طاهر عبد الرحمن
المعروف والمشهور عن بدايات الفنانة الراحلة، سعاد حسني، أن الفنان الشامل عبد الرحمن الخميسي، هو الذي اكتشفها واختارها لبطولة فيلم “حسن ونعيمة” في نهاية الخمسينيات، وهو صحيح وغير مختلف عليه.
وأيضا لا اختلاف ولا خلاف على أن سعاد حسني، في طفولتها المبكرة، انضمت إلى البرنامج الإذاعي الأشهر “بابا شارو” وقدمت فيه واحدا من أشهر استكشاته وهو “أنا سعاد أخت القمر”، لكن الخلاف من هو الشخص الذي قدمها للإذاعة؟
في مقال كتبه الكاتب والناقد الكبير عبد النور خليل، بجريدة القاهرة عدد 5 يوليو 2005، أن شقيق سعاد الأكبر، عز الدين، وقد كان موسيقيا، هو الذي قدمها لمحمد محمود شعبان، بابا شارو. لكن مواقع كثيرة تقول أن الذي اكتشف موهبتها الفنية هو زوج أختها واسمه أحمد خيرت، وكان مؤلفا لأغاني الأطفال وعمل في الإذاعة لسنوات طويلة، بالإضافة إلى عمله كمدرس للموسيقى في وزارة المعارف/ التريية والتعليم.
أكثر من موقع ينقل أن سعاد حسني نفسها اعترفت بذلك في “مقال” لها نشر في مجلة الكواكب عام 1959 (دون تحديد رقم العدد وتاريخ صدوره بالضبط) بعنوان: “أنا نمرة 10” تحكي فيه طرفا عن بداياتها في عالم الفن، وأن زوج أختها، سميرة، هو الذي قدمها للإذاعة وأنه مؤلف أغنيتها المشهورة.
إذا حاولنا البحث عن أية معلومة مؤكدة أو موثقة عن ذلك المؤلف والموسيقى، فإننا لا نجد أي شيء عنه أو عن حياته وأعماله بخلاف ما تم نقله على لسان أو قلم سعاد حسني في الكواكب، لكن لحسن أو لعله لسوء الحظ، فإن أرشيف جريدتي الأهرام والأخبار يحتفظ لنا بمعلومات عن نهايته.
في عدد يوم 16 إبريل 1964 كتبت الأهرام خبرا عنوانه: أشهر مؤلف لأناشيد الأطفال ينتحر، وفي نفس اليوم نشرت الأخبار: انتحار أول مؤلف لأغاني الأطفال.
تفاصيل الخبر في الجريدتين لن يختلف كثيرا، وكان أن سائس جراج عمارة رقم 21 بشارع وزارة الزراعة سمع أثناء نومه صوت ارتطام شديد في الشارع أمام باب الجراج، وخرج ليكتشف أن ساكن الدور الثالث، واسمه أحمد خيرت، سقط من شرفة شقته وسقط في بالوعة المجاري ومات.
بعد انتشال الجثة عثر مكرم يعقوب، رئيس مباحث الدقي، على رسالة وجدها في ملابس القتيل (نشرت نصها الأخبار) تقول: “إذا حدث أن توفيت وأنا أسير بسيارتي في الطريق أو تحت أية ظروف أو وجدتم جثتي في أي مكان فأنا المسئول وحدي عن وفاتي”.
الإجابة – كما نشرت – أنه في العامين الأخرين كان يتعرض لنوبات عصبية شديدة، زاد من حدتها انفصاله عن زوجته سميرة حسني التي أقامت ضده عدة قضايا، وقد وصلت به الحال إلى يأس شبه كامل في العلاج.
شريك بابا شارو من المعلومات التي نشرت عن أحمد خيرت أنه عمل طوال حياته مع “بابا شارو” في الإذاعة وكان يؤلف ويلحن للأطفال، وكان بالتوازي يعمل في وزارة التربية والتعليم، وآخر منصب وصل إليه هو مفتش الموسيقى بالوزارة.
وإذا عرفنا أن زوج والدة سعاد حسني -بعد طلاقها من أبيها الخطاط الشهير محمد حسني البابا الخطاط- واسمه عبد المنعم حافظ كان يعمل مدرسا للغة العربية في إحدى المدارس الحكومية، فإنه ربما كان هناك سابق معرفة بينه وبين أحمد خيرت، وهي المعرفة التي مهدت لزواجه من “سميرة” وبعدها تقديمه للشقيقة الصغرى، سعاد، إلى البرنامج الذي كان يعمل به.
وكما هو معروف فإن “نجاة الصغيرة” كانت في عهدة والدها ورعايته، وكان يتكسّب من غنائها في الحفلات. وأما بالنسبة لعز الدين، الشقيق الأكبر، فإنه كان موسيقيا نصف مشهور، وقد ظهر في مشهد واحد في فيلم “صغيرة على الحب” عازفا بينما أخته تغني أغنية الفيلم.
في متن خبر الانتحار، جاء ذكر اسم سميرة زوجة المنتحر السابقة، والملفت أن جريدة الأهرام عرفتها بأنها “شقيقة نجاة الصغيرة”، وأما الأخبار فقد ذكرت أنها “شقيقة سعاد حسني”، دون أن توضح أي جريدة منهما السبب في عدم ذكر اسم الشقيقة الأخرى، مع أن كلتاهما، نجاة وسعاد، كانتا في قمة تألقهما الفني؟