إيمان مندور
بالأمس، أعلنت الفنانة الشابة زينب غريب تعرضها لواقعة تحرش من طبيب بيطري، موضحةً أن والدة المتحرش عرضت عليها تعويضًا ماديًا مقابل عدم الإبلاغ عن نجلها حتى لا يخسر وظيفته ومستقبله ككل.
لا جديد في الأمر الحقيقة لأن وقائع التحرش ليست بجديدة على المجتمع، بل تتكاتف حاليًا جميع مؤسسات حقوق الإنسان، وحقوق المرأة تحديدًا في التصدي لها. وليس بجديد أيضًا أن يتعرض لمثل هذه الجريمة نجوم ونجمات معروفين. الجديد أن الفنانة التي أعلنت ذلك عبر حسابها على موقع “فيس بوك”، في منشور عام للجميع، غضبت وانفعلت من تداوله في المواقع الإخبارية، ورفضت تناول الصحافة للواقعة لسببين؛ الأول أنها ستأخذ حقها من خلال الإجراءات القانونية، والثاني رفضها لأن تكون مشاعرها النفسية والمعنوية مادة للتريند، مطالبة الصحفيين بعدم النشر عنها مستقبلًا بدون موافقتها.
في الحقيقة نشر الصحافة لخبر تعرض نجم شهير لواقعة ما، أيا كانت الواقعة، وتحديدًا في حال إعلانه بنفسه على الملأ عن الأمر الذي تعرض له، لا يؤثر على المسار القانوني لأي قضية، ما لم يكن هناك قرار بحظر النشر، ووقتها تلتزم الصحف والمواقع بعدم النشر حتى يصدر قرار رسمي بذلك، وبالتالي ما علاقة الصحافة بالتأثير على القضية؟!
أيضًا من لا يريد أن تكون حالته النفسية مادة للتريند والأحاديث العامة للناس، يجب عليه ألا يعلن ما يمر به على الملأ من الأساس، فالأمر أشبه بمن يمسك ميكرفون ويعلم أن الأضواء مسلطة عليه، ويندهش من أن الجماهير تراه، بل ويعلّقون على ما يقوله في مكبرات الصوت. هذا استخفاف بعقول الناس، لأن الشهرة لا تتجزأ، وبالتالي أن تتداول الصحافة أمرًا أعلنه شخص مشهور على الملأ هذا ليس خطأ في المهنة، بل خطأ على من يقول لا تنشروا عني إلا ما أريده، كيف هذا وكيف يتم استئذان النجم قبل نشر أخبار عنه (وليست على لسانه بالتأكيد). هل سيتفرغ الفنان للسماح لكل موقع بكتابة خبر عن أعماله أو أزماته؟! ما دام ليس تصريحًا على لسان المصدر أو شائعة تضر أحدًا ولا أساس لها من الصحة، فمن حق الصحافة أن تكتب ما تشاء وقتما تشاء وعن أي شخص تشاء.
لا تتصدر للعمل العام ثم تقول لا أريد أن تكتبوا عني إلا ما أريده! حين يحدث ذلك فلن تكون اسمها صحافة بل أمر آخر لا داعي لذكره، لذلك يبدو أن بعض المشاهير لا يعرفون ماهية الصحافة بالأساس، خاصةً أن هذه الواقعة لا تختلف كثيرًا عن الفنان الذي بدأ الهجوم على مشاركة الفنانة التونسية هند صبري في موكب نقل المومياوات، رغم جنسيتها المصرية، وحين أثيرت ضجة بسبب الأمر، قال إن الصحافة السبب ولست أنا، لأنهم لم يعلنوا سوى اسم الفنانة فقط، وبالتالي أعتقدنا أنها الوحيدة المشاركة في الموكب.
الفنان محدث النجومية زميل الفنانة في المسلسل الشهير كان جاهلا بالصحافة لدرجة أنه لم يميز أن هند صبري الفنانة الوحيدة التي أعلنت وقتها، وبالتالي كان الخبر فلانة تعلن مشاركتها في كذا، وليس الفنانة فلانة فقط هي التي ستشارك في الموكب، وبالتالي هذا قصور في الفهم والاستيعاب وليس خطأ في التناول الصحفي.
كذلك فنانة شهيرة كتبت تعليقًا ساخرًا على منشور متعلق بطليقها المطرب الشهير، ثم حذفته، وبعد تداول “برينتات” للتعليق، نفت أن تكون قد كتبته، وتراجعت واتهمت الجميع بالفبركة. وبعضهم يهاجم أخرين ثم يتراجع ويقول الحساب تعرض للاختراق ويرفض تداول الصحافة لما كتبه. وفنان شهير يهاجم زميله السوري ثم يحذف التغريدة وينتقد الصحافة لأنها لم تكتب عن مسلسله الجديد، بينما اهتمت بتغريدة أساء فيها لزميله.
فنانة أخرى تحدثت بشكل مسيء عن خروج العمال والبسطاء للعمل في ظل أزمة كورونا، وحين تم انتقادها قالت إنها لم تقصد الإهانة، وأن المنشور كان للأصدقاء عبر حسابها على فيس بوك، وبالتالي لا يحق للصحافة تداوله.
الأزمة في هذه الوقائع وما يشبهها ليس في التناول الصحفي، بل في عدم إدراك بعض المشاهير لعواقب الكلمات التي ينطقون بها، وبالتالي إن أراد أحدهم ألا يتم تداول أمر ما عنه، فلا يعلنه على الملأ بالأساس، وإن أعلنه فليتحمل نتيجة ذلك.
وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: كيف نكون في عام 2021 ولا يزال لدينا مشاهير يعتقدون أن الفضاء الإلكتروني به أي خصوصية لا سيما لمن هم تحت الأضواء؟! وأنهم يستطيعون منع الصحافة من تداول تصريحاتهم المعلنة نطقًا أو كتابة؟! بالأصل لا شيء يبقى في الكواليس، ولا شيء يمر بدون حساب، لذلك ربما يكمن الحل في الالتزام بالمثل الشهير “إن خفت متقولش وإن قلت متخافش”.. بسيطة!