محمود طارق
لم تكن حلقة “بلا حدود” التي قدمها الاعلامي أحمد منصور على قناة “الجزيرة مساء أمس سوى تعبير واضح عن أنه تحول من إعلامي يحاول معرفة المعلومات والكشف عن الحقائق إلي رجل مخابرات يقوم باستجواب متهم حكم عليه بأحكام مسبقة حتى قبل الحديث معه.
استضاف منصور في البرنامج العقيد طيار علي عبود وهو أكبر ضابط سوري تقوم جبهة النصرة والتي تسيطر على مساحات من الاراضي السورية بأسره بعد سقوط طائرته خلال غارة جوية قام بتنفيذها، بينما استبق منصور مقدمة حلقته بعبارة “تم اجراء المقابلة بموافقة كاملة من العقيد طيار علي عبود والجهة التي تحتجزه…الجزيرة لا يمكنها التحقق إذ ما تمت الموافقة دون شرط أو تحت الضغط ولكن تؤكد أنه لم يكن هناك أي محاولة للتأثير أو التقييد أو الضغوط أثناء المقابلة”.
اللافت أن “الجزيرة” التي يطل من خلالها وتحمل شعار الرأي والرأي الاخر، لم يتحدث فيها الاعلامي المصري بنفس معايير الشعار الذي تحمله قناته، فوصف الاراضي التي حصلت عليها جبهة النصرة السلفية بأنها أراضي محررة وظل طوال المقابلة التي استمرت نحو 50 دقيقة يحاول الحصول على معلومات عسكرية عن طبيعة تحركات قوات الجيش النظامي السوري بالإضافة إلي انتقاده استحدام القوة في القصف، دون أن يشير ولو لمرة واحدة إلي أن من العمليات التي نفذتها الجبهة وقتلت مدنين سوريين باعتبار أن قاتل المدنيين الوحيد هو الجيش السوري النظامي.
لم يكن العقيد السوري يتحدث كثيراً، كانت الاسئلة والأجوبة تقريباً من منصور ذاته الذي سعى لاستخراج أجوبة محددة وفي اتجاه محدد، بينما حرص على الخروج بمعلومات عسكرية في الجانب الأكبر من حواره دون التركيز على الجانب الانساني لحياة الضابط الأسير الذي ظهر أنه يتحدث باقتضاب وتحت تأثير ضغوط واحدة أمام الشاشة، مكتفياً بسؤال عن الاحوال منذ الأسر وهل كانت معاملته طيبة أم لا.
سجل منصور في حلقة البرنامج سقطة إعلامية كبيرة ليس فقط لتعاونه مع جماعات يصنفها العالم باعتبارها إرهابية والتواصل معها بل والسفر إليها لتسجيل اللقاء التليفزيوني ولكن لقيامه باستخدام الضعف الواضح للضابط السوري والضغوط التي تعرض لها من أجل إظهاره في صورة الشخص النادم على ما قام به في رسالة تحمل دلالات متعددة للضباط السوريين الموجودين في الخدمة، وتقصر الصراع بين العلويين وهي الطائفة التي ينتمي اليها الرئيس السوري وباقي الشعب السوري وهو ما يعبر عن نفس موقف النظام القطري من نظام الاسد.