إيمان مندور
قبل نحو عامين، وتحديدًا في مارس 2019، أعلن الفنان أحمد سعد انفصاله عن زوجته الفنانة سمية الخشاب، مما أثار ردود فعل ساخرة من الجمهور، ليس لنبأ الانفصال في حد ذاته، ولكن بسبب توقيت الإعلان، فقد كان توقيت المنشور الذي كتبه سعد عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي في الساعة السادسة صباحًا، فبدا الأمر غريبًا للمتابعين، فضلا عن رد فعل سمية الذي زاد من استغراب الجمهور، فقد نشرت صورًا من جلسة تصوير جديدة، ثم نفت في تصريحات صحفية وقوع الطلاق بينهما، مؤكدة أنها رفعت ضده دعوى خلع ولم يتم الطلاق بعد.
وبعد نحو شهر من إعلان الانفصال، بدأ موسم الاتهامات المتبادلة بين سعد وسمية عبر برنامج “شيخ الحارة”، والذي يتذكره الجميع بتصريح الطحال الشهير، فقد اتهمته بالشروع في قتلها إبان زواجهما وأنه يمر بحالات سيئة وغريبة بسبب أمور نفسية تؤثر على تصرفاته، كما أنه منعدم الشخصية مع أهله ويتحكّمون فيه جميعا. في حين نفى هو كل ذلك، واتهمها بخداعه والاستيلاء على أمواله وشقته بدون وجه حق.
شهور من التصريحات والاتهامات والقضايا المتبادلة بين الطرفين، إلى أن انتهى الأمر تماما لدى الجمهور، بل أعلن سعد ارتباطه من جديد، فيما أكدت سمية أنها لا تمانع في الارتباط حينما تجد الرجل المناسب، وانتهى الأمر إلى هذا الحد أمام الجمهور، إلى أن جاء محمد رمضان وأعاد الأزمة بينهما بأن جمع الثنائي لأول مرة بعد انفصالهما في مسلسله الرمضاني، حيث ظهر سعد بدور المطرب الذي يحيي حفل زفاف “موسى وحلاوتهم”، والتقطوا صورًا إلى جوار بعضهم البعض، بل في إحدى الصور يحمل رمضان سمية ويقف سعد إلى جوارهما مبتسما بشدة.
الثلاثي نشر الصور قبل عرض حلقة أمس، عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحول الأمر لموجة من السخرية لدى الجمهور، لكن انقلب السحر على الساحر، أو ربما كان ذلك ما أراده الساحر من البداية، فقد تحول الأمر لأزمة جديدة بين الطرفين، لكن هذه المرة بشكل أكثر حدة. إذ كانت البداية بنشر سعد لبعض التعليقات الساخرة من الجمهور على الصورة التي جمعته برمضان وسمية، والتي كُتب في إحداها “لما تدي لصاحبك الكانز وأنت تافف فيها”، فنشرت سمية صورتها بفستان الزفاف من المسلسل وكتبت “أول مرة أحس إني عروسة بجد”، وأتبعتها بنشر صورة “قرنين”، وبالتأكيد نعلم جميعا دلالة هذه الصورة عندما يُقصد بها أحد الرجال، وتحديدًا عندما يأتي الاتهام من زوجته أو ممن كانت كذلك يومًا ما.
المهم أن ظهور الثنائي تحول من إعلان تصالح وإغلاق لصفحة قديمة، لإعلان حرب وفتح صفحة جديدة مقززة بدرجة أكبر من الصفحة التي تم إغلاقها. ربما يقول البعض إن محمد رمضان المستفيد من هذا كله، فقد أجاد اللعب على حبل التريند كالعادة، لكن الأمر على النقيض، فهو الخاسر باستمرار حتى الآن، لأنه لا يزال يجهل الحقيقة الصادمة بأن كل من استمر في اللعب على هذا الحبل لا يجد أرضا صلبة في النهاية ليرتاح عليها. مجرد حركات في الهواء تجذب الانتباه للحظات، وما إن يتوقف “المهرج” عن فعلها، يتوقف الجمهور عن المتابعة، فيصبح بلا ماضي يبقيه حيًا في ذاكرة الجماهير، بل يكون عمره الفني قصيرًا بحجم عمر التريند الذي ما يلبث أن يختفي بعد ساعات بسبب ظهور تريند جديد.
محمد رمضان الذي لم يجذب الانتباه بمسلسله حتى منتصف الشهر الفضيل، جذبه بمشهد صادم عن الفنان إسماعيل ياسين، ثم بظهور سعد وسمية، ثم بالرد على اتهامه بالإساءة لأهل غزة في أحداث المسلسل، بالرغم من أن الاتهام منذ نحو أسبوعين، لكن تأخر في الرد حتى يستغل حالة الجدل المشتعلة حتى نهاية الموسم.
في الحقيقة، المتأمل للحالة العامة، يجد الجميع أشبه بالعملة الواحدة ذات الأوجه المتعددة، لكنها متشابهة جميعًا، أو إن شئنا الدقة مكملة لبعضها البعض، فتتأملها ولا تدري أيهم أكثر سوءا، هل المتاجر بعرضه؟ أم الكاشف لستره؟ أم الفاقد لمروءته؟ فمن المؤسف أن يتاجر الناس بأعراضهم لأجل الشهرة والتريند، ومن قلة المروءة أن يستغل الإنسان فضائح غيره في الترويج لنجاحه، ومن ضعف العقل أن نصدق هؤلاء جميعا من جديد في أي أمر آخر.
ما يحدث على الساحة الفنية مؤخرا من فضائح واتهامات، بقدر ما يشوّه صورة جيل كامل وربما مهنة كاملة أمام الجمهور بسبب أخطاء بعض أفرادها، بقدر ما يضر الجمهور نفسه أولا، لأنه يفقده استمتاعه بالعملية الفنية التي من المفترض أنها صناعة كاملة قائمة لأجله.. لأجله فقط، لا لأجل التريند وشهرة النجوم.
نحن لا نعاني من قلة الكفاءات الفنية، بل لدينا جيل حالي بعضهم يتفوق على نفسه وحتى على من سبقوه، لكننا نعاني من نقص الأخلاق التي تدعم الموهبة، ونقص ثقافة الفنان التي كانت تضفي عليه من هيبة المفكرين والعظماء، ونقص الرقباء الصادقين للنجوم في ظل تزايد أصدقاء السوء حولهم، فتجد كل فنان له شلة تدعمه مهما كانت أخطاؤه.
وبين كل هؤلاء تظلم المواهب الحقيقية، والكوادر المبدعة، والوجوه الصادقة المثقفة، وتظلم صناعة الترفيه ككل بسبب أشخاص لا ينظرون لأبعد مما هو تحت أقدامهم، بل ويريدون من الأخرين أن يكونوا مثلهم فيما يفعلون، لكن يبدو أن “هكذا الحقراء دوما، يريدون أن يثبتوا ولو لأنفسهم أن هناك من هم أحقر منهم”، مثلما قال الساخر الكبير محمود السعدني.. ويبدو أنه صدق!