أسماء مندور
يعد العمل ككاتب حر أحد أكثر أشكال العمل المستقل شهرة، خاصة مع تلك الصورة الشائعة المتداولة في الأفلام، لكاتب يدون الملاحظات والأفكار في مقهى أو حديقة. ومع ذلك، فإن كونك كاتبا مستقلا على الإنترنت يختلف تمامًا عن تلك الصورة الرومانسية للكتابة في المقاهي.
في الإصدار الثالث من دليل العمل المستقل الذي نشره موقع Egyptian Streets، يشارك الكُتاب ومؤلفو الإعلانات والمترجمون تجاربهم حول كيفية دخولهم إلى سوق العمل الحر وما تعلموه خلال رحلة عملهم.
ليلى شريف صحفية مستقلة، بدأت العمل المستقل فقط عندما ذهبت إلى ورشة عمل في الخارج، والتي من خلالها دخلت مجال العمل الحر.
تقول شريف: “جلست مع اثنين من أصحاب العمل الحر الذين عقدوا ندوة حول الموضوع، ولفتوا نظري لنقطة تتعلق بإعادة استخدام الموضوعات لأغراض متنوعة؛ على سبيل المثال، إذا كنت تريد عرض مقال عن القطط، فيمكنك بيعها للمجلات التي تتحدث عن الحيوانات الأليفة والحيوانات ومحبي القطط والألعاب، بمعنى أنه يمكنك إعادة تعيين الغرض من مقالة واحدة لتلائم كل هذه الفئات، حيث أن لكل منها اتجاهها الخاص عن نفس الموضوع”.
تابعت: “يمكنني إعادة توظيف موضوع واحد ليلائم كل هذه الزوايا المختلفة، وهو أمر قابل للتنفيذ، فأي موضوع أريد الكتابة عنه، يمكنني توجيهه بطريقة ما ليناسب سياسة النشر المتبعة”.
أضافت “ليلى” أن الفكرة في البحث، بمعنى البحث عن الصحف التي تقبل المقالات الحرة عبر الإنترنت والعثور على المجلات التي تتعامل مع المستقلين، غير موجود في مصر. فالصحف تأخذ مقالات مستقلة، ولكن ليس لديها ميزانية لدفعها، لذلك يتم اعتبارهم كُتابا ضيوفا. لذلك تعتقد أن الناس في مصر بدأوا يفكرون في أسلوب جديد، وهو طريقة النشر الذاتي عبر مدوناتهم وحساباتهم الخاصة، فهذه هي الطريقة التي يمكنهم بها البدء في الحصول على عمل حر، لأن الأشخاص الذين يعملون في مجال العمل الحر لا يبحثون فقط عن مقالتك، بل يهتمون بمجمل أعمالك.
إنها دائمة، إذ يجب عليك البحث باستمرار عن المشاريع أو خيارات العمل على مواقع العمل الحر مثل Upwork وFreelancer والمنصات المماثلة، فليس هناك الكثير من الوظائف المتاحة، هذا إلى جانب أنها قائمة على المنافسة؛ لذا عليك أن تصارع للحصول على ما تريد وتسترضي العميل الذي لديه مليون متقدم آخر، وهذه هي مشكلة العمل الحر، لذا من الصعب حقًا الاعتماد فقط على العمل الحر مقابل المال، إنه غير مضمون وغير ثابت، فكل يوم عليك البحث عن المزيد من الفرص، وكل يوم عليك التحقق، بل وإعادة التحقق من جميع الوظائف الشاغرة.
كما توصي شريف أيضًا بالمجموعات على Facebook للكتّاب المستقلين وكتاب وصانعي المحتوى، فقد يتمكن المرء من العثور على المزيد من فرص العمل، مضيفة: “خاصة بعد ظهور جائحة كورونا، أعتقد أن الناس بدأوا في التفكير في الاستعانة بأصحاب العمل المستقل.
“لقد اتصلت بمدونة عن السفر شاركت منشورا لمصور فوتوغرافي مصري. لقد وجدت أنهم على تواصل ببعض المصريين، لذلك اتصلت بهم وأخبرتهم أنه يمكننا إنشاء قسم كامل عن مصر، أو سلسلة من المقالات، أو أدلة مواقع، وبالفعل اتفقنا على معدل لكل كلمة، ونشرت معهم مقالا عن سيوة”.
كل ما عليك فعله هو أن تأخذ الأمر على محمل الجد حقًا، فالأمر كله يتعلق بالانضباط وإجبار نفسك على الجلوس وكتابة شيء ما حتى لو لم يكن هناك موعد نهائي للتسليم، لأنه في بعض الأحيان تضطر إلى إرسال مقالة مجهزة مسبقًا بعد عرضها على شخص ما.
