14 يوماً فقط تفصلنا عن الحفل التاريخي الذي ينتظره المصريون ويترقبه العالم لافتتاح قناة السويس الجديدة، “الشباب” التقت بالدكتور سامي عبد العزيز، عميد كلية إعلام القاهرة السابق وعضو الفريق المشرف على تنظيم حفل الافتتاح، وحصلت منه على تفاصيل الحفل، وألقى الضوء على جوانب المشروع وتطرق الحوار إلى قضايا أخرى على الساحة تخص الإعلام والسياسة.
• ما هو البرنامج النهائي لحفل افتتاح قناة السويس؟
– أولاً: تم إقرار مبدأ تمثيل كل طوائف الشعب المصري في الاحتفال، ومثلما أعلن الرئيس الأسبوع الماضي في حفل إفطار الأسرة المصرية، سيكون بالحفل 20 خيمة، كل خيمة تمثل قطاعات من مختلف المهن وشرائح المجتمع المصري، وهذه الخيم بتوجيهات من الرئيس ستتمتع بنفس مستوى خدمات خيام الرؤساء والزعماء حضور الحفل، لأن الرئيس السيسي قال لنا إن الـ VIP لحفل الافتتاح هم الشعب المصري وليس الزعماء أو الرؤساء والملوك الحضور.
ثانياً: سيكون هناك مظاهرة بحرية في مرجى القناة سيشارك فيها ممثلون عن شرائح الشعب المصري.
ثالثاً: إعلان الرئيس الافتتاح الرسمي للقناة وسيشهد عبور السفن.
رابعاً: هناك تفكير لعرض أوبرا عايدة، ولكن التوقيتات محل نقاش نظراً للترتيبات الأمنية ولمواعيد وصول الزعماء والرؤساء كما أنه سيتم مراعاة أن الحفل في 6 أغسطس في وقت شديد الحرارة والرطوبة تتضاعف لأن القناة أصبحت مزدوجة فالرطوبة تتضاعف.
خامساً: كلمة للرئيس.
سادساً: فيلم تسجيلي عن الإنجاز الذي حدث بحفر القناة في عام واحد أي 365 يوماً.
سابعاً: كلمة الفريق مهاب مميش، رئيس الهيئة العامة لقناة السويس التي يعلن فيها انتهاء أعمال افتتاح قناة السويس بشكل رسمي وعبور السفن، وبشكل عام سيكون الاحتفال ذو طابع مصري خالص.
• هل تم الاتفاق على فقرات فنية أخرى بخلاف أوبرا عايدة خلال الحفل؟
– لا، حتى الآن ما تم الاتفاق عليه هو تمثيل للفلكور المصري وثقافات المحافظات المختلفة للشعب المصري.
• هل ستكون هناك كلمات لزعماء آخرين من الحضور بخلاف كلمة الرئيس المصري؟
– لا أتصور أن يتحول الاحتفال إلى مكلمة، فالدعوة قاصرة على حضور الحفل وسيقتصر الأمر على كلمة الرئيس وكلمة الفريق مميش، وحتى الآن لم يطرح أي أمر بخصوص كلمات لزعماء من الحاضرين.
• كم سيتكلف حفل الافتتاح مالياً؟
– حتى اللحظة التي أتحدث إليك فيها الآن لا يوجد رقم محدد للمبلغ الذي سيتم إنفاقه على الحفل، لأن طريقة التعاقد التي تم الاتفاق بها مع الشركات العالمية التي ستنظم الحفل هي طريقة في غاية البخل والحرص من جانب الإدارة المصرية وعض الأصابع وتصل لحد عصر جسد هذه الشركات، وبالتالي هيئة قناة السويس في تفاوض يومي مع الشركات لمعرفة العناصر المطلوب عملها وإذا وجدت بدائل مصرية لها فيتم تنفيذه سواء من جانب هيئة قناة السويس أو من جانب القوات المسلحة، فكل يوم يحدث اختصار للتكلفة وتصبح التكلفة التي هي محل نقاش مقابل الإبداع والفكر والتخطيط والمساحات الإعلانية التي هي محددة الأسعار ومعروفة ولكن حتى هذه اللحظة لا يوجد رقم محدد لتكلفة حفل الافتتاح.
• ولكن طالما أن تم إرساء العطاء على تحالف عالمي يضم 7 شركات تتولى تنظيم الحفل فلماذا تسعى الدولة وهيئة قناة السويس لاختصار التكلفة طالما أنها لن تتكبد شيئاً وهل سيكون هذا الاختصار على حساب الإبهار؟
– لا لن يكون الاختصار في التكلفة على حساب الإبهار، هي نوع من أنواع التفاوض أي تبديل المنتجات العالمية بمنتجات مصرية مقابلة طالما أنها نفس الجودة وبأسعار أرخص ولن تكون على حسب الإبهار.
