نهى القاضي
منذ عدة أيام وبينما أطالع المستجد من أخبار العالم على حسابي بمنصة فيسبوك. فوجئت بأمر عجيب واندهشت حد الصدمة، ماذا يحدث؟ أيعقل؟ يا إلهي! توقفت عن التصفح وتسمرت أمام الحدث الجلل. وبت أتساءل هل اختل ميزان الكون؟ أو حدث أيما حدث من المستحيلات الثلاثة التي اتفقت عليها البشرية واعطتها صك “المستحيل” بالإتفاق! أي هل ظهر الغول أو العنقاء؟ أو حتى الخل الوفي؟ وإن يكن، فلا يمكن أن يغير “عم بطوط” الافاتار الخاص به على فيسبوك إلى شعار النادي الأهلي، ويعقبه بمنشور يمدح في ذات نفس الفريق ويذكر جمهور الزمالك بأن “لا تنسوا أصحاب برونزية العالم يا بوابين”. فتسمرت عيناي وتوقفت عن التصفح، وبادرت إلى الرسائل لألقن هذا السارق درساً في الأخلاق مدافعة عن صديقي في فضائي الاليكتروني، انتهيت من دهشتي تلك عندما علمت أن حسابه قد سرق! على إثر خلاف مع صاحب الحساب الزملكاوي حتى النخاع “أيمن عبد الله” أو “عم بطوط” كما يُعرف في فضاء السوشيال ميديا بأنه أبرز مشجعي الزمالك وأكثرهم تعصب. اخترق أحد الأهلاوية حسابه، وطاح سباً وتنكيلاً في “ابن بطوطة” والزمالك وكل مشجعيه. كرد فعل على حظر الثاني للأول بعد تراشق بالألفاظ من الجانبين. تحت لواء الحب والاخلاص والانتماء للنادي
جعلتني تلك الحادثة المزعجة والعديد من أشكال التناحر الكروي بين مشجعي الفريقين على السوشيال ميديا “اتسأل لماذا؟” لما كل هذا العداء الرياضي والشخصي “في كثير من الأحيان” بين مشجعي الفريقين على مختلف أعمارهم؟ أما تلكما الحادثة الأخيرة لما لها من تدني وصل إلى حد الجُرم. جرم أن يخترق أحدهم مساحتك الخاصة ويعبث بكل أسرارك كيفما يشاء، جعلني انزعج وابحث في أصل العداء بين الناديين العريقين.
كنت اتساءل في بداية بحثي ببراءة، لماذا؟ لما لا يسود العالم الكروي ونفوس مريدي القلعتين الشامختين في عالم الرياضة المصرية “السلام”؟ ومتى تتوقف الحرب ويعيش الناس في محبة واحترام ميول بعضهم البعض، كأن يحضر مشجعي الفريقين مباراة بعضهما وكما يقول الأسوياء “يشجعوا اللعبة الحلوة”، فأفقت على انهيار أحلامي الساذجة، عندما علمت أن أصل الخصومة بدأت منذ قرن تقريباً!
نعم عزيزي القارئ بدأت المناوشات بين الفريقين مذ تاريخ انشائهما.
ففي 1907 تم إنشاء النادي الأهلي كأول نادي شبابي مصري من قبل رموز المجتمع آنذاك مثل “مصطفي كامل” ،”طلعت حرب” وغيرهما، تلى ذلك بأربع سنوات في عام 1911 إنشاء نادي الزمالك بيد بلجيكي يدعي “جورج مرزباخ” بعدها بعامين 1913 تم تغيير اسم النادي إلى “المختلط”.
جدير بالذكر أن جمهور نادي الأهلي يشاغب جماهير الزمالك بذكر لفظ “النادي المخلط” في إشارة منهم لتقليل شأن الجمهور الزملكاوي وكثير منهم لا يعلموا أنه لا عيب فيه فقد كان اسم من أسماء النادي في زمن سابق.
وتغير الاسم مرة أخرى عام 1941 إلى “نادي فاروق” وبعد ثورة يونيو 1952 أُعيد للنادي لقبه الأصلي، الزمالك، واحتفظ به إلى يومنا هذا.
نعود إلى أصل الخلاف. فطوال ما يقارب “الـ 100 عام” كانت المنافسة مقتصرة على فريقي الأهلي والزمالك، فيحصد الفريقان الميداليات والبطولات المحلية. تاريخياً يُقال أن الأهلي والزمالك التقيا معاً لأول مرة عام 1917 في مباراتين الأولى يوم 9 فبراير، وكانت المباراة على أرض نادي الزمالك في شارع فؤاد وفاز الأهلي 1/صفر. والثانية في 2 مارس من نفس العام وكانت على أرض الأهلي وفاز الزمالك 1/صفر. والخصومة بدأت مع أول مباريات “الديربي” بين الفريقين وذلك لعدة اسباب كما يلي:-
أولاً. أن الأهلي كان أول ناد يؤسس للمصريين بأيدي مصرية. بينما تأسس الزمالك بواسطة مجموعة من الأجانب. وهذا وحده كان كافيا لزرع الخصومة.
