منة المصري
لم يكن يعلم صناع مسلسل “هذا المساء” أن متابعا كان يشعر بالضجر والملل في واحدة من ليالي الشتاء الباردة المتكررة سيقوم باسترجاع أحد المشاهد ورفعه من جديد علي الفيسبوك فيتصدر المسلسل الترند ويصبح حديث رواد الإنترنت ومادة خصبة للسخرية والتنكيت.
هذا ما يحدث دوما.. يقرر أحدهم أن ينشر صورة أو فيديو ربما علي صفحته الشخصية التي يتابعها الآلاف فتأتيه ضربة الحظ لتحظي بعدد لا بأس به من المشاركات وربما الأمر مخطط له بعناية وأكبر من مجرد ضربة حظ فيتم النشر -لهدف ما- علي عدد من الصفحات -والتي بالمناسبة ليست بالضرورة أن تكون ذات اتجاه أو موضوع واحد فيمكن أن تكون صفحة لمحبي فنان شهير وصفحة أخرى مهتمة بنشر الأقوال المأثورة وأخرى مهتمة بنشر أخبار لاعبي الكرة حول العالم وأخرى متخصصة في نشر الأدعية والأذكار وآيات من القرآن الكريم- فتنشر في آن واحد لتصل بسرعة الصاروخ لأكبر عدد ممكن من مستخدمي الموقع.
هنا يأتي دورك أيها المتصفح المسكين عندما تستيقظ صباحا لتفتح صفحتك الشخصية على أحد مواقع التواصل في فعل روتيني بحت ليس لتفقد خبر بعينه أو للبحث في موضوع محدد وإنما هو مجرد تفقد، لتجد هذا الترند أمامك يأتيك من حيث لا تدري فتتجاهله مرة والثانية والثالثة وفي المرة الرابعة تذهب إليه بمحض إرادتك وبكامل قواك لتتعرف إليه عن قرب وتبحث عن أصله وفصله، وهنا تكتشف مدي تقصيرك فشعور ما غامض يسيطر عليك ويدفعك للانضمام لكل من سبقوك إلى الترند وشاركوا في إعادة نشره أو التعليق عليه سواء بالإعجاب أو النقد.. فتجد نفسك دون أن تشعر مشاركا في صناعة الترند وانتشاره والتحفيز على دفعه إلى القمة.
نعود مرة أخرى للمشهد الترند وما فعلته الزوجة “نائلة” حين سألها زوجها “أكرم” عن سبب وجود صديق العائلة “هاني” في البيت في غيابه، فترد في تعجب واستنكار شديد لماهية السؤال وتضع العيب واللوم على “أكرم” الذي أصبح في شك مستمر لكل ما يدور حوله، معتبرة أنه ليس لديه الحق في أن يشك أو يسأل أو يثور!
تماما هي نفس الاستراتيجية التي اتبعتها “نائلة” نتبعها جميعا نحن رواد السوشيال ميديا كلما وضعوا في طريقنا ترند وفتحوا لنا الباب على مصراعيه للمشاركة والاحتفاء به وجعله رقم واحد في اهتماماتنا منساقين دون أن نسأل ثلاثة أسئلة هي:
– من يقف وراء انتشار هذا الترند؟
– لماذا ينتشر هذا الترند في هذا التوقيت بالذات؟
– ما الهدف من تمرير هذا الترند بيننا وبهذا الكم من الضغط والمشاركات؟
نعم ثلاثة أسئلة يجب أن نجيب عليها أولا قبل أن نشارك ونمرر أي ترند نجده في طريقنا.
ثلاثة أسئلة قبل أن نتسرع وندافع عن هاني ونتخيل أن الأمر برمته من قبيل الصدفة وأن الكم الهائل من الرسائل الصوتية أو البوستات المنقولة والتي نتلقاها يوميا على “الواتساب” على سبيل المثال كلها تحمل نوايا طيبة وخالصة وبريئة.
ثلاثة أسئلة قبل أن نضغط علي زر المشاركة ونساهم في نشر فيديوهات غير معروف السبب والهدف من وراء نشرها.