• وهل الشركات المنظمة تحاسب الهيئة على العناصر المصرية التي توفرها لها أم الهيئة تقدمها كدعم؟
– جزء منها تحاسب عليه الهيئة وجزء آخر نوع من أنواع المشاركة من جانب الهيئة في الاحتفالية.
• الجميع يعلم أن لحظة افتتاح القناة الجديدة ستكون لحظة تاريخية وحفل الافتتاح سيكون له مكاسب كثيرة وممكن أن يحقق ربحاًعالياً.. فلماذا لم نجعل الحفل من موازنة الدولة وتستفيد الدولة من الربح بدلاً من الشركات؟
– أولاً الفكرة كلها مصرية والتخطيط مصري والتنفيذ مصري والتمويل مصري وهذا امتداد لفكرة أن تكون فيها المشاركة المصرية فهي شبكة متكاملة، والقصة ليست أنك لا تريد تحميل موازنة الدولة بل الفكرة أن الشعب المصري أراد أن يعبر عن فرحته بالحدث بمن “خبط على بابي وأهداني هدية الافتتاح لن نرفضه”، خاصة أن الشعار للمشروع أن قناة السوس الجديدة هدية مصر للعالم، فالعالم يشارك معنا في الفرحة بهذه الهدية.
• ولكن هذه شركات تقوم على البيزنس ومن المؤكد أن لها مصالح كبيرة من وراء تنظيم الحفل ما هي؟
– هذه الشركات تشعر بشرف المشاركة في حفل الافتتاح، وممثلي هذه الشركات لو جلست معهم لسمعت صوت بكائهم وصراخهم من قسوة ما يحدث معهم في عملية التفاوض من جانب هيئة قناة السويس والقوات المسلحة، ولكن أمام شعورهم بأنهم يشاركون في حدث لن يتكرر يجعلهم يضحون بأكبر نسبة من التنازلات، خاصة أن هناك ضغوط كبيرة تمارس عليهم في عملية التفاوض من جانب الهيئة ومن جانب القوات المسلحة، خاصة مع وجود مفاوض شرس كالفريق مميش، ومفاوض مؤلم كاللواء محسن عبد النبي مدير الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، فإذا اجتمع الاثنان في مكان يمصون دم أي إنسان، ففي يوم اضطررت للخروج من القاعة، لأنني رجل دعاية وإعلان وأعلم أن هناك حد أدنى للأشياء وللتنازلات، ومن كثرة إحراجي من نظرات الأجانب ممثلي الشركات لمميش وعبد النبي، وبيسألوا أنفسهم “أزاي ده ممكن يحصل؟”.. والخلاصة أن هذه الشركات ستحقق ربحاً ولكن حجم ربحهم سيكون أقل كثيراً مما كانوا يتوقعون.
• ولكن لنا أن نسأل هل ستتمتع هذه الشركات بأي نوع من مميزات الاحتكار في مشروع القناة؟
– لا، فعقود الاتفاق معها فقط لحفل الافتتاح وليس هناك أية ميزة أخرى.
• كيف تم اختيار الدكتور سامي عبد العزيز ضمن الحملة الإعلامية لمشروع قناة السويس الجديدة؟
– ما حدث هو أنه حينما بدأ التفكير في الاحتفالية، كان هناك حوار لي مع اللواء محسن عبد النبي توصلنا إلى أنه لابد أن يتم إعداد كراسة شروط ومواصفات وتدعى لها جميع الشركات العالمية بشرط أن يكون لها فروع ومكاتب تمثيل مصرية كي تجمع بين عالمية الأداء ومحلية الفكر، من هنا بدأ المشوار، وبالفعل ذهبت مع اللواء محسن للفريق مميش الذي أصدر قراراً بتشكيل لجنة تضم سامي عبد العزيز واللواء محسن عبد النبي، صفاء حجازي رئيس قطاع الأخبار والخبير الإعلامي جلال زكي واثنين من الشبان الذين لهما في هذا المجال وهما طارق كامل وتامر صلاح، ومعهم مجموعة من قيادات هيئة قناة السويس للشق المالي والإداري والقانوني، وبناء عليه تم إرسال كراسة الشروط لكل الشركات، وجاءت الردود وتم التصفية بين مجموعتين من الشركات بمعايير اتفق عليها أعضاء اللجنة ووقع الاختيار على التحالف الذي سيتولى التنظيم، وكان المفروض أن تقوم الشركة الممثلة للتحالف بعمل عرض للرئيس، ولكن ليلة العرض تحدث الفريق مميش وقال لي إن الرئيس لم يتعود أن يقابل شركات في عروض مثل هذه، وهو يريد أن نذهب إليه نحن ونقدم له العرض، وذهبت أنا والفريق مميش واللواء محسن عبد النبي، ومن هنا جاء التشريف والتكليف حيث استمتع الرئيس للعرض الذي قمت بعمل إعادة صياغة له والمهمة كانت صعبة جداً أن تعرض 160 شريحة في 15 دقيقة فكان هذا تحد كبير، ولكن الحمد لله قدمت عرضاً متكاملاً، ومن هنا جاء تكليفي كأمر واقع، حيث شعر الرئيس أنني فاهم ومستوعب فقال على بركة الله، لدرجة أنني علمت أن هذا العرض كان من العروض التي لم تستغرق وقتاً طويلاً ونالت استحساناً من الرئيس، وفي هذا اليوم وجه الرئيس 3 توجيهات:
الأول: أن يكون الشعب المصري هو بطل الاحتفالية.
