محمد إسماعيل الحلواني
بعد 10 سنوات من استخدام السوشيال ميديا، يعتقد “جون براندون” بعد أن كتب ونشر أكثر من 15000 مقالا حول السوشيال ميديا، أن الوقت قد حان لتقييم ما إذا كنا قد تعلمنا كيفية التواصل بشكل فعال مع بعضنا البعض على هذه المنصات الناشئة.
يعتقد “براندون” أن سبب ضرورة التقييم الآن، يكمن في الممارسات الشائعة من قبل “المتصيدين” على تويتر ونشاطهم بصفة خاصة في حملات التضليل المنتشرة على فيسبوك.
من هم المتصيدون؟
يعرّف “المتصيدون – Trollers”، على الإنترنت بأنهم الأشحاص المساهمون بتعليقات أو كلام مثير للجدل لا علاقة له بالموضوع الأصلي داخل مجتمع إنترنت؛ وهدفهم الأساسي الهدم والخروج عن الموضوع وإثارة الجدل والمشاكل بين أفراد ذاك المجتمع؛ عن طريق استمالة عواطفهم وتحريكها ضد بعضهم البعض، وتحويل بيئة المجتمع من بيئة تكاملية متعاونة إلى بيئة تصارعية تغلب عليها المنازعات.
أصل التسمية
يرجع تاريخ مصطلح “المتصيد (الترولر)” لأواخر ثمانينات القرن العشرين، وهو مأخوذة من طريقة صيد الأسماك برمي الطُعم وجره ببطء في المياه.
ويتبع المتصيد أسلوب الجدل إشعال النقاشات حول موضوع ما؛ فهو يبدأ في النقاش “مرتديا عباءة الرجل الصالح” بتعليق ظاهره طيب (المساهمة البنّاءة ومناقشة تطوير الموضوع)، وباطنه خبيث (إثارة الجدل بين المتحاورين وتأليبهم على بعضهم البعض)، ويحاول دائما تجنب وصول المناقشة إلى نهاية واضحة لأنه يريد أن يستنفذ وقت وجهد أفراد المجتمع ويبعدهم عن استكمال عملهم البنّاء.
قبل بضعة أيام فقط، رأى براندون أول تعليق غاضب له على إنستجرام وهو أمر مفاجئ له لأنه في الغالب مشغول بنشر صور توثق تأليف كتابه ومراحل جمع مادته. وأفرد براندون مساحة من مقاله المنشور بمجلة فوربس الأمريكية لما يسميه “الذكاء العاطفي”، أي لجوء الأشخاص للتعبير عن أنفسهم باستخدام أدوات رقمية مثل زر “أغضبني” على وسائل التواصل الاجتماعي.
زر “أغضبني” لا يكفي
يعتبر براندون استخدام زر “أغضبني” دليلا على عدم النضوج وأن الأمر سيستغرق أكثر من بضعة رموز تعبيرية هنا أو هناك. فغالبًا ما تنقصنا الإشارات العاطفية الفعلية سواء كنا قد قطعنا شوطاً طويلاً أو قصيرًا في التعليق على مشاركة مؤذية.
ونقل براندون، في مقاله، خلاصة حديثه مؤخرًا مع “إيثان كروس”، مؤلف كتاب “الثرثرة: الصوت الذي في رأسنا.. لماذا يهم وكيف يمكن تسخيره”.
يدور الكتاب حول كيفية معالجة رؤوسنا للأنشطة وتجارب حياتنا اليومية، وتعديل استجاباتنا وردود أفعالنا، كما ينبه إلى ضرورة عدم فقدان الأمل في ضبط وإعادة صياغة ما نقوله ونفعله.
إضفاء الطابع الإنساني
ذكر كروس أن وسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص لم تعالج مشكلة نشر الصور المسيئة. ويقول كروس: “ما ينقص وسائل التواصل الاجتماعي هو الإشارات التي تضفي طابعًا إنسانيًا على الشخص الذي نتحدث معه مع الإقرار بأن رفض الشخص في وجهه أكثر صعوبة مما يحدث على المنصات”.
ولفت كروس إلى تحول العديد من مناقشات فيسبوك بسرعة إلى الشتائم والمبالغة في الحديث عن تأثير لقاحات كوفيد-19، على سبيل المثال، وفي بعض الحالات تتحول إلى معركة رقمية أشبه بالاشتباك بالأيدي.
من السهل مشاركة رمز تعبيري مبتسم أو وجه حزين أو غاضب بين الحين والآخر، ولكن غالبًا لا يكون ذلك كافيًا. فنحن لا نرى كيف يتفاعل الآخرون في الوقت الفعلي، والوصول السريع عبر هواتفنا يعني أننا لا نفكر في كيف سيكون وقع تعليقنا على الآخرين وكيف سيشعرون عند قراءته.
ويوصي كروس بالتركيز بشكل أكبر على البعد الإنساني، خاصة الآن بعد أن أصبح لدينا أضعاف مضاعفة من المنشورات على جميع المنصات.
لدينا الكثير الذي يجب أن نتعلمه مثل “كيفية الإبحار في العالم الحقيقي دون اتصال بالإنترنت. ثم علينا واجب نقل ما تعلمناه للآخين عن كيفية التنقل الآمن في بيئة الإنترنت”.
وأوصى الكاتب بتطوير أساليب “التنشئة الاجتماعية” الخاصة للسوشيال ميديا، وضيفًا بثقة: “نحن في وضع أفضل بكثير مما كنا عليه قبل 10 سنوات وسوف نتعلم المزيد ونصبح أكثر دقة”.
Kindli يأخذ بزمام المبادرة
يقدم فيسبوك بعض الأدوات البدائية التي يمكنها اكتشاف أشياء مثل التهديدات بالقتل أو الاعتداءات. ولكن الطريقة التي يعالج بها تطبيق Kindli الجديد هذه التهديدات تحظى بإعجاب الكثيرين. فإذا حاولت نشر محتوى تهديدي أو شديد النقد أو وقح، فإن التطبيق يحظر المنشور.
ويمكن للمنصات تحليل الأسلوب وتقديم بعض التعليقات حول كيفية النظر إلى المنشور أو التعليق عليه، استنادًا إلى تاريخ طويل من المناقشات السابقة على وسائل التواصل الاجتماعي.
مكافحة المجهولين
تعتبر الهوية المجهولة في الكثير من الأحيان درعًا واقيًا للمتصيدين والمسيئين لغيرهم عبر منصات السوشيال ميديا، لذا سجل مقال براندون إعجابه بتطبيق Checkmarq الذي يطلب مشاركة صوة لجواز سفر المستخدم أو بطاقته الشخصية لإثبات هويته. عندما يقدم المرء بطاقته الشخصية أو جواز سفره، فإنه يكشف عن بعض إنسانيته. وهو أمر مفيد عمليًا.