إسراء إبراهيم
مع عرض مسرحية “بودي جارد” للفنان عادل إمام، على منصة “شاهد Vip” بعد تجميد عرضها لما يقرب من 11 عاما، شهدت مساحات الرأي حول المسرحية الكثير من الأخذ والرد، وغلب عليها طابع الانتقاد الذي وصل للحدة في بعض الأحيان.
كانت الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية حصلت على حقوق عرض المسرحية التي بدأ عرضها عام 1999 وانتهت عام 2010 وصُورت في عام عرضها الأخير، لكنها لم تُعرض للجمهور سوى يوم الجمعة 26 فبراير 2021 بعد مرور ما يزيد عن 20 عاما على عرضها على خشبة المسرح، ولا توجد أسباب معلومة وواضحة حول سبب تجميدها كل تلك السنوات. المسرحية صُنفت بأنها الأضخم إنتاجا والأطول عرضا في توقيت عرضها.
المسرحية حققت في أول يوم من عرضها على “شاهد” أكثر من نصف مليون مشاهدة، وفقا لما أعلنه تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية، ورغم ذلك فإن 3 ساعات فقط من تاريخ عادل إمام الفني عرضه لانتقادات لاذعة تنال من تاريخه الذي بناه على مدار ما يقرب من 6 عقود، كانت نجاحاته فيها هي الأكثر طُغيانا على تلك الرحلة الفنية.
لنتفق في البداية أن المسرحية سيئة ومخيبة للآمال، وما ساعد في ردود الفعل العنيفة بعدما خابت التوقعات هو التحفيز ورفع سقف التوقعات لها، والحديث عن نجاحها الذي استمر لأكثر من 10 سنوات، ومنعها من العرض 20 عاما لأسباب ترويجية وتسويقية. هذا النجاح وقتها الذي جعل المسرحية تستمر كل تلك السنوات في العرض يجعلنا نفكر في الأرشيف الصحفي لتلك الفترة، هل لم يهاجم صحفي واحد على الأقل المسرحية! هل لم تتناولها وسائل الإعلام بأي شكل من الأشكال؟ خاصة مع ردة الفعل المغايرة الآن مع عرضها لما تعكسه الأرقام وتاريخ المسرحية الذي يؤكد نجاحها في ذلك الوقت.
وبعيدا عن أسباب فشل أو دوافع منع المسرحية كل تلك السنوات ثم عرضها حاليا، عادل إمام صنع نجوميته بنجاح ساحق جعله رمزا من رموز الفن المصري بل ورموز مصر والعالم العربي بشكل عام، بالعودة إلى تاريخ عادل إمام قبل تقديمه لـ”بودي جارد” بـ 10 سنوات، سنجد أنه قدم علامات في تاريخ السينما والمسرح حققت نجاحات كبيرة جدا وهي -بداية من عام 1990-: (جزيرة الشيطان، حنفي الأبهة، الإرهاب والكباب، اللعب مع الكبار، شمس الزناتي، الإرهابي، الزعيم، المنسي، بخيت وعديلة، بخيت وعديلة2: الجردل والكنكة، طيور الظلام، النوم في العسل، رسالة إلى الوالي”.
مجموعة الأفلام التي رصدتها في فترة تقدر بـ 10 سنوات فقط من تاريخ عادل إمام تشفع زلات تقديمه عملا واحدا فاشلا -كما يُوصف حاليا- بالرغم من أن النجم له رونق يهتز بفشل أحد أعماله لكن لا يُمحى تاريخه، ففي تلك الـ10 سنوات كان نجاح “الزعيم” طاغيا حتى أنه اكتسب لقبه من المسرحية التي قدمها في تلك الفترة وهي “الزعيم” وحققت نجاحا مبهرا، لعل الفيلم الوحيد الذي فشل قبل تقديم عادل إمام مسرحية “بودي جارد” هو فيلم “رسالة إلى الوالي”، والذي تزامن عرضه مع فترة بزوغ طيف نجوم السينما الشباب الجُدد وعرض فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” والذي طغى نجاحه على المنافسين.
دخل الزعيم بعد كل هذا النجاح لتقديم مسرحية “بودي جارد” عام 1999، وفي نفس العام قدم فيلم “الواد محروس بتاع الوزير” لكنه فشل في الإيرادات لتزامنه مع عرض أفلام مثل “همام في امستردام” و”عبود على الحدود”، ثم قدم “إمام” عام 2000 الجزء الثالث من فيلم “بخيت وعديلة” والذي جاء بعنوان “هاللو أمريكا” لكنه فشل أيضا في انتزاع الإيردات كما تعود الزعيم، وتزامن عرضه مع فيلمي “الناظر” و”شورت وفانلة وكاب”. اختفى بعدها الزعيم لمدة عامين عن السينما وعاد بفيلم “أمير الظلام” عام 2002 والذي حقق نجاحا كبيرا مقارنة بأفلامه السابقة التي فشلت جماهيريا، ليقدم في 2003 أحد أبرز أفلامه بالنسبة لجيل الألفينيات وهو “التجربة الدنماركية” والذي أتذكر وقت عرضه تلفزيونيا لأول مرة على شاشة “art” كنت أتابعه مرارا وتكرار دون ملل -كنت أبلغ وقت عرض الفيلم 7 سنوات- وحقق الفيلم نجاحا باهرا وتفوق الزعيم على الشباب، واستمرت حالة النجاح للزعيم من خلال أفلام: “عريس من جهة أمنية، السفارة في العمارة، عمارة يعقوبيان، مرجان أحمد مرجان، حسن ومرقص، بوبوس، زهايمر”، لعل “بوبوس” كان أضعف أفلام تلك الفترة. معتمدا في تلك الأفلام على التوجه بجيل غير الجيل الذي اعتاده.
وكل هذه الأفلام مرتبطة بشكل كبير في ذاكرتي ووقت عرضها وحالة البهجة التي كانت تتزامن مع عرضها تليفزيونيا.
كل تلك الأفلام قدمها الزعيم بالتزامن مع عرض مسرحية “بودي جارد” التي انطلقت 1999 وانتهت 2010، وبالتوازي معها حقق نجاحا منقطع النظير في السينما، وقابله سقطات ليست مدمرة لتاريخه الذي استمر حتى الآن، وعلى مدار 20 عاما تذبذب نجاح عادل إمام بشكل ضئيل نسبيا مقارنة بما قدمه من نجاحات.
من حق الجمهور انتقاد العمل غير الجيد وأن يقول لنجمه المفضل لقد خطوت خطوة غير محسوبة، لكن هناك نجاحا ينساه البعض وهو لماذا استمر العرض 10 سنوات؟! ألم يقدر الجمهور في تلك الفترة سوء المسرحية أم هناك أسباب نجهلها، المشكلة الآن في تقدير نجومية عادل إمام ومحاسبته على ما قدمه خلال تاريخه بناء على “سقطة” إذا اعتبرنا المسرحية بكل هذا السوء.
رأيي الشخصي حول عادل إمام أنه علامة من علامات الفن المصري، ليس نجمي المفضل الذي يمكن أن أدافع عنه بضراوة، لكن تاريخه لدي يشفع “سقطة” بحجم 3 ساعات، فمسرحية مدتها 3 ساعات لا يمكن أن تهدد عرش نجومية وتاريخ الزعيم. تخيل لو أن الزعيم أُصيب بمكروه في تلك الفترة هل ما سيُكتب عنه هو ذلك الهجوم فقط الذي رأيناه، أم أن تاريخه سيطغى على المشهد!