رحل الفنان الكبير سمير غانم، قبل قليل، عن عمر يناهز 84 عامًا، متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا المستجد.
سمير غانم، من مواليد يناير 1937، رُفد من كلية الشرطة، بعدما كانت أمنيته أن يكون ضابطًا شرطيًا، حتى التحق بكلية الزراعة، وحصل على بكالوريوس زراعة من جامعة الإسكندرية، إلا أنه كان مُحبًا للفن واتجه للعمل في ذلك المجال.
جورج سيدهم، من مواليد مايو 1938، حصل على بكالوريوس زراعة من جامعة عين شمس 1961، وعمل بعدها مُهندسًا زراعيًا في إحدى مزارع الإسكندرية، لكنه في تلك الفترة كان عاشقًا للفن، وقدّم فقرات كوميدية في برنامج مع “الناس” على التليفزيون المصري، حتى تقدم باستقالته من العمل في المزرعة واتجه إلى الفن.
يرصد “إعلام دوت كوم” أبرز المحطات التي جمعت بين سمير غانم وجورج سيدهم، بداية من دخولهما فرقة “ثلاثي أضواء المسرح”، وهم كالآتي:
كانت الفرقة في بداية الأمر تحمل اسم “أضواء المسرح”، وتضم سمير غانم، وجورج سيدهم وعادل نصيف، ومُخرجها محمد سالم، وقدموا أعمالًا في الإذاعة والتليفزيون، حتى قرر “نصيف” الهجرة إلى أوروبا، حتى حل مكانه الضيف أحمد، وتحول اسم الفرقة إلى “ثلاثي أضواء المسرح”.
كانت العلاقة بين ثلاثي الفرقة متناغمة وقوية للغاية، حيث استطاعوا تقديم اسكتشات كوميدية وأعمال مسرحية، ساهمت في نجوميتهم وبات لهم قاعدة جماهيرية كبيرة.
يقول “غانم” إنه لم يتمالك نفسه من الضحك بسبب التزام جورج في العمل، حيث يكون جاد جدًا، ويكشف أن الأخير سقط ذات مرة على خشبة المسرح خلال مسرحية “موسيقى في الحي الشرقي” وباتت أصوات الضحك تسيطر على المكان حينها بسبب الموقف.
في وصف نقدي بسيط، نصح “جورج” صديقه سمير بقوله: “عيبك وسواس.. وكلام الناس خلاك محتاس.. وبعد كده حصلك ماس.. اخلص للمسرح لأن هو الأساس”.
بعد وفاة الضيف أحمد، تلقى سمير غانم عروضًا كثيرًا من أشخاص يشبهون لـ”الضيف”، بهدف انضماهم لفرقة “ثلاثي أضواء المسرح” وتعويض غياب الراحل، إلا أنه رفض تلك العروض، حيث يرى أنه لا يمكن تعويضه بأي شخص آخر، وقرر الاستمرار مع جورج سيدهم، وتحوّل اسم الفرقة إلى رمز، وتعاونا في أعمال مسرحية كثيرة.
يقول “غانم” ذات مرة، إنه كان في مدينة الإسكندرية مع صديقه جورج، وتفاجئ بأن الأخير سوف يقوم بعملية “اللوزتين”، فقرر أن يتوجه معه إلى الطبيب رمزي جبرة، لإجراء العمليه معه أيضًا، دون التعرض لمشاكل منها سلفًا، لكنه قرر ذلك كتعبيرًا للوفاء والصداقة، ويروي سمير أنه كان يجلس على السرير المجاور لجورج، ودخل عليهما الطبيب بـ”برطمانين” فيهما لوز كل منهما.
فقدان
كان “غانم” مُرتبطًا بشقيقه “سيد”، الذي كان مسئولًا عن الحسابات المالية للفرقة، إلا أنه توفي بسبب الفشل الكلوي، الأمر الذي تأثر به سمير، وقرر أن ينفصل عن الفرقة، واعتذر لجورج عن اتخاذه ذلك القرار، حيث قال له: “أنا مش هقدر ادخل المسرح تاني من غير سيد أخويا”.
