إيمان مندور
رغم عشرات التصريحات والاتهامات المتبادلة عبر الصحف والقنوات خلال الآونة الأخيرة، عن أزمات الفنان شريف دسوقي، إلا إنه من الصعب أن تنتقده بأريحية أو ترصد تصرفاته بدقة، لأنه في كل الأحوال ستجد نفسك مشفقا عليه في النهاية، سواء كان مذنبا أم لا.
الرجل يتم اتهامه منذ سنوات طويلة بالجنون وأنه غير سوي نفسيا ويتعاطى مواد مخدرة، فالأمر ليس بجديد كما يعتقد البعض، أو أن الأمور تغيرت بعد نجاحه في مسلسل “بـ 100 وش”، فالأزمة قديمة وباعترافه نصا في أحد الفيديوهات المتداولة له منذ عام 2012، بأن أساتذة المهنة يتهمونه بالجنون والإدمان.
بعد المنشور الشهير الذي كتبته المخرجة كاملة أبو ذكري عن غرور بعض الوجوه الجديدة في مسلسل “بـ 100 وش”، وبعد نفي كل من شارك بالمسلسل، وبعد تبرير المخرجة أنها تقصد شخصين فقط من أبطال العمل، توجهت أغلب الأنظار لشريف دسوقي، وأقسم بعضهم أنه المقصود من اتهامات المخرجة. وتزامن ذلك مع تداول أنباء من كواليس بعض الأعمال الفنية عن تعامله بغرور شديد مع الجميع، ووصوله متأخرا، ورفضه لأي توجيه أو نصيحة، فضلا عن اتهامات من صحفيين بأن أسلوبه في التعامل غير جيد على الإطلاق.
البعض ربط كل تلك الأحداث ببعضها، لا سيما مع النجاح الكبير لمسلسله الرمضاني، وبالتالي أصبح الأمر شبه مؤكد لدى كثيرين بأنه غير بريء من هذه الوقائع، حتى وإن لم يشهدوا ذلك بأنفسهم. إلى أن حدثت الأزمات الأخيرة والاتهامات المتبادلة بينه وبين صناع بعض الأعمال التي يقوم بتصويرها، فضلا عن اتهامه لنقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي بالتخاذل وعدم دعمه في أزماته.. وغيره الكثير من الأمور، التي انتهت بأخبار مؤسفة عن دخوله مصحة نفسية للعلاج. وزاد من الطين بلة، استغلال بعض المواقع الإلكترونية للحالة والأزمات التي يمر بها، وحصلوا على صور وفيديوهات يتحدث ويسب ويلعن فيها كل المتسببين في أزماته، وظهر خلالها وكأنه في غير حالته الطبيعية.
ورغم نفيه لأمر دخوله مصحة نفسية إلا أن ردود أفعاله الغاضبة جدا جعلت الجميع يصدق ذلك، خاصة مع طريقة رد الفنان أشرف زكي على الاتهامات الموجهة لشريف بأنه “بيضرب أوردرات التصوير”، ليؤكد أن كل شخص لديه ظروفه، ولا يجب النقاش في مثل هذه الأمور أمام الجمهور على الهواء.
ومن المفارقات أن شريف رد في نفس البرنامج، وبعد دقائق من حديث النقيب، قائلا بالنص: “أساتذتي ومستشاريني ومساعديني قالوا لي عليك أن تمثل فقط، لأني لا أجيد التعامل مع الكائنات الخرافية”.
في الحقيقة، لسنا بصدد رصد تفاصيل أو انتقاد أزمات شريف دسوقي والبحث في أسبابها الآن، لأنه حتى وإن كان لديه الحق في بعض الأمور أو في جميعها، أو عكس ذلك تماما، إلا إنه من المؤكد أن لديه أزمة كبيرة في التعامل مع الأخرين. لذلك ربما يقتضي الإنصاف أو إن شئنا الدقة ربما تقتضي الإنسانية أن تكون الأولوية الآن لبحث كيفية إنقاذه مما هو فيه، سواء كان فيه بإرادته أو بسبب الضغوط التي يمر بها، أو لأسباب أخرى.
الرجل لا تستطيع إلا أن تشفق عليه مما هو فيه، هناك شيء ما غير طبيعي لا بد من مواجهته وإنقاذه منه، هل ضغوط العمل؟ هل النجومية المتأخرة؟ هل اتهامات باطلة؟ هل شائعات من بعض المغرضين؟ هل أسباب نفسية لا علاقة لها بالمهنة؟!… أسئلة كثيرة ربما إذا فكرنا في إجابات منطقية لها سنتمكن من إدراك كيفية إنقاذه، بدلا من استغلال أزماته لإثبات وجهات نظر معينة عنه أو عن أخرين.
من الجيد أن نكون رحماء ولو لبعض الوقت، وننقذه من نفسه أو من الأخرين، لا يهم سننقذه من يد من، المهم أن كل من يستطيع أن يساهم في ذلك يفعله بدون تردد، بدءا من نقيب الممثلين مرورا بالزملاء في الوسط الفني، ثم الصحافة والإعلام، وانتهاء بالجمهور.. فالنجومية المتأخرة قد تكون لعنة في بعض الأحيان، رحم الله من خرج منها سالما.