كل هذا يتوقف على رغبتك، إذا كنت ترغب في كتابة مقال على الفور أو إذا انتهى بك الأمر إلى عرض المقالة في العديد من الأماكن ولم يردوا عليها، وانتهى بك الأمر بعدم كتابتها حتى لنفسك. أعتقد أنه يجب عليك عرض مقالاتك بأفضل ما يمكنك، وتوقع الأفضل، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فقم بنشرها على حساباتك الخاص.
عادة ما يكون المقياس بالكلمة، كما تقول ليلى، وأحيانًا لكل ساعة من الوقت الذي تقضيه في كتابة المقال: “في بعض الأحيان تكون مقالات مدفوعة من جهة، بمعنى أن تتواصل أنت أو جهة النشر مع شخص أو جهة تريد الترويج لها من خلال المقالة، وتخبرهم إذا كانوا يدفعون ثمن المقالة، مقابل أن تعلن عنهم وتذكرهم فيها، وهذه طريقة أخرى يمكنك أن تحصل بها على أموال أكثر”.
عليك أن تعمل وفقًا لجدولك الزمني الخاص، وعليك أن تخصص وقتًا لذلك كل يوم تمامًا مثل العمل اليومي العادي، وعادةً هذا هو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة على الأشخاص بشكل عام.
أما إيمان مجدي، مترجمة حرة، بدأت مع إحدى وكالات الأنباء، فقد صرحت لفريق Egyptian Streets، أنها بدأت من خلال التواصل مع الأشخاص الذين يعمل معهم أصدقاؤها، وبحثت عبر LinkedIn عن الشركة، وبحثت عن الأشخاص الذين يعملون معهم في مصر وتواصلت معهم. هكذا بدأت، رغم أن الأمر استغرق بعض الوقت حتى يتواصل معها أحدهم.
تضيف أنهالا تعمل بدوام كامل، وأن هذا فقط بجانب عملها ودراستها، قائلة: “يتم سؤالي عما إذا كان بإمكاني الترجمة في أي وقت من اليوم، ولكن في بعض الأحيان لا يكون ذلك ممكنًا، لذلك أرفض بعض الوظائف”.
تعمل جيلان الرافعي في كتابة النصوص والترجمة والنسخ والتحرير، ولكنها تعمل بشكل أساسي مع عملاء أجانب، معظمهم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا.
أهم شيء هو أن يكون لديك مجموعة كبيرة لنماذج أعمال مسبقة، لأنه في البداية، إذا لم تكن أنجزت أي عمل لأي شخص، يتعين عليك تولي وظائف بأسعار منخفضة لمجرد أن يكون لديك شيء لعرضه للعميل التالي.
وتضيف الرافعي: “آمل ألا يستمر هذا لفترة طويلة، لكن هذا ما فعلته عندما بدأت لأول مرة، ومن المفيد أيضًا أن تمنح نفسك دائمًا مواعيد نهائية للتسليم مناسبة، لأنه في البداية قد لا تتمكن من تحديد مقدار البحث الذي ستحتاجه الوظيفة بالضبط”.
تقول مجدي: “إذا كنت أترجم مقالًا يتكون من 300 كلمة، فعادة ما أتقاضى 15 دولارًا، وإذا كانت المقالة من 500 إلى 600 كلمة، فهذا يعني 40 دولارًا، أما إذا كنت أكتب المقالة بنفسي، فستكون قيمتها 50 دولارًا، لأن الشركة التي أعمل بها بشكل مستقل لديها مخطط أسعار يعتمد على الكلمات وليس لكل مقال”.
معدل الرافعي هو أيضًا لكل كلمة، بمتوسط 10-15 دولارًا لكل 1000 كلمة تكتبها. أما النسخ الصوتي فيكون أكثر تكلفة لأنه يستغرق وقتًا طويلاً جدًا، لذا يكون حوالي 20 دولارًا أمريكيًا لكل ساعة، أما الترجمة فتعتمد إلى حد كبير على نوع النص، إذا كان تقنيًا، أو إذا كانت هناك حاجة إلى الكثير من البحث، وبالنسبة لأنواع الوظائف الأخرى، فعادة ما يعتمد ذلك على ميزانية العميل.
لا توجد أسعار موحدة في هذه الصناعة، لكن على الرغم من ذلك، كما تقول الرافعي، هناك دائمًا شخص يعرضها بسعر أرخص منك وهناك دائمًا شخص أغلى ثمناً.
فهل من الممكن أن تكون كاتب مستقل في مصر؟ الجواب نعم، هذا ممكن، لكن لا يمكن الاعتماد عليه وحده كمصدر دائم للرزق، فالعمل الحر يجب أن يكون بجانب وظيفة ذات دوام كامل.