محمد إسماعيل الحلواني
على مدار سنوات عديدة، ظل فيسبوك في الصدارة متقدمًا على كافة مواقع التواصل الاجتماعي، بفضل قيادته لتطوير الابتكارات على منصته، ولكن المدهش اليوم هو أن يتقهقر العملاق الأزرق ليظهر في الخلفية، بل ويكافح لكي يواكب المنصات المنافسة.
حرب المنصات
خصصت مجلة Social Media Today تقريرًا لرصد بيئة حرب المنصات التي برز فيها تيك توك كمنافس شرس وعنيد، إلى الدرجة التي دفعت فيسبوك لتطوير ميزات تحاول اللحاق بتأثير تيك توك في مجال نشر مقاطع الفيديو القصيرة في محاولة للحد من زخم نمو تيك توك المرعب، بالطبع لمنافسيه.
وقال التقرير: “حتى الآن، لم ينجح فيسبوك في كبح جماح تيك توك، وظل التطبيق الصيني في طريقه ليصبح المنصة المفضلة لمليار مستخدم في عام 2021، ويقال إن مستخدميه يقضون وقتًا في التطبيق أكثر بكثير مما يقضيه الأشخاص على فيسبوك أو إنستجرام”.
فيسبوك في موقف غير معتاد
يعد هذا موقفًا غير معتاد بالنسبة لفيسبوك. فقد كانت آخر مرة واجه فيها هذا المستوى من المنافسة عندما انتشر تطبيق سناب شات بين الجماهير الأصغر سنًا، والذي بدا، في مرحلة ما، أنه يشكل تهديدًا وجوديًا طويل الأمد لهيمنة فيسبوك على سوق السوشيال ميديا.
ولا تزال شركة فيسبوك تكافح، فقد دفعت بميزة الاستوري على إنستجرام، وتبعتها بخدمة الفيديو “ريلز”، دون جدوى، فلا يبدو أنها نجحت بعد. وما زالت شركة فيسبوك تحاول معرفة سبب ذلك بالضبط.
فروق واختلافات في البناء والخوارزميات
لكن التقرير يرجح أن المشكلة الرئيسية تكمن في شيء لا يستطيع فيسبوك ولا إنستجرام التغلب عليه – يختلف إنشاء تيك توك والطريقة التي تحافظ بها المنصة على تفاعل المستخدمين اختلافًا جوهريًا عن منهجية الرسم البياني للاهتمامات التي تتبعها فيسبوك.
تمكن موقع فيسبوك حتى الآن من هزيمة المعارضين لانتشاره في كل مكان، ومنتقديه بسبب البيانات الضخمة الخاصة به، والتي تمكنه من إظهار المزيد مما يحبه الأشخاص، والتركيز على اهتماماتهم بشكل أكبر، وتعتبر خوارزميات فيسبوك البطاقة الرابحة لمعرفة من يتفاعل وحول أي موضوع يتم هذا التفاعل – ولكن تيك توك، بتركيزه على النشر العام، بدلاً من الشبكات المغلقة، يفتح خزانة المحتوى الخاص به لملايين مقاطع الفيديو التي يتم تحميلها على التطبيق كل يوم، مما يمكّنه من تحديد الاتجاهات والاهتمامات بشكل أكثر دقة.
لا يقتصر الأمر على اتساع مخزون المحتوى فقط – فتعرض تيك توك للمستخدمين مقطع فيديو واحدًا بملء الشاشة فقط في كل مرة، حيث يمكن من خلاله تتبع إشارات اهتمامات محددة بدقة أكبر، مما يعزز محركات التوصية مرة أخرى.
ويوضح محلل الصناعة يوجين وي هذه النقطة قائلاً: “كل ما تفعله منذ لحظة بدء تشغيل الفيديو هو إشارة إلى شعورك تجاه هذا الفيديو. هل تمرر سريعًا إلى الفيديو التالي قبل أن ينتهي من تشغيله؟ وهذه إشارة ضمنية (على الرغم من كونها صريحة) على عدم الاهتمام. هل شاهدته أكثر من مرة، وتركته يتكرر عدة مرات؟ يبدو أن شيئًا ما حول هذا المقطع قد نال إعجابك. هل قمت بمشاركة الفيديو من خلال جزء المشاركة المدمج؟ وهذا مؤشر قوي آخر للمشاعر الإيجابية “.
تعد خوارزميات تيك توك، التي تتضمن التعلم الآلي بناءً على محتوى الفيديو، جنبًا إلى جنب مع التصنيف البشري، منسجمة بشكل كبير مع الاهتمامات المحددة للأشخاص، ولا يتطلب الأمر سوى قدر ضئيل من الاستخدام لمعرفة ما يجعلك على تواصل. وهذا هو السبب الذي يجعلك تجد نفسك تقوم بالتمرير والتنقل لساعات. وقد أعلنت شركة فيسبوك في أواخر الأسبوع الماضي، عن بناء عملية جديدة لتصنيف مقاطع الفيديو بناءً على المحتوى – مثل تيك توك إلى حد كبير.