الثاني: ألا يصرف مليماً واحداً من موازنة الدولة في الحفل.
الثالث: طالب بالتركيز على البعد البيئي والبعد الاقتصادي للعالم، وهذه كانت لمحة ذكية منه وقراءة مستقبلية للأمر.
وهكذا وهذه هي قصة تكليفي ضمن لجنة حفل قناة السويس ومع تتابع الأحداث أصبح مطلوباً منا التواجد يومياً في موقع المشروع بالإسماعيلية من الصباح وحتى فجر اليوم التالي، ولكن اللحظة التي كنت أشعر فيها بالإرهاق كنت أنظر لوجه الفريق مميش أو وجه العامل الصغير الموجود هناك فاستشعر الخجل من أن أقول إنني مرهق، لأنه بصراحة شديدة لو عملت حملة إعلامية كلفتها ملايين المليارات لن تفي هذا المشروع حقه كحجم إنجاز حقيقي، وأقسم بالله لو مؤسسات بلدي اشتغلت بنسبة 50 % من مستوى أداء هيئة قناة السويس بلدنا ستصبح أعظم بلد، من حيث الالتزام ومعيار الأداء والإتقان والإخلاص وأجندة زمنية واضحة.
• هذا يجعلنا نتساءل عن السبب في أن يكون الأداء بهذا المستوى الرائع الذي تحكي عنه.. هل لأن مصر منذ فترة كبيرة لم يكن لديها مشروعاً قومياً تلتف حوله كهذا؟
– أولاً التوقيت، وكما قلت أنت أن مصر كانت بحاجة لفكرة كبيرة تلتف حولها كحلم قومي كبير ثانياً الثقة في القيادة، ثالثاً كفاءة القيادة، رابعاً احترافية الإدارة، خامساً تاريخ قناة السويس وهيئتها وثقافة الالتزام عندها، سادساً أن المصري حينما يشعر أنه أمام التحدي يحقق المستحيل، فقناة السويس الجديدة تشبه حرب أكتوبر 1973 من حيث التخطيط والالتزام ودقة التنفيذ، وبالمناسبة مشروع قناة السويس حرب فعلية ضد المؤامرة وضد الزمن وضد أعداء النجاح، وعملية الاستفزاز والاستنفار التي عند الشعب المصري هي التي تقف وراء هذا الإنجاز في هذا التوقيت الحاسم.
• كيف نستفيد من هذه التجربة للحفاظ على حالة الاستفزاز التي تتحدث عنها عند المصريين وتحقق هذا الإنجاز؟
– تحتاج أكثر من شيء، أولاً أنني أطالب الفريق مميش بأن يؤرخ لهذا المشروع في شكل مجموعة أفلام لعملية الإعداد والتخطيط والتنفيذ لتكون مرجعية كحالة واقعية وتطبيقية دائمة مثل المؤسسات العالمية حينما تؤرخ لنماذج كحالة تطبيقية تعود إليها دائماً في عملها، الأمر الثاني أن الإعلام المصري لا يجب أن يطفئ أنوار حفل الافتتاح مساء يوم 6 أغسطس المقبل، فلابد أن تستمر حالة الافتتاح لأطول فترة ممكنة لتحافظ على قوة الدفع، الأمر الثالث أن الرئيس قال لنا إن يوم الافتتاح سيعلن عن مشروعات عملاقة أخرى نفذت أو تنفذ أو سيتم البدء فيها، وهذا سيكون له مردود جيد لأن مصر تحتاج دائماً إلى 4 أو 5 مشروعات كبرى يوقفوها دائماً على طراطيفصوابعها.
• بالعودة إلى توجيه الرئيس بأن الشعب المصري سيكون البطل في الاحتفالية.. من الذي سيحدد ممثلي هذا الشعب بالاحتفال؟
– الحاضرون في الاحتفالية مصريون، فالدعوات لكل الحاضرين على الضفتين الشرقية والغربية للقناة 99 % منها لمصريين، سواء المدعوين أو الذين شاركوا في الحفر نفسه من عمال ومهندسين وغيرهم فهؤلاء هم البطل الحقيقي في المشروع، وكل المادة الإعلامية التي أنتجت عن المشروع للعرض في الإعلام منذ يوم 17 الشهر الجاري كلها لوجوه مصرية، وهناك تفكير لأن يكون الضفة الشرقية بها الزعماء والضيوف والضفة الغربية عليها العمال ومعداتهم.
• قلت إن الإعلام المصري بعد 3 يونيو شعر بتضخم الذات.. ألا تشعر أن الرئيس نفسه من أسباب تضخم هذا الإعلام لأنه يعول عليه كثيراً؟
– الدولة بمستوياتها المختلفة دللت الإعلام الخاص قولاً واحداً، وهذا أدى لزيادة النفخة وتضخم الذات عند هذا الإعلام، وهذا أدى إلى أنه “لما الإعلام عينه تورمت من النفخة وتضم الذات أصبح لا يرى الواقع”، وأصبح موهوماً بأنه منه يخلق الواقع أو يشكل الحياة السياسية في مصر وتحول بعض الإعلاميين إلى نشطاء سياسيين، يصرخون ويخططون ويرون المستقبل وهم كل شيء في كل شيء، إلى جانب ضعف بعض الشخصيات القيادية في مصر سواء محافظين أو وزراء، حيث يكونون في منتهى الرعب وهم يتحدثون مع الإعلام، بينما الحقيقة أن هؤلاء المسؤولين انتحاريين وتولوا المسؤولية في ظروف صعبة ومفترض أن تكون لديهم ثقة أكثر في أنفسهم وثقة في مرؤوسيهم وقياداتهم، وليس أن يرتعشوا أمام الإعلام، فارتعاشة المسؤول يجب أن تكون أمام المواطن وليس أمام الإعلام.
• ولكن هل تؤيد أن النظام يدعم إعلام الدولة أو الإعلام الرسمي في المقابل؟
– إعلام الدولة لابد أن يكون موجوداً وقوياً، لأنه لا يوجد نظام في العالم بلا إعلام ينطق باسمه، وليس مقصوداً هنا أن يسبح باسمه بل ينقل بصدق نبض الواقع وينقل بصدق أجندة النظام والرئيس، ويضع الوطن دائماً نصب عينيه وليس الرئيس أو الأشخاص، فأنا حزين لتراجع الإعلام الرسمي.
• ألا تتفق معي في أن صمت النظام على الإعلام الذي ينافقه دون طلب منه هو في حد ذاته خطأ من النظام ومحسوب عليه؟
– أوافقك الرأي في أن صمت النظام على الإعلاميين الذين يطبلون له أمر سيئ، والمتمسحون كثيرون وأكثر ضرراً على النظام من الذين ينتقدونه، الأمر الأهم والأخطر أن من يدعون بأنه لا ينبغي أن ننتقد السيسي هم أول وأكثر المنافقين، فمن يحب السيسي يناقشه، والأهم من حب السيسي هو حب الوطن، فالأشخاص زائلون والباقي هو الوطن، وعلينا أن نتعلم من تجربة الـ4 سنوات الماضية التي تحول فيها رئيسان لمصر من العرش إلى البورش،هما مبارك ومرسي، ومن ثم فلنعتبر، ومن هنا أطالب إعلام مصر بالتوازن لا يتطرف في النقد ولا في المدح، وأن يجعل الوطن هو قضيته، وعلى النظام والدولة إيضاح موقفهم، وألا يجعل المنافقين يقتربون منه.
• هل لديك رسالة للشباب؟
– الشباب ليس سناً، الشباب فكراً وعطاءً، وأرجو أن تبعد مصر عن التصنيف المخيف، وهو أن تصنفني بحكم سني أو اتجاهي الفكري، ولكن المفروض أن تصنفني وفقاً لكفاءتي وقدرتي، وعلينا أن نضع قائمة يكون ترتيب الناس فيها بحسب كفاءتهم وقدرتهم على العطاء بغض النظر عن العمر أو التوجه، أي يجب أن نضع المعايير ثم نختار عليها الأشخاص لا أن نختار الأشخاص ونضع لهم المعايير، بل لابد أن نعمل بمنطق المعايير العمياء كما العدالة العمياء، وأخيراً أقول إذا لم تعتمد مصر على أهل الكفاءة وليس أهل الثقة ستصبح في خطر كبير.