عبد الملك زرزور، شخصية ما اتكتبش زيها كتير في السينما المصرية، ويمكن ما اتكتبش خالص، بـ أفهم الشخصية من أداء محمود عبد العزيز، وهو بـ يقول: “وإن عذابي هو العذاب الأليم” صدق الله العظيم، في بداية المشهد ده مروان كان مخليه قاعد على عرش في إضاءة عاملاله جلال وهيبة وغموض.
زرزرو اللي بـ يقدر يعرف اللي جواك من غير ما تقوله، ولما بص في عين شيبة (محمد فاروق)، ما قالش: يبقى إنت اللي خدت الكيس، قال له: روح هات الكيس يا شيبة، وشيبة قدام زرزور ما تنهاش، راح جاب الكيس، وهو عارف إن فيها موته.
زرزرو هو اللي بـ يقرر مين يعيش ومين يموت، لما قال: “وزي ما قال شيبة الله يرحمه” كان شيبة عايش في بداية الجملة، وكان مات في نهايتها، وبدأ كلامه لـ إبراهيم الأبيض: “أنا حييتك تاني” (مكناش لسه فهمنا تاني ازاي).
زورزور اللي بـ يمتلك الحكمة والبلاغة والقدرة والقرار، وبـ يخير الخلق يختار مصيرهم، لو إنت جليته إحنا مش خـ نجليك، واحد منكم طابب.
ما أقدرش أعمل إحصائية لـ جمل عبد الملك زرزور، اللي بقت كليشيهات، واتعملت كوميكس، وعبرت عن خلاصة الحكمة في المجتمع والسياسة والذي منه، وشكلت دماغ ناس أعرفهم، ما أقدرش أعمل الإحصائية لـ إنها كتير: “الإنسان دعيييف”، “الجرأة حلوة مفيش كلام”، “دي دخلة إنك لميت”، “أخد الحق حرفة وبالأصول”.
ما أعرفش عباس أبو الحسن كان في حالة عاملة ازاي وهو بـ يكتب الشخصية دي، بس دي بـ يسموها في التصوف “فتوح” أو تجليات.
زرزور الجبار ده، كان ضعيف جدا جدا، زي الإنسان الضعيف، قدام حورية، وعلى إيدها عرف الذل، الذل اللي يليق بـ شخص زيه.
هو كان عايز ينولها، ينام معاها، بس بـ رضاها، هو ممكن يستخدم كل سلطاته وجبروته في إنه يوصل لـ غرضه، بس هو إيه غرضه؟ غرضه رضاها قبل النوم معاها، غرضه اكتمال إحساسه بـ إن مفيش حاجة عصية عليه.
عادي، كان ممكن يغتصبها، كان ممكن يستخدم سلطته الاجتماعية كـ زوج، كان ممكن يعمل أي حاجة، بس مش هو ده المطلوب.
ولـ إن زرزور واعي جدا بـ الأمور، كان عارف إن ضعفه تجاه حورية مش مناسب له، وهو ده الذل بـ عينه، علشان كان بـ يستخدم حديث: “ربنا لا تؤاخذني فيما لا أملك” مع معرفته الكاملة بـ سياق الحديث، المقصود تماما.
ضعف زروزور كان باين في كل التفاصيل، وواضح لـ الجميع، حتى غنام قبل ما يموت كان بـ يرغي فيه، وكل نسوانه التانيين عارفين وفاهمين، وكان لازم زرزور يجرب معاها سلاح مختلف، فـ كانت الجملة الخالدة: “عشمي إن ذوقي يكسفك”.
بس ذوق زرزور ما كسفهاش، بـ العكس، خلاها تركب وتدلدل رجليها، وتلاعبه، وتسيطر، وتخطط، وتسيبه، وترجع له، وتسيبه تاني، ووصلت الحكاية معاه، لـ إن بيته، قلعته، يتعرضوا لـ الاقتحام على إيد غريمه المغامر.
اللحظة اللي كان فيها إبراهيم الأبيض مثبت زرزور وهو في منتهى الثبات، وبـ يقول له: “إيه يا أبو الأصول، هـ ناخد صورة لـ الذكرى؟”، اللحظة دي ما ينفعش يتكتب عنها، دي تتشاف بس.
لـ الأسف الشديد، كان فيه مونولوج طويل، قاله زرزور بعدها، يتكلم فيه عن إبراهيم الأبيض ورؤيته ليه، المونولوج ده اتحذف في المونتاج، مع حاجات كتير اتحذفت، هـ نشوفها لـ التفصيل، والحذف كان لـ أسباب مختلفة، بس كان مونولوج مكتوب بـ عناية.
اللحظة دي حررت زوزور من سيطرة ضعفه تجاه حورية عليه، لكن ما حررتوش من ضعفه نفسه، قدر يسترد التحكم في نفسه، وقدرته على التخطيط، والانتقام: و”أهون عليكي تهوني عليّ”، لكن أداء محمود عبد العزيز، وهو بـ يضرب حورية بـ النار، يوريك بـ الظبط تعرف يعني إيه: تراب الذل، اللي كان في بيت الأصمعي:
مساكين أهل العشق، حتى قبورهم
عليها تراب الذل بين المقابر