أسماء شكري محمد جمعة في نسل الأغراب
“طب ما أنا أخوك.. لا شقيت الأرض ولا خنت أهل الكون كلهم.. اغفرلي”.. أبهرني أداء محمد جمعة “نميري” لهذه الجملة أثناء حوار دار بينه وبين أحمد السقا “عساف” في مسلسل نسل الأغراب، تعبيرات وجه “جمعة” ونظرات عينيه المعبرة ونبرة صوته المغلفة بالحنان والتوسل لشقيقه الأصغر أن يسامحه جعلتني أشعر أنهما شقيقين بالفعل، وأعدت أكثر من مرة مشاهدة محمد جمعة وهو يقول للسقا باستجداء أشبه بالبكاء: “اغفرلي” بالرغم من جبروت عساف وتكبره عن المسامحة. محمد جمعة في نسل الأغراب
استطاع محمد جمعة من خلال مشاهده التي عرضت حتى الآن ضمن أحداث المسلسل، تجسيد الصراع النفسي داخل شخصية نميري؛ الشقيق الأكبر لعساف الذي لم يزره طوال مدة سجنه بل وتعاون مع غريمه غفران الغريب – أمير كرارة – فبعد خروج عساف من السجن الذي أربك الجميع وغيّر حساباتهم؛ وجد نميري نفسه محاصرا ما بين غفران الذي يعمل لحسابه ومن أهم رجاله وما بين شقيقه عساف غريم غفران الأكبر، فمع من سيقف نميري ضد من؟ أصبح في صراع ما بين خيارين كلاهما مر كما يقال.
محمد جمعة في نسل الأغراب
ومع تطور الأحداث يشتد الصراع النفسي داخل نميري، وفي مشهد آخر وهو جالس مع شقيقته يتحدث عن حبه لعساف وذكرياتهما سويا منذ طفولتهما.. وأثناء كلامه هذا يكتشف أنه ما زال يحب أخيه وهي الحقيقة التي ربما غابت عنه بغياب عساف 20 عاما داخل السجن، ومرة أخرى يبدع محمد جمعة في ما يمكن تسميته لغة العيون.. فيستغلها جيدا ليوصل للجمهور مشاعر متضاربة بداخله؛ من حب جارف لشقيقه الأصغر إلى خوف عليه إلى غضب من أفعاله وبطشه بالجميع، ونجح في توصيل إحساس نميري بالحيرة من أمره كونه في موقف لا يحسد عليه.
الصراع النفسي داخل شخصية نميري موجود بأشكال أخرى في بعض شخصيات نسل الأغراب، شخصيات أصبحت في صراع قوي ما بين جبهتين وعليهما الاختيار، من بين تلك الشخصيات “جليلة” – مي عمر – و “علي” – دياب، ولكن لم أتعاطف مع أي منهما في حيرتهما مثلما تعاطفت مع مشاعر “نميري” التي سيطرت عليه، وبالفعل انحاز نميري لعساف وانتصر لمشاعر الأخوة على المصالح والمال والنفوذ.
محمد جمعة يقدم لنا في نسل الأغراب دورا يحمل معانٍ كثيرة أصبحنا نشتاق إليها، أهمها التمسك بعلاقة الأخوة مهما وصلت الخلافات إلى مداها، وأيضا المسامحة التي أصبحت عملة نادرة لدى الكثيرين.