محمد أبومندور يكتب: كُلُه بخمسة جنيه

نتعرض للكثير من الأفكار ونحاول طرحها ومن ثم العمل على بلورتها إلى شكل عملي مفيد للناس، أو نبدع فناً يدعوا للتأمل للوصول إلى الرسالة من وراء ذلك الإبداع سواءً كان لوحة فنية ، مقطوعة موسيقية ، عملاً شعرياً ، نصاً أدبياً، أو عملاً درامياً أو أي شكل من أشكال الانتاج الابداعي، وما أن تكاد تفتح فمك بالحديث عنه تجد من يستخدمه وكأنه ملكية شخصية له، بل قد ينسبه إلى نفسه بالفعل. اتحدث هنا عن كمية السرقة التي تتم جهاراً ليلاً ونهاراً لأي منتج ابداعي لبني البشر. كل المعروض متاح للسرقة والنسخ والاستعمال غير القانوني بدئاً من إلياذة هوميروس وحتى أصغر تغريدة (تويتة) على تويتر من شخص عادي.

إن انعدام الالتزام بحقوق الملكية الفكرية أصبح متفشي لدرجة أن هناك البعض ممن يعيشون معنا لم يسمع عنه بالإساس، فعند التنبيه على أحدهم ممن ارتكبوا جريمة السطو الفكرية تلك يسأل بإندهاش عما تعني تلك المفردة التي يسمع عنها لأول مرة. توجد لدينا مشكلة في تعريف الناس بموجبات حماية حقوق الملكية الفكرية لأي منتج فكري يخص أشخاص آخرين. ولا يتوقف الأمر على سرقة الانتاج الفكري بإدعاء ملكيته وحسب وإنما يمتد إلى سوء الاستخدام أيضاً.

تمتلء جنبات شبكة الإنترنت بكم مهول من المحتوى المسروق أو المستخدم بشكل غير قانوني بداية من الكتب المنسوخة إلى الأفلام المزورة (مسربة بدون علم المنتج) مروراً بملايين الأبحاث العلمية والأعمال الفنية المزورة. لكن جريمة انتهاك حقوق الملكية الفكرية موجودة من قبل وجود الإنترنت – هذا صحيح – ولم تفلح قوانين حماية الحقوق الملكية الفكرية في مهمتها بل إزدادت معدلات تلك الجريمة بشكل مطرد مع التطور التقني في تناقل المعلومات والمحتوى الرقمي فتجد المئات من الكتب والأفلام والمقالات التي لا يشار إلى أصحابها خصوصاً تلك المعروضة للبيع بالأساس.

ليس المهم هو وجود قوانين فقط لكن الأهم هو وجود الوعي لدى الأفراد بأن هذا سلوك خاطئ ومشين، وهو أمر اتشكك في حدوثه لما وصلنا إليه من انعدام للأخلاق، فأصبح كل شيء في حكم المباح بل أمر عادي أن يحدث وغير العادي أن يمتنع أحدنا عن نسخ برامج أو أفلام أو الحصول على نسخة من كتاب عن طريق النسخ غير القانوني، وينطبق هذا أيضاً على البث الفضائي بما يسمى الوصلة لمشاهدة القنوات المشفرة خصوصاً القنوات الرياضية والتي يروج سوقها في أيام البطولات المهمة ككأس العالم،  وقد يمتد الأمر إلى أن يستغل ذلك بشكل تجاري رخيص، فتجد من يتجول حول المتاجر حاملاً كماً من الأقراص المدمجة المحشوة بكل ما تتمناه من تجميعات الأغاني المختلفة والأفلام الجديدة وبرامج الحاسب الآلي المشهورة وكلها بسعر موحد هو 5 جنيهات لا أكثر، تشتري يا هانم، تاخد يا بيه كله بـ 5 جنيه!

إن القرصنة الفكرية هي عملية سرقة بحتة وإن لم تفهم ذلك فلك أن تتخيل أنه اتيح لك من خلال تقنية ما أن تنسخ ملابس أو أطعمة  تريد الحصول عليها، فهل نسخ تلك البضائع أو الحصول عليها من غير أصحابها قانوني أو مباح، ام ستتعامل مع البائع ذو النداء القائل “تشتري يا هانم، تاخد يا بيه؟ كله بخمسة جنيه!”

اقرأ أيضًا:

محمد أبومندور: الخبر والأثر   

محمد أبومندور: لا تصدق وإن منحوك الذهب..

محمد أبومندور: أين ذهبت روح رمضان في مصر؟

 محمد أبومندور: نوستالجيا رمضان

محمد أبومندور: بالرغم من كل شيء

محمد أبومندور: التطوير آفة العصر!

.

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا