السيد/ إبراهيم محلب.. رئيس وزراء مصر ؛
لا تحية في ظروف كتلك..
أعلم وغيري أنكم لا تألون جهدا في محاربة الإرهاب ومحاولة ملء الفراغ التشريعي في الدولة والاستعداد لاحتفال افتتاح قناة السويس الثانية ومتابعة حركات التنقلات وأداء المحافظين وزيارات المستشفيات والأقسام وأمور أخرى من صميم عملك.. لكن اعذرني.. هل سمعت شيئا عن أشخاص لقوا حتفهم في مياه النيل؟.. هل ترضى أن تموت إهمالا أو أحد أبناءك ويكون الثمن 20 ألف جنيه؟…
هل سمعت يا سيادة رئيس الوزراء عن الرجل الذي فقد زوجته ووالدته وابناءه الثلاث وأبناء شقيقه؟.. هل تشعر بالمأساة وأنت تربط أزرار بدلتك الأنيقة وتهم بالخروج لعملك وسط موكب سيارات مكيفة؟.. هل تعلم أن بعض الجثث لا تزال تحت الماء في مصير غامض؟.. حسنا.. لا تقل إنك لن تتابع سلامة المراكب النيلية والسيارات والطرق والطائرات والحافلات بنفسك.. المنظومة أنت مسئول عنها.. “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”.. يداك تحمل وزر مصرعهم بشكل أو بآخر…
سيادة رئيس الحكومة.. الأهالي رفعوا أكف الدعاء لعنان السماء.. تضرعا لله بإمكانية انتشال جثث ذويهم من بين أسنان الأسماك.. وسؤالا له بالانتقام من حكومتك.. نعم.. أنتم مقصرون.. إلا أن كثرة الدماء في مصر أصابت القطاع الأعرض من الناس والمسئولين على حد سواء بحالة من تبلد المشاعر.. المصيبة تحدث.. يتحدث عنها الناس وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.. وغدا تظهر مصيبة أخرى تشغل الجميع.. لا حساب ولا عقاب ولا حتى مسئول في حكومتك لديه من حمرة الخجل ما يجعله يشعر بمسئولية ويتقدم باستقالة تحملا لتقصير أو تقاعس أو تكاسل أو فساد…
مصر أصبحت في عهدكم سرادق عزاء كبير يا رئيس الحكومة.. المواطنون اعتادوا مشاهد الصراخ والبكاء والعويل والدماء والجثث.. ماذا ستقولوا أمام الله عندما تقفون بين أيديه.. ربما تشاهدون الفاروق عمر يومها يحاسب بأعماله ويلقى الله بقلب آثر المسئولية عن الدواب قبل البشر على إلصاق التهم بالآخرين.. ملوك وأمراء ورؤساء حكومات ووزراء ومسئولين وموظفين يحاسبون على ما ارتكبوه في حق العباد.. الأرواح.. والأنفس التي أزهقت هباء.. ماذا ستقول في رعاياك؟…
نعلم وتعلم أنه ليس جديدا في مصر أن تمر بها تلك الكوارث –إن كنت سيادتك تعتبرها كارثة- لكن متى ينتهي هذا الاعتياد؟.. ولماذا جئت أنت رئيسا للوزراء إلا لتحاول السيطرة على زمام الأمور، ومحاربة الفساد، وإنهاء الرشاوى والمحسوبيات والإكراميات والتي قد تكون إحداها تسببت في ترك مركب يسير في ظلام، يقوده شخص غير مسئول، وإبحار صندل دون إضاءة أو أيا كانت الأسباب التي ستقولها التحقيقات –لو لم يتم حظر النشر فيها كالمعتاد-…
يا مهندس محلب إن لم تكن مسئولية الحكومة اصطدام مركب وصندل في عرض النيل، فمن المسئول عن تقاعس الأجهزة المعنية في الانتقال لمكان الحادث فورا واتباع الإجراءات الأولية لإسعاف الذين سقطوا في الماء ومحاولة إنقاذهم؟، بدلا من ترك الناس يندبون حظهم أمام الماء، ويدعون علي الحكومة التي أنت على رأسها، ويتسولون شخصا يستطيع السباحة لينقذ ذويهم من صرخات الغرق، في ظروف عصيبة لا يقدرها الله لك أو لأحد…
نهاية يا سيادة رئيس الوزراء.. إن كنتم تشعرون بذرة ألم على من ماتوا.. اعلنوا مسئوليتكم السياسية عن الحادث، أو تقدموا باستقالة لحفظ ماء الوجه، فأعداد القتلى والضحايا والمصابين تتزايد من إرهاب وفساد وغياب وعي وانعدام الخطط الواضحة للسلامة والعمل على إنقاذ المواطن، الذي يقف لمساندتكم ودعمكم اليوم، وهو ينتظر مصيرا محتوما على مقعد أتوبيس أو تحت قطار أو في أعماق النيل، لتزيد سرادقات العزاء واحدا، ونحزن وتحزنون وننسى وتنسون في حوادث أخرى، لن تسفر أيضا عن استقالة مسئول، وأخيراً.. إن لم تستقل كمسئول عن مصرع أكثر من 20 شخصا، فمتى تستقيل؟.