إيمان مندور
رحل الفنان يوسف شعبان عن عالمنا قبل قليل، عن عمر ناهز 89 عاما، تاركا خلفه إرثا فنيا كبيرا على مدار 60 عاما قضاها في خدمة الفن.
كان الفنان الراحل محبا للشيخ محمد متولي الشعراوي، وحريصا على سماع تفسيره للقرآن الكريم، وأحاديثه التليفزيونية، لذلك فوجئ ذات مرة أثناء عرض مسرحية “دماء على ستار الكعبة”، بوجود الشيخ بين صفوف الجمهور، فقد كانت المسرحية تتناول قصص الطغاة في تاريخ العرب والمسلمين، من خلال نموذج الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي جسده يوسف شعبان في المسرحية.
حضور الشعراوي لم يكن برغبة فردية منه، بل كان بدعوة من مؤلف المسرحية الشاعر فاروق جويدة، الذي دعاه لكي يشاهد المسرحية على خشبة المسرح القومي، فوافق الشيخ وحضر برفقة مجموعة من أصدقائه، رغم أنه كان معروفا عنه أنه لا يذهب إلى المسارح.
يقول جويدة إنه “حين ظهر الشعراوي أمام المسرح القومي توقفت حركة المرور تماماً، وترك سائقو الأوتوبيسات أماكنهم، وهبط الركاب واندفعت الحشود في ميدان العتبة نحو الشيخ، الذي وقف يلوّح لهم والأعداد تزداد مع الوقت، وتدخلت الشرطة لتحمي الشيخ وضيوفه القادمين حتى خروجهم من العرض”.
توجه يوسف شعبان وأبطال المسرحية للشعراوي بعد انتهاء العرض لمصافحته، فأثنى عليهم ورفع يديه يدعو لهم بالتوفيق والصحة، فسأله يوسف قائلا: “يا عم الشيخ بيقولوا إنك تحرم الفن وتدعو الفنانات للاعتزال؟!” فأجاب الشعراوي: “عندما تأتيني واحدة وهي منذ البداية غير مؤمنة بما تفعل فهي طبعا لن تكون فنانة سليمة، فطبيعي أن أقول لها اتجهي إلى الله واتركي الفن.. الفن مثل السكين ممكن أن تستعمل في الخير أو القتل، فالفنان الموهوب يكون واثقا من فنه، وعندما تأتيني فنانة مترددة ولا تثق في موهبتها وتسألني أعتزل وأتحجب؟ أقول لها اتحجبي واعتزلي، على الأقل عشان أبعدها عنكم، إنما أنا الآن أصفق وأنا أشاهد المسرحية لأنكم قدمتهم عملا جميلا وجريئا”.
بعد انتهاء العرض، وحين أراد الشيخ الخروج من المسرح كانت الحشود البشرية قد أغلقت كل الأبواب، وتجمَّع أمام المسرح في ميدان العتبة الآلاف، وهذا بعد أن توقف المرور تماما، فكان على إدارة المسرح أن تبحث عن باب يخرج منه الشيخ، فقررت فتح باب الطوارئ في المسرح وهو يصل إلى مكان آخر بعيد عن هذه الحشود، والأهم أن الزيارة كانت ردا واضحا على سؤال: هل الفن حرام؟