أسماء شكري قصة مسلسل قصر النيل
الزمن لا يمكن أن يرجع إلى الوراء، ولكن ميزة الفن أنه يستطيع أن يعيدنا إلى أي فترة زمنية لم نعشها، وهذا ما حدث خلال متابعتي لمسلسل قصر النيل الذي يعرض حاليا في رمضان 2021، من بطولة دينا الشربيني وتأليف محمد سليمان عبد المالك وإخراج خالد مرعي. قصة مسلسل قصر النيل
أدخلني العمل في “موود روقان” الأربعينات والستينات، في جو من التشويق تبعا لأحداث المسلسل القائمة على جريمة قتل منصور السيوفي، ونتابع حلقة تلو الأخرى محاولات التوصل إلى القاتل.
ينجح المسلسل في أن يوقعك في غرامه منذ البداية مع أغنية التتر المميزة بصوت أصالة، إلى تصميم التتر نفسه المليء بالمباني والمعالم القديمة في مصر المرتبطة بتلك الفترة، وحتى اختيار شكل الخط الذي كتبت به أسماء صناع العمل كان موفقا للغاية، بالإضافة إلى الزخارف الرقيقة حول الأسماء التي تشعرك بأنك ركبت آلة الزمن وعدت إلى الوراء سنوات طويلة.
وأنا أتابع مسلسل قصر النيل أشعر بهدوء نفسي لا أعرف له سببا محددا؛ ربما لأن الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث كانت هادئة ولم يتميز العصر وقتها بالسرعة الموجودة حاليا، وأيضا بساطة الشخصيات وتكرارها لتعبيرات انقرضت الآن مثل “سعيدة- نهارك سعيد”، بالإضافة إلى جمال الديكورات وتصميم الأزياء الأكثر من رائع بتوقيع المصممة دينا نديم، كل هذا أدخلني في “جو” الأربعينات والستينات وأخرجني لدقائق من زخم وتشويش الألفينات!
أحداث المسلسل حتى الآن مترابطة وتسير في تسلسل متقن وحبكة درامية وتشويق “متزن”، فالمسلسل مصنف بأنه عمل تشويقي ولكنه لم يتمادى في التشويق للدرجة التي ترهق الجمهور، وأيضا خالٍ تقريبا من الحشو الذي أصبح موجودا بكثرة للأسف في أعمال درامية كثيرة، ولكن الحكم النهائي على المسلسل ما زال مبكرا كوننا في الحلقات الأولى.
اختيار الممثلين أيضا كان موفقا جدا فكل فنان وُضع في مكانه الصحيح، بداية من دينا الشربيني التي قدمت أداء رائعا لمشاعر متضاربة داخل فتاة تخطط للانتقام؛ ولكنها في الوقت ذاته بداخلها مشاعر ضعف وخوف وتحرص طوال الوقت على إخفائها، وأيضا أداء ريهام عبد الغفور المتمكن لشخصية “عايدة” الزوجة المتسلطة القوية بدون نبرات صوت عالية أو صريخ، بالإضافة إلى الفنان نبيل عيسى في دور نبيل السيوفي الشخصية المرفهة منذ صغرها التي دائما ما تجلب المشاكل، كما أبدع أحمد خالد صالح في دور فوزي السيوفي الشخص غير المتزن عقليا العاجز عن اتخاذ قراراته بنفسه، فضلا عن دور الفنان مصطفى حشيش كمدير للقصر، وأيضا أداء صبري فواز المحترف لشخصية منصور السيوفي، وكذلك الفنان محمد حاتم الذي لفت انتباهي بشخصية الشاب الذي يعيش مع إخوته في القصر، ولكنه منعزل عنهم ويشعر طوال الوقت بحواجز موجودة بينه وبينهم، فيرى في ممارسة السياسة مجالا يثبت فيه ذاته.
ما زلنا في الثلث الأول من أحداث المسلسل، ولكن ما شاهدته حتى الآن يبشر بعمل درامي متميز مشوق ومختلف، نجح في إعادتي إلى عصر أحببته وطالما تمنيت أن أحيا فيه.