ظرف أسود .. رسائل الإخطبوط إلى السمكة الصغيرة
محمد سلطان محمود (نقلاً عن جريدة المقال)
مع إقتراب مسلسلات رمضان من حلقاتها الأخيرة، مازال مسلسل “ظرف اسود” يحافظ علي طابع الغموض الذي بدأ منذ اول حلقاته.
المسلسل قد يكون تم تسويقه للقنوات باسم عمرو يوسف، إلا أنه بطولة جماعية لأبطاله الستة ، عمرو يوسف، درة، إنجى المقدم، صلاح عبد الله، محمود البزاوى و محمد ممدوح.
الست شخصيات الرئيسية تربطها علاقات متشابكة، و جميع المواقف التي يتعرض لها أى من الأبطال تؤثر بشكل أو أخر علي شخصيات أخري في العمل.
صراع أشبه بصراع الأسماك، السمكة الصغيرة تؤكل من السمكة الكبيرة، و السمكة الكبيرة تؤكل من الأكبر.
و “الظرف الأسود” هو رسائل تكليف بالقتل ترسل من أكبر الأسماك إلي أصغرها، دون أن يلتقي أحدهم بالأخر.
أكبر أطراف الصراع هو سليم دربالة الذي يؤدي دوره صلاح عبد الله، و هو واحد من أبرز المحامين ، و هو محامى على الجندى وزير الصحة الأسبق و المتهم في قضية إتجار بالأعضاء.
أما الطرف الأصغر في سلسلة الصراع، فهو يوسف ،محاسب أمضي عقوبته في السجن بعد قيامه بالتوقيع علي كمبيالات لأحد المقاولين .
ما بين سليم و يوسف عدة علاقات غير مباشرة، خيوط متشابكة تقود شخصيات العمل لتكون مصائرهم مرتبطة ببعضها بشكل غير مباشر.
كل تلك الخيوط يربطها و يحركها بشكل أو أخر سليم دربالة، فهو السمكة الأكبر في ذلك الصراع، يبدو كإخطبوط متعدد الأذرع يحرك جميع الأحداث من خلف الستار، مصائر جميع الأبطال تتغير بناء علي تحركاته الخفية، يدرك ان الجميع أدوات و لهم ملفات يستطيع إدانتهم بها عدا هو، فهو يعتبر نفسه الأرشيف الذي يجمع الملفات كلها.
يظن سليم أنه يتحكم في يوسف عن بعد، حتى يكتشف فجأة أن كل ما طلبه منه، قام بتنفيذه أخرين، فتبدأ اللعبة في التحول، بعدما شعر سليم درباله بخداع يوسف له.
تلك الحبكة الدرامية الرائعة المليئة بالتفاصيل الدقيقة التي كتبها أيمن مدحت و أخرجها أحمد مدحت، تجعل من الصعب علي من فاته جزء من إحدى الحلقات متابعة و إستدراك ما فاته، إما أن تشاهد جميع الأحداث، أو تفقد العديد من المعلومات التي تجعل من متابعتك للمسلسل مشوشة، و ربما يكون ذلك ما أدى إلي عدم تصدر المسلسل لنسب المشاهدة و إهتمامات المشاهدين في رمضان، في ظل المنافسة القوية للمسلسلات.
أبطال العمل تألقوا في أدوارهم، خاصة الثلاثي صلاح عبد الله، محمود البزاوى و محمد ممدوح، و أخرجوا طاقات تمثيلية رائعة تناسبت مع تعقيد شخصياتهم متعددة الوجوه، أدوار مركبة أدوها ببراعة تضيف إلي رصيدهم الفنى.
درة أثبتت نجاحات سابقة، لكن دور سعاد لم يمنحها المساحة الكافية لتقديم شيء جديد مقارنة بما قدمته من قبل، و إن كان وجودها بالعمل إضافة قوية له، و قوة العمل إضافة جيدة لقائمة أعمالها الناجحة.
أما إنجى المقدم فتسير بخطي ثابتة نحو أدوار البطولة مع إستمرار مرحلة النضج الفني الذي تعيشه منذ إتجاهها إلي التمثيل في السنوات القليلة الماضية.
عمرو يوسف مازال يحاول الهرب من أى أدوار يعتمد فيها علي ملامحه، و يختار دور الرجل المقهور الذي أجبرته ظروف خارجة عن إرادته أن يتحول إلي مجرم للعام الثاني علي التوالي بعد مسلسل “عد تنازلي”، و هو تكرار قد لا يفيده في حال إستمراره في اداء نفس النمط، و له مثال في ذلك، أمير كرارة و محمود عبدالمغني شركاءه في رحلة الصعود إلي أدوار البطولة .
الموسيقي التصويرية لمصطفي حلوانى اضفت طابع الإثارة و الغموض علي المسلسل منذ تتر البداية، و هو ماتناسب مع السيناريو محكم التعقيد الذي كتبه أيمن مدحت في أول أعماله، المخرج أحمد مدحت يواصل النجاح في مسلسلات الإثارة و الغموض بعد النجاح الكبير لمسلسل “الصياد” في رمضان الماضي.
ظرف أسود مسلسل جيد المستوي فنيًا و إنتاجيًا ، و بالتأكيد سيلاقي النجاح الذي يستحقه لدى المشاهدين عند إعادة عرضه بعد شهر رمضان.