إسلام وهبان
تعد سلسلة “رجل المستحيل”، أشهر الأعمال البوليسية والاستخباراتية في أدب التشويق والإثارة بالوطن العربي، خلال الثلاثين عاما الماضية، وأبرز ما قدمه الكاتب الراحل الدكتور نبيل فاروق، خلال مشواره الأدبي، بعد نجاحه في خلق شخصية استثنائية تعلق بها ملايين من الأطفال والشباب لأجيال عدة.
رغم تعدد كتابات دكتور نبيل فاروق تنوعها ما بين أدب الخيال العلمي والأدب البوليسي والكتابات العلمية، فضلا عن رواياته الاجتماعية، إلا أن شخصية “أدهم صبري” في سلسلة رجل المستحيل، والتي صدر منها أكثر من 160 عددا، كانت لها حكاية أخرى، ولم تكن مجرد سلسلة عن الأدب البوليسي فحسب، بل ملحمة إنسانية ووطنية ومحطة فارقة في حياة نبيل فاروق، سنتتبع تفاصيلها من خلال هذا التقرير، ضمن ملف خاص أعده إعلام دوت كوم، قي ذكرى ميلاد دكتور نبيل فاروق.
كان نبيل فاروق، يحلم منذ صغره أن يكون هناك شخصية أسطورية معاصرة، يرتبط بها الناس من خلال سلاسل أدبية، خاصة وأن أغلب الشخصيات الأسطورية الشهيرة إما أنها تاريخية مثل أبوز زيد الهلالي، والزيني بركات، أو أنها أجنبية مثل جيمس بوند، وشارلوك هولمز، وغيرهم
حلم نبيل فاروق، لم يكن سوى أمنية يرجو أن تتحقق في يوم من الأيام، لكنه لم يكن يتخيل أن يكون هو صاحب هذه الشخصية، وأن تكون هي أشهر شخصياته على الأطلاق، وأن يحدث كل ذلك من خلال حادث غير متوقع في سنته الأولى في كلية الطب، جعله يدخل عالم المخابرات ويتعرف على كثير من خباياه.
ففي منتصف السبعينيات، وخلال دراسته بالسنة الاولى بكلية الطب بطنطا، استعان جهاز المخابرات بالطالب نبيل فاروق، للإيقاع باثنين من الجواسيس، كان أحدهما يعطيه دروس في اللغة الإنجليزية، وخلال هذه الرحلة غير العادية لشاب في بداية حياته، تعرف نبيل فاروق على عدد من رجال المخابرات، استوحى منهم شخصية أدهم صبري، التي قدمها بعد سنوات في سلسلة “رجل المستحيل”، والتي حاول فيها أن يبرز الدور الكبير لرجال المخابرات المصرية وتضحياتها، وغرس روح الانتماء وحب الوطن لدى الأجيال الصغيرة
يحكي دكتور نبيل فاروق في أكثر من لقاء أنه بعد أن كتب عددا من روايات “رجل المستحيل”، في نهاية السبعينيات، ظل يبحث عن ناشر يتحمل لفكرة السلسلة، والتي لم تكن مألوفة في ذلك الوقت، لذا قوبلت برفض شديد من مختلف مؤسسات صناعة النشر، بل راهنه البعض على فشل هذه التجربة، إلى أن صادف الناشر حمدي مصطفى، بإحدى مسابقات المؤسسة العربية الحديثة، عام 1984، والذي تحمس بشدة لنشر السلسلة، ليفاجأ نبيل فاروق بالنجاح المبهر الذي حققته الأعداد الأولى منها، ويستمر في إصدارها حتى تصل للعدد 160، وتتصدر قوائم الأكثر مبيعا في مصر والوطن العربي.
رغم النجاح الكبير الذي حققته سلسلة “رجل المستحيل”، إلا أن شهرت أدهم صبري، قد طغت على شهرة نبيل فاروق، فيقول هو نفسه إن رجل المستحيل قد ظلمت أعمال أخرى هامة قدمها خلال مشواره زادت عن 600 رواية، في الخيال العلمي والأدب الرومانسي والاجتماعي، وكتابات علمية وفكرية، إلا أن أجيال عديدة ارتبطت بشخصية أدهم صبري ومغامراته وأخلاقه بل وعلاقته الرومانسية بمنى.
حاول نبيل فاروق، أن يجعل محبي شخصية أدهم صبري، فى انتظار وشوق دائم لعودة بطلهم، لذا ترك نهاية سلسلة “رجل المستحيل’، مفتوحة باختفاء أدهم صبري الغامض، على أمل عودته من جديد، وقد فسر “فاروق” هذا برغبته في عدم تكرار خطأ آرثر كونان، في شخصية “شارلوك هولمز”، بعد نهاية السلسلة بمقتله، مشيرا إلى أنه قرر انهاء سلسلته في أوج أوقاتها وتصدرها للمبيعات وتحقيقها لنجاح هائل بين القراء.
لم يكتفي نبيل فاروق بالنجاح الذي حققته سلسلة “رجل المستحيل” أدبيا، بل راوضه كثيرا حلم تحويل عمله الأشهر إلى عمل درامي، وبدأ في البحث عن بطل يجسد شخصية أدهم صبري، حتى عثر على الفنان أحمد عز، والذي كان في بداية طريقه الفني، ولم يكن قد وصل إلى شهرته الحالية، لكن “فاروق” قد وجد فيه ضالته، ورغب أن يكون هو بطل “رجل المستحيل”، فدعاه لإحدى ندواته بالهرم وأصبحت بينهما صداقة كبيرة فيما بعد وأسند إليه بطولة فيلم “الرهينة”. ورغم كثرة الأنباء والتكهنات حول الفنان الذي سيكون بطل “رجل المستحيل”، لكنه لم يخرج إلى النور حتى الآن.
رحل نبيل فاروق في 9 ديسمبر الماضي، وسط حزن كبير من قرائه وعشاق أعماله، لكن أدهم صبري لا زال حيا في قلوب الملايين ينتظرون عودته من جديد، فهل يحقق صناع الدراما الحلم الغائب بعد أكثر من 20 عاما مثلما حدث مع رفيقه أحمد خالد توفيق وسلسلته “ما وراء الطبيعة”، أم أن لأدهم صبري رأي آخر؟