهاب هناك، خاصة أن الإرهاب لا يمكن معالجته ومواجهته امنيا فقط بل بالفكر والتنمية.
ومع الأحداث الإرهابية الكبيرة التي تعرضت لها سيناء مؤخرا والتي قامت فيها القوات المسلحة بواجبها على أكمل وجه كان لزاما أن نسأل عن مجلس تنمية المجتمع التابع للرئاسة وما فعله في هذا الملف الخطير.
بالبحث علمت أن مجلس تنمية المجتمع لم يفعل أي جديد بشأن محاربة الإرهاب والتطرف في سيناء منذ أن اقترح مشروع مدينة رفح الجديدة الذي لا نعرف تفاصيله حتى الآن ولم يتم فيه أي شيء.
توجهت بالسؤال للدكتور شريف أبو النجا رئيس المجلس الرئاسي لتنمية المجتمع، فأجاب بأنه لم يتم تكليف المجلس بأي شيء مؤخرا عن محاربة الإرهاب في سيناء وأنهم ينتظرون التكليفات.
لاحظ أن الخبراء ينتظرون التكليفات وكأنه مجلس موظفين وليس خبراء، كأنه مجلس متلقي لا مجلس منتج ومصدر للفكر والخطط.
أبو النجا أوضح أيضا أنهم كانوا بصدد إعداد مائدة إفطار بالقاهرة تضم ممثلين عن أهالي وقبائل سيناء للتواصل معهم وكذلك تنظيم معرض للمنتجات اليدوية السيناوية ولكن الظروف الأمنية لم تسمح.
هكذا يفكر الخبراء الذين اختارهم الرئيس لمحاربة الإرهاب والتطرف بالفكر والتنمية والتفكير خارج الصندوق، فإذا بهم يعيشون في عمق الصندوق ويتصورون أن الأفكار البالية من قبيل حفل إفطار ومعرض سلع سينجح في مواجهة حروب الجيل الرابع كما اسماها الرئيس.
الدكتورة عبير عبد المحسن ،عضو المجلس الرئاسي لتنمية المجتمع، حاولت تبرير ذلك بأن المواجهة الآن أمنية صرف، وأن دور المجلس سيظهر المدى الطويل، ونظرا للأحداث لم يكن للمجلس دور في لحظتها، فهو دور القوات المسلحة، بينما دور المجلس سيتضح بعد ذلك، “وإحنا معملناش حاجة الفترة اللي فاتت ولسه هنشوف”.
وأضافت أن المجلس يأخذ على عاتقه مهمة التنسيق بين الجهات المختلفة حتى تأخذ التنمية شكل أكثر فعالية في مصر كلها، لأن دور المجلس ليس قاصرا على التنمية في سيناء ولكن مساعدة كل إنسان مصري عادي على دعم مصر، ولو كان هذا الدعم بدعم الجيش والوقوف ورائه والترابط والحب، لأن هذا ليس وقت الآراء المختلفة.
وأكملت: مهما اختلفنا لابد من التوافق على أمر محدد أن هذه بلدنا كلنا، وأمن مصر يحتاجنا، فالمحافظة على أمن مصر تكون بالشعور الايجابي والطيب، لأن العدو الآن لا يأتي من مكان معين ولا يقوم بإعلان الحرب مثلما كان يحدث قديما ، فنحن حاليا في حروب الجيل الرابع، والمجند في الجيش يقوم بدوره، والشعب له دور وهو أن يؤدي كل شخص دوره بأمانة، ونعمل على التراحم ونشعر بوطنيتنا.
وختمت عضو المجلس الرئاسي: شعرت بالفرح حينما قرأت إحصائية عن أن عدد مستخدمي الفيسبوك الذين وضعوا صورة الرئيس السيسي بالزي العسكري كصورة شخصية لهم على صفحاتهم فاقت 400 ألف مستخدم وهذا معناه أننا شعب شاعر بخطورة الوضع من تلقاء نفسه.
بعد كل هذا لا نحتاج أن نسأل لماذا وصل الحال في سيناء إلى ذلك الوضع الذي نعول فيه فقط على الأمن والجيش، وحينما يتم اختيار خبراء لأداء مهمة أخطر وأهم من مهمة الأمن والجيش وهي محاربة الفكر، فنكتشف أنه لا جديد بل يعود القديم بشكل أسوأ.