محمد إسماعيل الحلواني
القاعدة الذهبية لوسائل التواصل الاجتماعي هي أن تتحدث عما يجيش في صدرك، ولكن عليك أن تفعل ذلك على انفراد، ويقول “جيمس جريج”، في تقرير نشرته صحيفة “ذي جارديان” البريطانية إنه من الصعب مقاومة الرغبة في التنفيس عند التحدث مع الآخرين، ولكن النصيحة التي يركز عليها خبراء السوشيال ميديا منذ بدأت جائحة كورونا هي: “أن تفعل ذلك دون إيذاء أي شخص”.
هل نفتقد زمن النميمة؟
يستجيب الكثيرون منا للملل الناتج عن العزل الذاتي والعمل من المنزل عن طريق تحويل قطهم الأليف إلى خصم في مكان العمل، ويتمتمون غضبًا من سلوكه في الجانب الآخر من الغرفة. ويعتقد “جيمس جريج” إن الدافع لاختراع الأعداء هو دافع غريزي قوي خاصة بعد أن تقلصت المناسبات الاجتماعية وبالتالي أصبح معظمنا يفتقدون “جلسات النميمة” التي كانت تمنحنا الفرصة لهذا التنفيس، ما ترك مجالا لطاقة سلبية قاتمة تدور حولها وعليها أن تجد منفذًا في مكان ما.
نتائج تقلص فرص التنفيس.. غرف الدردشات تقدم بدائل للنميمة
في الغالب، اتخذت الطاقة السلبية القاتمة شكل عدم الرضا تجاه الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى تويتر، بصفة خاصة، أصبحت هناك ميزة جديدة تسمح لك بمعرفة ما إذا كان قد تمت إعادة نشر تغريداتك بواسطة حساب آخر، وفي بعض الحالات سمحت هذه الميزة لأشخاص بممارسات قد تصنف على أنها من مظاهر “جنون العظمة”.
ينتشر بين المستخدمين الآن في الدردشات الخاصة، مثل تلك التي تم تمكينها بواسطة واتسآب، التقاط لقطات شاشة لآراء غبية وتصريحات وعبارات محرجة وإرسالها إلى الأصدقاء من أجل السخرية. ويعلق “جريج” بالقول إنها ممارسة قديمة قدم الزمن نفسه، ويقول: “لكنني فكرت في ذلك مؤخرًا من جديد. وقد يكون شيئًا صحيًا واجتماعيًا أكثر مما نعتقد”.
وينصح جريج: “إذا كانت لديك مشكلة مع شخص ما، قيل لنا في الماضي، يجب أن تخبره في وجهه. وبالتأكيد قد يكون هذا صحيحًا إذا كان شخصًا تعرفه جيدًا، ولكن ربما نحتاج إلى تبني فكرة أن التذمر والسخرية بدلاً من المواجهات الساخنة وجهًا لوجه هي طريقة مثالية للتنفيس عن الحماس وأن اختيار السخرية من شخص ما في غرف الدردشة، على انفراد، وتجنب المعارك التي لا طائل منها هو عمل من أعمال الرحمة.
ويعقب “جيج”: “لقد أدركت أن ما يقوله الناس عني على انفراد لا شأن لي به، لذا، إلى أي شخص سخر مني في أي وقت مضى في دردشة جماعية، أشكرك على مراعاة مشاعري والسخرية مني دون أن أسمع منك ما يؤذيني”.
ولكن ماذا عن فكرة أن التذمر والسخرية ضارة بك بشكل عام؟
لا شك أن السخرية من شخص ما أو من علامة تجارية ما عبر الإنترنت من الممكن أن تجعل بعض المستخدمين يكرهون ذلك الشخص أو تلك العلامة التجارية حتى دون أن يعرفوهم حقًا، فالسخرية تنجح عادةً في التشجيع على نوع من التحيز القائم على أدلة محدودة.
ولكن من الممكن الفصل بين عدم الإعجاب بشخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي وعدم الإعجاب به شخصيًا.
في العالم الافتراضي.. عليك بمبدأ “دعه يعمل.. دعه يمر”
إن مدرسة “قلها على وجهي” لديها شيء واحد صحيح: إذا كانت لديك مشكلة حقيقية مع شخص ما، فإن أفضل مسار هو التعامل معه مباشرةً وإبلاغه بما يسيئك. ولكن إذا كانت مشكلتك الوحيدة هي أنك تجد ما ينشره شخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي محرجًا، فإن إخباره بذلك سيكون غريبًا عندما تكتب تعليقًا كالتالي: “مرحبًا، اعتقد أنني يجب أن أخبرك أن ما نشرته سابقًا يبدو مثيرًا للاشمئزاز، وعلى أي حال، أتمنى أن تكون بخير!”
ويمضي “جريج” في نصائحه قائلاً: “يجب أن نكون أكثر قبولًا لفكرة أنه لا بأس من كره شخص ما، ليس لأنك قررت أنه يمثل مشكلة عميقة، ولكن ببساطة لأنك تجده مزعجًا، أو حتى لأنك تشعر بالغيرة منه، فإذا كنا أكثر صدقًا بشأن دوافعنا، فسنكون أكثر ميلاً لاختيار الخيار اللطيف – الاستهزاء بشخص ما والسخرية مما ينشره ولكن على انفراد – بدلاً من التنديد به في منشورات عامة، وبدلاً من محاولة إقناع نفسك بأنك تقود حملة أخلاقية أو تريد فرض قناعاتك على الآخرين، فاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي اليوم يتزامن مع شعور بالمراقبة المستمرة”.