الصوفية (7).. السيد إبراهيم أبو العيون الكبير.. القطب المربي والمُعلم التقي

محمد مصطفى عزوز

السيد إبراهيم أبو العيون الكبير لقب ممن حوله بالمعلم والمربي، وهو كما ذكرنا في الحلقة السابقة علماً من أعلام الولاية وكان قطباً حقيقياً كان يعامل الله في كل أحواله ذاع صيته وملئت شهرته الأفاق وله أبيات شعرية دينية فقد ورد عنه بيتاً عن التقوى والعلم قال فيه: “لو كان للعلم دون التقى شرف- لكان سيد العلماء إبليس”.

نرشح لك: الصوفية (6).. الأسرة العيونية.. امتداد الجهاد ومنهل العلم وبئر البركة

ولم يكن هذا بيتاً بل كان منهجاً فالأسرة العيونية فهم أحرص الناس على نشر العلم سواء كان في الأسرة أو بين مريديهم لدرجة أنهم من مؤسسي العلم في صعيد مصر وعندهم ثلاثة أشياء لا يتفرقن العلم والتقوى والأدب، والعلم عندهم لا يقتصر على العلم الديني فقط بل العلوم الحياتية أيضاً، بل أنهم أحرص الناس على أن يكون مريدهم باحثاً علمياً ويحثون المريدين على الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه، أما عن جوانبه الشخصية كان الشيخ إبراهيم أبو العيون كثير العبادة والخلوة مع الله تربى على يديه كثيراً من أبناء الصعيد فعلمهم الأدب وهذب سلوكهم وصفى ضمائرهم ولعلنا ونحن نتحدث عن هذا الولي التقي لابد أن نعرف الحقيقة التي يختلف عليها بعض الناس وهي لماذا ينزل الله الكرامة؟ ولماذا يختص بها بعضا من خلقه؟، أولاً الولاية هي ليست تشريفاً لكنها تكليفاً فالولي مكلف من الله بقضاء حوائج الناس ثم أنه مكلف بتهذيب وتربية المريدين والتهذيب ليس تهذيباً دينياً بالمعنى المعروف ولكنه تهذيباً روحياً فإنه يجعل المريد يعامل الله في كل أحواله يصدق ولا يكذب يؤتمن ولا يخون يحب أهل الله ولو لم يكن منهم، إن الكرامة تأتي لفك الكروب وهي منه من الله وحده وتجعل المريد يتعلق بالولي فيبدأ الولي بتربيته وتهذيب سلوكه وتعليمه حسن الأدب مع اللهً.

كان السيد إبراهيم أبو العيون من هؤلاء الأولياء فقد كان يهتم بتربية الأحباب والمريدين وكان ينزل البلاد وينشر فيها البركات وكان يتجمع حوله الناس، كان ككل ولي حقيقي مستتراً في حاله وكرامته وكان كثير الاستغفار عابداً يوصل الليل بالنهار، وقد كان متطوراً فقد علم خادمي البيت ووضع لهم قواعد في تقديم الطعام للمريدين ولباقة التعامل وحسن العمل والعلم ورغم شهرته وصيته كان زاهداً في المناصب وأصحاب المناصب ورغم أن الملك بنفسه جاء ليزوره لمكانته وصيته كان لا يطلب شيئاً وهي عادة أقطاب الأسرة العيونية فهم يطلبون ولا يَطلبون وهم يقصدون ولا يقصدون ومن كراماته العجيبة أنه كان يقول: “أنا شايف يا حبايب اسم أبو العيون مكتوب على الجنيه”، فكان الجميع يستغرب لأنه عليه رضوان الله كان في عصر الملكية ولا يكتب سوى اسم الملك فتشاء الأقدار بعد عشرات السنين أن يتولى حفيده الدكتور محمود أبو العيون محافظاً للبنك المركزي ويكتب اسم أبو العيون على الجنيه.

ومن أقواله المأثورة “العدد في الليمون”، تعبيراً على أن الكيف أهم من الكم، انتقل السيد إبراهيم أبو العيون الكبير ولكن ترك أسرة نبوية شريفة، ترك القدوة والمثل والبركة، ترك لنا مبادئ تربى عليها أبناء الطريقة منذ يومه إلى وقتنا الحاضر ترك بيتاً مفتوحاً لله وترك ذرية وهبها لله تقلدوا أعلى المناصب لكنهم لم يطلبوها علموا أجيالاً أن العلم دون التقى ليس بشرف وأن التقى دون العلم ترف، فالمؤمن الحقيقي هو العالم التقي فعلم إبليس أضاعه فسقه وكم من تقي أطاعه جهله، كان كبيراً ومعلماً ومربياً وولياً وعالماً وعاملاً إنه السيد إبراهيم أبو العيون طيب الله أيامكم.. وإلى لقاء.