جورج سيدهم في برنامج “اثنين على الهواء”، أبدى استعداده التام عن الاستغناء عن صديقه سمير غانم، والعمل منفردًا، لكن سمير في نفس الحوار، قال إنه ضد الانفصال، ولم يعتقد يومًا أن يعمل منفردًا بعيدًا عن “سيدهم”، وعلى الرغم من إن مجال الفن ليس له قيودًا، ومن الممكن أن يُشارك في عمل من دونه، إلا أن سيعود إليه في النهاية، لاسيما أن المسرح يمُثل لهما البيت الكبير.
تقول “ليندا” في حوار صحفي عام 2009،: “جورج لا يمتلك فلوس فى الحياة نهائيًا لا قبل المرض ولا بعده.. جورج كفنان اتظلم جدًا لأن كل اللى وصله أيام مسرح الهوسابير ضاع مع حريق المسرح في فبراير 1986، كما ضاع ما تبقى من أمواله فى صفقة الأجهزة التى استوردها من الخارج وتقدر بـ ١٥٠ ألف جنيه، وهى نفس الفترة اللى تركه فيها سمير غانم وطلب حسابه.. كل ذلك قضى على جورج وعلى كل ما يملكه حتى أصبح ع الحديدة.. جورج حاول أن يعيد بناء المسرح، لكنه فشل ولم تساعده الدولة على ذلك رغم أن المسرح صرح ثقافى فتعرض لصدمة نفسية عنيفة من كل النواحى”.
بعد رحلة مرض جورج وافتقاده الحركة وغيابه عن الأضواء، يقول سمير غانم إنه فقد صديقه “سيدهم” على خشبة المسرح، ويتمنى أن يكون موجودًا معه، حيث وصف الكوميديا الذي قدماه سويًا بالفن الذي يعيش، كما أن مسرحيتي “أهلًا يا دكتور” و”المتزوجون” حققا نجاحًا كبيرًا ولازال يتم عرضهما على شاشة التليفزيون حتى الآن في المناسبات والأعياد.
أبدى سمير غانم انزعاجه الشديد، من اتهامه المتواصل بالتقصير مع صديق رحلة الكفاح جورج سيدهم، وأنه لم يطمئن على صحته من حينٍ لآخر، ولم يزوره، لكنه أوضح الحقيقة في حواراتٍ تليفزيونية له، بأن ذلك الكلام غير حقيقي، وتلك الاتهامات باتت مُملة، حيث إنه حريصًا على زيارته والتواصل معه، فضلًا عن زوجته الفنانة دلال عبد العزيز التي تزور أسرته في كل مناسبة.
روى “غانم” تفاصيل إعلان إحدى شركات المشروبات الغازية، والذي جمعه بـ”سيدهم” بعد غياب 20 عامًا، حيث قال إنه تواصل مع الدكتور ليندا زوجة جورج كثيرًا لإقناعها بفكرة الإعلان حتى وافقت في نهاية الأمر، مضيفًا أن زوجها كان في غاية السعادة وقت التصوير، نظرًا لغيابه عن الكاميرات لسنواتٍ طويلة.
من جانبها، أوضحت الدكتور ليندا، تفاصيل كواليس الإعلان، خلال حوارها مع إحدى الصحف عام 2014، وقالت: “الشركة طلبت منى ظهور جورج فى الإعلان أكثر من مرة، وحاولت معى كثيرًا وقام أكثر من شخص بعمل وساطة بينى وبينهم حتى أبونا بطرس دانيال من المركز الكاثوليكى تدخل وقال لى إن هذه رسالة للناس جميعًا تُقدم فى شهر كريم للناس، وسوف يتم تقديمها بصورة مُبهجة وجميلة، وأنا شعرت بذلك بعد أن قرأت اسكريبت التصوير وشعرت بالفعل أن الرسالة مهمة بحق”.
تابعت: “كنت أتابع أنا الديكورات ومكان التصوير وكل شىء قبل أن يذهب جورج إلى مسرح الهوسابير ليقوم يتصوير دوره فى الإعلان والذى لم يستغرق كثير من الوقت، وكان مُخرج الإعلان مُستعد لكل شىء وانتهينا من التصوير بسرعة، وكشفت عن شعور “سيدهم” وقتها بقولها: “كان سعيدًا للغاية ولعلمك هو من أقنعنى بالظهور فى الإعلان وأنا كنت مُندهشة من ذلك خاصة وأنه رفض الظهور فى أشياء كثيرة لكنى فوجئت بموافقته على الظهور وهو كان دائما يقول لى إذا قام أحد بتحليل دمى سوف يجد من مكوناته المسرح نفسه”.