فادي عاكوم
شهد اليوم الأخير من مهرجان القاهرة الدولي للسينما بدورته الـ42 استضافة الفيلم اللبناني Society- TV) عالم التلفزيون (، الذي كان من المفترض وحسب ما اعلن، أن يناقش كواليس صناعة برامج الواقع وخلقياتها وصراع المحطات الفضائية للاستحواذ على هذه النوعية من البرامج، للحصول على نسبة المشاهدات العالية التي تؤمن بدورها التمويل من رعاة محتملين واعلانات وخلافه.
الفيلم الذي تم عرضه خارج برنامج المسابقة كان من الافضل ألا يدخل المهرجان من الأساس، فالتوصيف الدقيق له يخرج من إطار الفيلم السينمائي إلى توصيف الترويج لأحد البرامج التلفزيونة المعروض سابقا على إحدى الشاشات اللبنانية الفضائية، أو فيلم وثائقي لحالة الجدل التي رافقت البرنامج المذكور، والذي بالمناسبة يحمل نفس عنوان البرنامج الذي يتمحور حوله الفيلم وهو “Take me out نقشت” والذي عرض على شاشة الفضائية اللبنانية “ال بي سي سات” في العام 2017، أي أن فكرة الفيلم ليست بجديدة على الإطلاق، بل هي مجرد استنساخ للبرنامج ودفاع المحطة الذي عرضته عن نفسها وعن البرنامج نفسه.
ركز صناع العمل على الإيحاءات الجنسية اللفظية، التي وصلت إلى الشتائم بشكل مفرط جدا، كان بالإمكان التخلص من معظمها، خصوصًا أن غالبية الحوارات تدور بين أفراد عائلة واحدة أو بين رجل (بطل الفيلم ومؤلفه) وزوجته، بالإضافة إلى التركيز على رموز دينية للإفلات من الانتقادات، وتوصيل رسالة بأن جميع المكونات اللبنانية رفضت البرنامج المذكور، والسؤال هنا كيف تدافع عن حرية الاعلام وحرية التعبير والرأي وأنت اساسًا أسير الدوائر الطائفية الضيقة وتراعيها بشكل فاضح كما ورد بالعمل؟.
أما السيناريو والحوار فحدث ولا حرج، فالضعف هو السمة العظمى ولولا وجود الكاتبة والمخرجة والممثلة بتي توتل، التي عوضت بوجودها وقدراتها بعض الشيئ لكان العمل أقل من خط الضعف حوارياً، حتى إن مسار الأحداث وتصرفات البطل (المؤلف) ضعيف أيضًا، فمن ناحية يتم إبرازه كشخص لديه رؤية وقضية يدافع عنها وفي نفس الوقت يأتي بصديقة عند زوجته للاعتذار منها، علمًا بأن نقاشه مع زوجته الذي أدى إلى ذهابها عند أهلها كانت الصديقة مجرد نقطة في بحر من النقاط الخلافية بينهما، خصوصا أنه سخف عملها كراقصة تعبيرية بينما هو يدافع عن عمل فني، وقد يكون هذا الامر مقصودًا للدلالة على أنه شخص مهزوز غير متزن، لكنه غير متطابق مع العمل وأحداثة وقضيته الأساسية، فمن يدافع عن عمل فني لا يسخف عمل اخر.
كما أن الفيلم يسيئ بعض الشيء للإعلاميين والعاملين في قطاع الإعلام، فقيام البطل “فؤاد” بإقناع غريمته الصحافية التي تقدم برنامجا من المفترض أنه مباشر بأنه سيطل عبر برنامجها ليعتذر إلا أنه يقوم بالإعلان عن الموسم الثاني لبرنامجه، وبالتالي فإن العلاقة بين الإعلاميين ورغم بعض الشوائب إلا انها ليست بهذا السوء على الإطلاق، ليس في لبنان فقط، بل في معظم دول المنطقة، كما أن عدم نقل القناة للحوار مباشرة على الهواء رغم الاتفاق على المباشر يعد مسالة غير قابلة للتصديق على الإطلاق، فلم تحدث من قبل ولن تحدث.
من الناحية الإنتاجية، فإن الإنتاج ضعيف جدًا، ويبدو ذلك من خلال مواقع التصوير الضعيفة والتي ارتكزت بشكل اساسي على لقطات من مرحلة إنشاء البرنامج ولقطات منه ألتقطت من على شاشة الفضائية التي عرضته، بالإضافة إلى مواقع اخرى قليلة لا تتمتع بجمالية أو لقطات لافتة، أي ان الامر يتلاقى مع طريقة تصوير الوثائقيات من خلال الاهتمام بالتصوير نفسه، مع الاستعانة بالمواد التسجيلية لتأكيد الطرح.
وفي إطار الإنتاج أيضا، برزت عدة لقطات في الفيلم ركزت على بعض أنواع المكسرات والسكاكر والمشروبات بطريقة إعلانية بدائية مبتذلة تؤكد وتكشف هوية الرعاة، حتى يخيل للمشاهد بأن بعض اللقطات هي فاصل إعلاني قطع أحد البرامج التلفزيونية، كما أن ظهور القناة الفضائية اللبنانية في هذا العمل وإبراز بعض مقدمي برامجها ومذيعيها من خلال لقطات حقيقية والتركيز على “لوغو” القناة يكشف دفاع المحطة عن البرنامج والترويج لموسم جديد منه قريبًا، وما لا يفهم باخر دقائق الفيلم عرض لقطات لمذيعة النشرة الجوية في القناة والتي لا معنى لها على الإطلاق ولطلتها، إلا بمحاولة إظهارها على الشاشة والتعويض عن نواقص الفيلم وتامين رايتينج إضافي من خلالها .