النبيل والعراب.. جعلا الشباب يقرأون

دنيا شمعة

يقول المثل الشعبي “ما عدوك إلا ابن كارك”، لكن عندما يجمعك مع ابن كارك بل ومنافسك الأكبر “صداقة عمر” كالتي جمعت بين الكاتبين الراحلين أحمد خالد توفيق، ونبيل فاروق لأكثر من 25 عام، هنا فقط تسقط القاعدة.

الصداقة التي جمعت بين الدكتور أحمد خالد توفيق، والدكتور نبيل فاروق، كانت استثنائية بل ومختلفة.. تخيل أن يكون الصديق المقرب لرجل المستحيل أدهم صبري هو دكتور رفعت إسماعيل، هذا التخيل هو الوصف الأدق لعلاقة جمعت بين قطبين من أقطاب الرواية المصرية الحديثة، وأدب اليافعين.

نرشح لك: ذكرى ميلاد نبيل فاروق.. ملف خاص


صداقة بفعل القدر

رغم أن أول لقاء لهما كان في التسعينات، إلا أن اسميهما اجتمعا لأول مرة في 1977 في مجلة “تان تان”، في صفحة تملؤها أشعار صاحب ال15 عاما أحمد خالد توفيق، ورسومات الشاب الجامعي نبيل فاروق رمضان، ليمر الوقت ويجمعهما طريق الأدب مرة أخرى في المؤسسة العربية الحديثة للنشر، حيث نجم المؤسسة الأول والمسئول عن النشر دكتور نبيل فاروق، والكاتب الشاب الذي يبحث عن فرصة لنشر روايته القصيرة الأولى عن الكونت دراكيولا، ليبتسم الحظ ل”توفيق” بإصرار “فاروق” على نشر الرواية رغم رفضها في المرة الأولى اقتناعًا منه بموهبة “توفيق” وكتاباته المختلفة، معلقًا: “الراجل دا هينافسنا، فخليه معانا أفضل”.

تبدأ علاقتهما برابط قوي وغريب وصفه “فاروق” قائلًا: “بيننا رابط غريب، إحنا الاتنين كنا خريجين طب، ومواليد طنطا، واكتشفنا إننا كنا ساكنين في نفس المنطقة وبينا شارع واحد”.


جعلا الشباب يقرأون

استطاع كل منهما أن يصنع اسم لنفسه تصدر قوائم الكتب الأكثر مبيعًا لسنوات طويلة، فبين “ملف المستقبل” و “رجل المستحيل” و”كوكتيل 2000″ و”حرب الجواسيس” و”زهور” لنبيل فاروق، و”ما وراء الطبيعة” و “فانتازيا” و “سافاري” لأحمد خالد توفيق، أثر كل منهما على جيل كامل، شكلا وعيه بكتاباتهما، ورغم كون كل منهما المنافس الأكبر للآخر في ذلك الوقت، إلا أن ذلك لم يؤثر على صداقتهما بل زادها قوة، وهو الشيء الذي طالما تحدث عنه “فاروق” مؤكدًا سعادته بالمنافسة الشريفة بينهما في ذلك الوقت، حتى أنه في آخر حوار له قبل وفاته بعدة أشهر مع الصحفي شريف بديع النور عبر قناته على “اليوتيوب” قال إن أحمد خالد توفيق كان قريبا من الشباب أكثر منه ويتواصل معهم، لذلك لم يستغرب حجم المتواجدين في جنازته”.

نجاح مشترك

رغم كثرة الانتقادات التي تم توجيهها للشكل الأدبي لكل من نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق، إلا أن كل منهما حصد نجاحًا كبيرًا حتى أن “فاروق” حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عام 2008، كما تم تكريم “توفيق” في جائزة الرواية العربية عام 2016، ومع كل ذلك فلم ينكر أبدًا “توفيق” فضل “فاروق” عليه ودائمًا ما كان يقول: “نبيل فاروق هو صاحب الفضل في خروج سلسلة ما وراء الطبيعة إلى النور”، و يرد “فاروق”: “لو مكنتش أنا ساعدته كان أكيد غيري هيساعده.. لأنه موهوب، ربنا سبحانه وتعالى خلاني سبب إنه يوصل”.

خلافات عديدة وتمسك بالصداقة

كأي صديقين طبيعيين حدثت العديد من الخلافات بينهما، بسبب اختلاف وجهات النظر في كثير من الأشياء، فمثلًا رواية “اسمه أدهم” التي كتبها أحمد خالد توفيق في سلسلة “فانتازيا”، تسببت في خلاف لفترة بينهما حتى أن “فاروق” كان قد صرح أنه لم يقرأها أبدًا، وأنه يرى أن السخرية من شيء تعني نجاحه، وأن “توفيق” يحق له أن يكتب ما يراه، و أنه كان توقف عن الرد على مكالماته الهاتفية بسبب خلاف آخر في الرأي تجنبًا لحدوث أي جدال أخر بينهما، لكنه مع ذلك لم يخسره كصديق وتمسك كل منهما بصداقة الأخر حتى وفاة “توفيق” التي فرقت هذه الصداقة.

نرشح لك: أرزاق.. صراع الثعالب الأبدي ودراما الطموح والوشاية

نهاية الرحلة

بعد أكثر من 25 عاما، شاء الله أن يفرق بين الرفيقين في أبريل 2018، بوفاة العراب أحمد خالد توفيق بصورة مفاجئة، ليترك مع أعماله وعائلته.. صديق وفي لم ينساه وكثيرًا ما عبر عن حزنه على فراقه قائلًا: “حسيت بإن نص كياني راح مني”، حتى أنه كان أول المحتفلين بتحقيق حلمه بتحويل سلسلة “ما وراء الطبيعة” لعمل فني مقررًا إعادة طباعة كل أعداد السلسلة مرة أخرى قبل وفاته بشهر، إلا أنه لحق به وتوفاه الله في ديسمبر 2020. وتنتهي رحلة الصديقين اللذان استحقا وبجدارة جملة “جعلا الشباب يقرأون”.

 

نرشح لك: نورا ناجي تكتب: لو لم يكن نبيل فاروق ما كنت أنا

 

أحمد خالد توفيق أحمد خالد توفيق ونبيل فاروق النبيل والعراب ذكرى ميلاد نبيل فاروق نبيل فاروق