محمد إسماعيل الحلواني
خلال الأشهر القليلة الماضية بشكل عام، وخلال اليومين الماضيين بصفة خاصة، أثبتت وسائل التواصل الاجتماعي أن لها دورًا مهمًا في حماية المجتمع. وشكلت مؤخرًا ذراعًا قويًا في مكافحة التحرش الجنسي.
يمكننا أن نرى القليل من التغيير فيما يتعلق بآراء الجمهور التقليدية على وسائل التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بهذا الموضوع الحيوي والرد التقليدي الذي يلقي باللوم دائمًا على الفتيات ولبسهن. ولكن إلقاء نظرة على كيفية استخدام الشباب لوسائل التواصل الاجتماعي لمحاربة هذا السلوك القبيح سيقودنا إلى أن هناك تغيير كبير في نتائج جهود التصدي للمتحرشين التي بدأت تؤتي ثمارها بشكل ملحوظ.
هل تعلم أنه في عام 2013، ذكرت هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين أن حوالي 99.3٪ من النساء في مصر يواجهن بعض أشكال العنف الجنسي؟ تعاني النساء في مجتمعنا من التحرش الجنسي طوال حياتهن تقريبًا بغض النظر عن الفئة العمرية ولكن للأسف، بالكاد يتحدثن عن تجربتهن المريرة وفقًا لمجلة Think Marketing.
يظل الحال على ما هو عليه، ويستمر الصمت حتى لحظة محددة عندما بدأت بعض الفتيات في كتابة مشاركاتهن حول تعرضهن بصفة دائمة لهذا السلوك المشين، بدأن جميعًا في التحدث.
منذ هذه اللحظة، استخدمت العديد من الفتيات وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهن. أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة ما ملجأ لفتيات وسيدات تعرضن للتحرش وكان لحديثهن أثر بارز في رفع الوعي بأهمية التصدي لهذا السلوك المنتشر.
بقدر ما كانت بعض الفتيات في الواقع ضحية الرغبة في السكوت لتجنب العار، يمكننا أن نرى أن الكثير من الجمهور من الجنسين ومن الآباء والأمهات والشباب قدموا لهن الدعم.
منذ وقت ليس ببعيد، بدأ إنشاء صفحات لفضح أولئك الذين يتحرشون بالنساء. أصبحت هذه الصفحات شكلاً من أشكال الملاذ الآمن للنساء لتروي قصصهن. كانت هذه هي اللحظة التي أدرك فيها الجميع أن النساء يعانين من مشكلة متفاقمة بالفعل.
على سبيل المثال، انطلقت حسابات شهيرة عبر إنستجرام فساعدت في كشف ما يحدث بالفعل للنساء ووجدت بعض القضايا طريقها من صفحات السوشيال ميديا إلى أروقة النيابة العامة المصرية الحريصة على إقامة العدل وتوقيع العقوبة المستحقة على المتحرشين والعازمة على الأخذ بحق الفتيات وحق المجتمع.
بدأت حسابات السوشيال ميديا بفضح ذكور ارتكبوا جرم التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي على النساء، ويمكننا أن نرى اتخاذ إجراءات حكومية بشأن هؤلاء المجرمين. في وقت لاحق، بدأ الحسابات في زيادة الوعي بالعديد من الموضوعات ذات الصلة. على سبيل المثال، بدأ الحسابات في نشر الوعي حول الاغتصاب الزوجي والابتزاز الجنسي والاعتداء الجنسي على الأطفال. وكان العديد من النساء يشاركن قصصهن فيما يتعلق بهذه الموضوعات.
وهنا يكمن دور حسابات إنستجرام التي انطلقت عبر منصة وسائط اجتماعية رفعت وعي الناس بشأن الموضوعات التي لم يجرؤ أحد على مناقشتها من قبل. وبسبب هذه الحسابات الجادة، انطلقت العديد من المبادرات وبدأت الحكومة في دعم حق الفتيات والنساء في الحياة بدون تحرش.
بسبب هذه الموجة من الوعي وتحدث الفتيات، تم إطلاق تطبيق لمكافحة التحرش الجنسي. عملت كل من سلمى مدحت وأحمد ريحان على إنشاء تطبيق للمساعدة في مكافحة التحرش الجنسي. ويقدم التطبيق الدعم الاجتماعي والنفسي والقانوني لضحايا التحرش.
وللتطبيق العديد من الميزات الهامة مثل:
1- طلب المساعدة حتى تتمكن الضحية من الاتصال بجهة اتصال موثوقة لمساعدتها.
2- تقديم الدعم القانوني حيث يمكن للضحية اختيار محام من بين العديد من الأشخاص الذين يرغبون في المساعدة.
3- الدعم النفسي الذي يسمح لها بالاتصال بمصادر موثوقة لمساعدتها في التغلب على الصدمة التي تعرضت لها.
4- خريطة التحرش، تخبر الفتاة بكل المعلومات عن المكان الذي تتجه إليه بخصوص التحرش.
أحد الأدوار التي قامت بها وسائل التواصل الاجتماعي هو بناء موقف موحد من شخصية سينمائية، فمرة أخرى، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دور الملاذ الأخير، حين لجأت العديد من الفتيات لسرد قصصهن المتعلقة بالتحرش الجنسي. خلال مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أعربت العديد من الفتيات عن غضبهن تجاه مخرج أحد الأفلام، وتابع المهرجان باهتمام ما تردد عن مخرج أحد أفلام المسابقة الدولية، ورغم أن الاتهامات الموجهة للمخرج ليست مؤكدة، ولم يتم التحقق من صحتها حتى الآن، إلا أن المهرجان درءا للشبهات تعهّد بأنه إذا ثبتت أي من الشهادات المقدمة ضده، أو تم التقدم ضده ببلاغات رسمية تشير إلى صحة الواقعة سيتم استبعاد الفيلم من المنافسة في المسابقة الدولية. وحتى يحدث ذلك التزم المهرجان تجاه الفيلم بعرضه في المواعيد المعلنة مسبقا حتى لا تتعرض التجربة وصناعها للظلم، وكذلك احترامًا للجمهور الذي حجز التذكرة.
مرة أخرى، كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي التي تقدم أصوات هؤلاء الفتيات وتطلب المساعدة.
بقدر ما نعلم جميعًا أن وسائل التواصل الاجتماعي لها جانب خطير ومظلم؛ لا يمكن لأحد إنكار مساعدتها في تغيير المجتمع. إذا كنت ستبحث بشكل أعمق، فستجد أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت هذا المجتمع من خلال زيادة الوعي بالعديد من الموضوعات الحيوية.