أسماء شكري
في الفترة الأخيرة لجأ بعض صناع الدراما التلفزيونية إلى تقليل عدد حلقات المسلسل، في تقليد أصبح يتزايد شيئا فشيئا، إلى أن وجدنا مسلسلات لا تزيد عن 7 حلقات مثل وادي الجن الذي يعرض حاليا على منصة فيو، وقارئة الفنجان المقرر عرضه قريبا عبر منصة شاهد في 10 حلقات، فيما يمكن اعتباره عودة إلى شكل الدراما الذي بدأ في الستينيات.
مع بدايات ظهور التلفزيون في مصر، كان جديدا على الجمهور تقديم مسلسل أو تمثيلية مصورة، إذ كان المعتاد سماعها في الإذاعة فقط، وشهدت الستينيات تجارب الدراما الأولى، وبحكم أنها فترة البداية؛ لم تكن الظروف ولا الإمكانيات تدعو إلى تقديم حلقات طويلة، فكانت أغلب المسلسلات وقتها تتكون من 10 حلقات، مثل مسلسل عواصف بطولة ليلى طاهر وسهير البابلي ويوسف شعبان.
وبمرور السنوات بدأت حلقات المسلسلات تزيد عن عشرة، حتى أصبحت في الثمانينيات تتراوح ما بين 13 و16 حلقة، مثل مسلسل غوايش (14 حلقة) والراية البيضا (16 حلقة)، ولم تزد عن 20 حلقة كحد أقصى في مسلسلات قليلة، من بينها الشهد والدموع الجزء الثاني الذي ضم 20 حلقة.
مع بداية التسعينيات التي تعتبر الفترة الذهبية للدراما التلفزيونية، وارتباط المشاهدين أكثر بالتلفزيون خاصة متابعة مسلسلات رمضان، بدأت حلقات المسلسلات تزيد عن 15 حلقة وهو الرقم الذي كان شبه ثابتا كحد أقصى لسنوات، فرأينا مثلا مسلسل ذئاب الجبل ذو الـ 18 حلقة، الذي أُنتج عام 1993.
وبحلول منتصف التسعينيات، وجدنا مسلسلات كثيرة تصل إلى 30 حلقة بل وأكثر، أبرزها لن أعيش في جلباب أبي (36 حلقة)، وزيزينيا الذي بلغت حلقات جزئه الأول 41 حلقة والجزء الثاني 36 حلقة، ومنذ هذه الفترة أصبحت مسلسلات الثلاثين حلقة هي الأساس، وبالرغم من ملل الجمهور؛ إلا أنه أصبح أمرا منتشرا.
استمرت مسلسلات الـ 30 حلقة بعد بداية الألفية، سواء عرضت داخل أو خارج رمضان، وبات تقديم مسلسلات أقل من 30 حلقة أمرا غريبا، ومثالا عليها عائلة الحاج متولي (34 حلقة) إنتاج 2001، حتى جاء موسم رمضان 2010 الذي شهد عرض مسلسل الكبير، وكان من المقرر كالعادة تقديمه في 30 حلقة، إلا أن بطله أحمد مكي تعرض لإصابة جعلته لا يكمل التصوير، فتقرر عرض الـ 15 حلقة الأولى فقط من المسلسل وكانت سابقة من نوعها، وإرجاء عرض الـ 15 حلقة الباقية إلى موسم رمضان الذي تلاه.
خلال السنوات الأخيرة وخاصة آخر عامين، انتبه صناع الدراما إلى تسارع الأحداث والتكنولوجيا في العالم كله، وسيطرة السوشيال ميديا على حياة الناس، التي جعلتهم يملون بسرعة ويفضلون متابعة محتوى مكثف أشبه بكبسولات مختصرة.
وتماشيا مع لغة العصر التي أصبح لا مفر منها، بدأ العديد من صناع الدراما في تقليل عدد الحلقات، وننتظر عرض تجربة شركة سينرجي للإنتاج الفني في رمضان 2021، التي ستقدم من خلالها مجموعة مسلسلات كل منها 15 حلقة، تلافيا لـ “المط والتطويل” الذي لا فائدة منه، بهدف مواكبة التغييرات التي طرأت على المجال الفني، وهي التجربة التي ينتظر الكثيرون متابعتها في رمضان المقبل، والتي من المتوقع تكرارها في الأعوام المقبلة.