أصبح من النادر أن يطل المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، في لقاء تلفزيوني أو صحفى، دون أن يثير الجدل بتصريحات مستفزة لقطاعات عريضة من الشعب المصري، اللافت في جميع تصريحاته أنها غير مسئولة، ولا تليق بمنصبه، ويتعامل مع الدولة بمنطق “العزبة”، التي يديرها “عمدة”.
فكر التوك التوك
كان آخر تصريحات “محلب” الغريبة أمس عندما أعلن رسميًا إنهاء عهد الوظائف الحكومية “وعلى المتضرر اللجوء للتوك توك”، في دعوة صريحة منه للشباب للابتعاد عن “الكافيهات”، والعمل على “توك توك”، مستشهدًا بأن الأوطان تُبني بالعرق والدم.. فهل كان يقصد رئيس الوزراء الدم الذي تخلفه كوارث التوك التوك اليومية في أحياء مصر، أم دم آخر؟!
من جديد.. اضطر مجلس الوزراء لتبرئة “محلب”، إذ أصدر بيانًا منذ ساعات يوضح فيه أن تصريحات رئيس الوزراء بشأن “التوك توك” اقتطعت من سياقها.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن لمحافظ القاهرة، الدكتور جلال سعيد، رأي أخر، إذ أنه أصدر قبل أيام قرارًا بتطبيق غرامة 1500 جنيه على أي “توك توك” يسير في أماكن غير مصرح بها، تمهيدًا للقضاء على هذه الظاهرة نهائيًا بالشوارع كلها، لما لها من نتائج وأضرار سلبية، وبذلك تتضارب تصريحات مسئولَين بنفس الدولة!
الكورة مع محلب
طالت محلب سلسلة من الانتقادات بعد ما أثير إعلاميًا بشأن تدخله واتصاله برئيس النادي الأهلي ووزير الرياضة، لإنهاء أزمة اختيار ملعب مباراة القمة، التي انعقدت في ستاد برج العرب بالأسكندرية، وكان من المقرر إقامتها على ملعب الجونة، وجاء الرد سريع من “محلب” كعادته، حيث نفى في لقاء أجراه معه الإعلامي عمرو عبد الحميد في برنامج “البيت بيتك” قيامه بالإدلاء بأى تصريحات لوسائل الإعلام تتعلق بالمباراة، موضحًا أنه تلقي مكالمة هاتفية من مرتضي منصور رئيس نادى الزمالك يشرح له فيها وجهة نظر النادى، و أنه لا يري في ذلك أى مشكلة، مشددًا أن رئيس الوزراء مسئول عن كل صغيرة و كبيرة و يتواصل مع الجميع لحل أى أزمة.
السؤال هنا إذا كان محلب تدخل لانهاء الأزمة لأنه مسئول عن كل كبيرة وصغيرة في الدولة، لماذا لم يعلن صراحةً؟ ويكون على قدر المسؤلية التي تحملها، للماذا ينتظر رد فعل الإعلام والرأي العام، ليضحد سريعًا ما صرح به!
سد النهضة حلو ووحش في نفس ذات اللحظة
متغافلَا كل التخوفات والتصريحات التي أدلى بها خبراء ومختصين بشأن الضرر الكبير الذي سيقع على مصر من بناء سد النهضة، جاء محلب قبل ذلك من عالم آخر ليصرح بأنه لا يوجد ضرر من بناء السد، فيما اعتبر الخبراء أن محلب أعطى بهذا التصريح الضوء الأخضر للدول الممولة لهذا السد أن تستمر في دعمها له رافعًا عنهم الحرج، وقمة التناقض أنه بعد يومين من هذا التصريح، أرسلت مصر وفدًا للسودان لمتابعة المكتبين المختصين بمعاينة أضرار سد النهضة.
ألم يكن هذا التصريح كفيلًا بإقالة رئيس الوزراء، لأن الكارثة ليس لأنه تفوه بذلك، ولكن لأنه يرى ذلك، وسط تشديدات وصيحات الخبراء، ولكن “الكلام مش عليه جمرك” والبقية تأتي..
نبذة من نفحات حكومة محلب
غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي: “الجنة مكان هيكون فيه مزيكا وباليه وغنا”، عبدالواحد النبوى وزير الثقافة: أنا عندى مشكلة مع الموظفين التخان”، خالد فهمي، وزير البيئة: “بعض الدول المتقدمة تلقي بالفوسفات في المياه لفوائده”، المستشار محفوظ صابر، وزير العدل السابق: “ابن عامل النظافة لن يصبح قاضيًا”.
الخلاصة أنه لا توجد قيمة للكلمة وإدراك لأهمية الظهور الإعلامي في حكومة محلب، ومحلب شخصيًا، والأهم أنه لا توجد محاسبة حقيقة على ذلك، فنجد تماديًا في الإساءة، وسيل في الظهور الإعلامي، يعكس “سطحية” شديدة في فكر الدولة، باستثناء واقعة وزير العدل السابق، المستشار محمود صابر.
رسالة إلى رئيس الوزراء:
هل تقصد كل حرف تتفوه به؟ وإذا كانت الإجابة نعم، لماذا تعتذر دائمًا وتضطر لتوضيح ما قلته؟ وإذا كنت تتحدث بتلقائية لا تليق بأكبر مسئول في البلد، لماذا لا تستعين بخبير إعلامي؟
رئيس الوزراء قدوة لوزراؤه ومستشاريه، وبالنظر إلى تصريحات حكومتك سنجد كوارث لفظية في مدة زمنية قليلة جدَا، هل يندرج هذا تحت مفهوم حسن النية أم يعبر عن فكر حكومة “التوك توك”؟