نقلاً عن جريدة المقال
أجندة وحيدة يلجأ لها أي وزير أو مسئول يتعرض لضغوط كبيرة للهروب من شبح الإقالة، هي ذاتها الأجندة التي لجأ إليها في الأيام الأخيرة عبد الواحد النبوي أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر ووزير الثقافة الحالي، بنود الأجندة لا تتغير كثيرا، إجراء حوارات تلفزيونية بهدف الرد على الاتهامات مع مذيعين لن يطلبوا مثول الطرف الثاني أمام الضيف، هذه الحوارات يتم نشر ملخصها في الصحف فيحاول بضجيج فارغ تقليص مساحات الهجوم ضده، الكلام باسم الرئيس أحد العناصر المجربة دائما في هذه الأجندة، في حواره مع الحياة اليوم قال عبد الواحد النبوي أن ” تكليف الرئيس الأول هوأن مايمكن أن يتم إنجازه فى 10 سنوات يجب أن يتم فى عام واحد، إلى جانب التجرد من أى أهواء أثناء إدارة العمل مع وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب” وبما أنه وزير للثقافة منذ 6 شهور تقريبا، هل سيقول لنا ما الذي أنجزه في هذه الفترة بما يعادل خمس سنوات من الإنجاز حسب معادلة الرئيس، ما الذي فعله سوى طلب البركة من شيخ الأزهر د.أحمد الطيب والترويج لمهرجان يدعى “صيف ولادنا” وكأنه رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة وليس وزيرا لثقافة مصر.
الوزير الذي لم تعتبر الصحف مشاركته في جنازة عمر الشريف مثلا تمثيلا رسميا للدولة، البعض قال مازحا أنه ذهب للمسجد بالصدفة للأداء الصلاة، لكن الواقع يؤكد أن النبوي لم يمنحه الله القبول والكاريزما التي تناسب منصب رفيع كوزير الثقافة، العنصر الأخر من الأجندة هو اجراء مقابلات رسمية لا تخرج بأي جديد، أحدثها كان مع نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية حيث قال البيان الصحفي الصادر عن المقابلة أن النبوي طالب بطرح مشروع عربي موحد للترجمة، شكرا على الاقتراح لكن من سينفذه، ومتى وهو متفرغ فقط لتغيير قيادات الوزارة، وكالعادة يتم وضع رافضي هذه التغييرات في خانة واحدة مع أصحاب المصالح، فيما لا يجيب النبوي على السؤال الصعب، ماذا لو أنه وضع بدلاً من القيادات المستبعدة، مشاهير الأدب والثقافة ممن لهم باع في إدارة المؤسسات الثقافية هل كان سيعترض أحد، لكن أن يتعمد اختيار شخصيات – نحترمها طبعا- لكنها أقل منه شهرة وتأثيرا ربما ليعالج “عقدة نقص” المسئول عنها الذي اختاره اصلا لهذا المنصب الرفيع، وبالعودة مرة أخيرة للأجندة لجأ عبد الواحد النبوي لإصحاب الطموح المحدود من أبناء الوسط الثقافي المحرومين من البريق والتأثير ليلتفوا حوله زاعما أنه سيناقش معهم في لقاءات أسبوعية وضع استراتيجية ثقافية جديدة لمصر، على أساس أن وضع هذه الاستراتيجية لم يكن ليتحمس له الوزير إلا بعد الحملة ضده، وعلى أساس أن وضع الاستراتيجية يأتي من خلال اجتماعات أسبوعية.
الهدف طبعا الإشارة لانقسام الوسط الثقافي ما بين مع وضد، لكن الدعوة التي انطلقت يوم الأحد لم تتم يوم الثلاثاء حسب الموعد المقرر وتم تأجيلها لأجل غير مسمى، يعني القصة لا استراتيجية ولا يحزنون، فما الذي حدث يوم الإثنين، لقاء رئيس الوزراء إبراهيم محلب بمجموعة من المثقفين من بينهم محمد عبلة وخالد يوسف ومجدي أحمد علي وأخرين، الذين طالبوه باقالة الوزير فورا والغاء قراراته وأكدوا مخاوفهم من تفريع الوزارات من الكفاءات وعدم وجود البديل الصالح لتحمل المسئولية، طبعا لا أحد يسأل لماذا يلتقى محلب المعترضين، أليس هو من اختار الوزير بالتالي يجب أن يرفض الهجوم ضده، ولو أنه مقتنع بتلك الدفوع فلماذا لا يطلب منه التراجع عن تلك القرارات التي اتخذها واحد تلو الأخر فعزل أستاذ التاريخ المرموق محمد عفيفي من منصبه كأمين للمجلس الأعلى للثقافة ثم الأكاديمي البارز أنور مغيث من المركز القومي للترجمة وصولا للإداري المحترف أحمد مجاهد من الهيئة العامة للكتاب، حسب ما تم تسريبه عن الإجتماع فإن محلب يعلم جيدا مكانة المستبعدين، لكنه طالب الحاضرين باعطاءه المزيد من الوقت، وهو من وجه مكتب الوزير بالغاء اجتماع الإستراتيجية المزعوم، تأكيدا لحسن نيته وقبوله مبدأ تغيير الوزير في أقرب وقت، على أن يتم محاصرة قرارات النبوي العنترية في المرحلة المقبلة مقابل تراجع المثقفين عن الدعوة لاعتصام، باختصار باتت إقالة الوزير وعودة المستبعدين وشيكة، سواء تغيرت الحكومة بالكامل فإن أي رئيس جديدة للوزراء لن يبق على عبد الواحد النبوي، أو قام محلب بتغيير شبه شامل قد يصل لعشرين وزيرا سيكون أولهم أيضا عبد الواحد النبوي، وقتها سيشعر المثقفون المعارضون أنهم انتصروا مجددا، لكن سيكون وقت السؤال قد فات، ما الذي خسرته الثقافة المصرية من اختيار غير سليم وغير مبرر أضاع 6 شهور كاملة من الإنجاز الذي كان يمكن أن يتحقق لو كان من يختار أكثر حرصا على الثقافة المصرية و أشد حماسا للحفاظ على الهوية الوطنية.