ثانياً. كان بالناديين فريقان قويان. وتوازن القوة صنع الخصومة بالتالي. وقد زادت واتسعت المسافة بين الناديين وزادت حدة الخصومة بسبب حسين بك حجازي.
ثالثاً. “ظاهرة حسين بك حجازي”
حسين بيك حجازي الملقب “أبي الكرة المصرية”. اشتهر بالمهارة في لعب الكرة منذ فترة دراسته الثانوية بالمدرسة السعيدية. وعندما انتقل إلى انجلترا للدراسة التحق بنادي فولهام ومثل منتخب جامعة كامبردج وحقق نجاحات عديدة.
عاد إلى مصر في عام 1914 فشكل فريق خاص به أطلق عليه اسم “حجازي الفن” تحدي حجازي بفريقه العديد من الأندية الانجليزية فذاع صيته. وسعى النادي الأهلي لضم حجازي بين صفوفه. وبالفعل حدث ذلك عام 1917 ولحق به مجموعه محترفين من فرقته. وانضم الآخرون إلى نادي الزمالك. ولكن في عام 1919 وبعد عامين فقط مع الأهلي. انتقل حجازي إلى نادي الزمالك ليصبح الزمالك أقوى الفرق المصرية وقتها.
أما في العام 1924 حدث أن نقل الزمالك مقره إلى مقر جديد ولكن القائمون على هذا الانتقال أخطئ خطئاً لا يغتفر في حق حجازي، فقد كان المقر الجديد كان لا يوجد به صالتي للعب البلياردو البريدج، التي كان يعشقهما حجازي. فقرر ترك الزمالك عائداً لصفوف الأهلي مرة أخرى وعلى مدة 4 سنوات من ترك حجازي للزمالك هبط مستوى فريق الزمالك.
فكان هذا التنقل المستمر بين الناديين لواحد من أقوى وأهم اللاعبين وقتها حجازي. كان سبب رئيسي في الخصومة بين جمهوري الناديين. نظراً لتعلق كل جمهور بفريقه وفرحته وغضبه بانضمام اللاعب أو بعده عن النادي.
تكررت قصة حجازي مع الأهلي والزمالك لكن بأسماء أخرى منها على سبيل المثال عبد الكريم صقر وزكي عثمان ويكن حسين وألدو وحتى رضا عبد العال وأيمن شوقي وجمال عبد الحميد ومؤخراً حسام وإبراهيم حسن وحديثاً كهربا، فعلى مدى ما يقارب القرن كان انتقال اللاعيبة ومحاولة استقطابهم من الناديين أهم أسباب التناحر بين جمهوري الأهلي والزمالك.
إلى أن مجلسي الإدارة وقعا على معاهدة في يوليو 1957 لعدم خطف اللاعبين، إلا أن الاتفاق لم يستمر بطبيعة الحال.
رابعاً. قرارات اتحاد الكرة ومن الأسباب أيضاً التي أصلت لهذه الخصومة وألهبتها
عام 1944 قرر الاتحاد إيقاف 14 لاعبا من النادي الأهلي. وكان رئيس الاتحاد في ذلك الوقت هو حيدر باشا رئيس نادي الزمالك. فهاجت وماجت جماهير الأهلي واعتبرت أن حيدر باشا المتسبب الرئيسي لخروج هذا القرار.
فشهدت مباره الأهلي والزمالك أحداث عنف وشغب. وأخذت المباريات منذ الخمسينيات طابعا مختلفا عما قبل. فتم اللجوء إلى التحكيم الأجنبي في 22 مارس 1956 وما زال هذا الأمر متبعا في مباريات الفريقين حتى اليوم.
خامساً. انضمام نجوم المجتمع إلى فريق دون آخر تسبب بنفس درجة المشاحنات.
انتماء المشير عبد الحكيم عامر فترة الستينيات إلى الزمالك كان من أسباب احتدام الخصومة من جماهير الأهلي إلى الزمالك.
وفي الستينيات أيضاً غنت صباح “بين الأهلي والزمالك محتارة والله ” فرددها جمهور الفريقين بنفس درجة الحيرة والانقسام التي نقلتها الشحرورة .
أخيراً قيام ثورة 23 يوليو وإلغاء الأحزاب ونتيجة للفراغ السياسي زاد عدد مشجعي الفريقين واشتعلت المنافسة وخُلق البديل للانتماء للأحزاب والانشغال بالحياة السياسية.
أما عن من سطرت ما سبق من الكلمات من انتماء لأيهما نادي فكما قالت نانسي عجرم، لو أقول بحب، بحب اتنين أهلي وزمالك دول جوا العين
الأهلي يا سلام على لعبه يخطف قلوب الناس جنبه واتمنى لو على طول غلبوا.. أما الزمالك في عنيا لعيبة كده مية المية، أبطال وفي اللعب رجولة حرفنة كده وروح رياضية