“الشيخ نبيل شاب ملتزم ومحترم جداً متجوز بس مخلفش، ولف سنين على الدكاترة عشان موضوع الخلفة دا بس من غير فايدة، في يوم نبيل كان مع فوج سياحي في سينا وفجأة جتله رسالة غيرت حياته كلها (زوجتي: مبروك أنا حامل في الشهر الثالث) ليردد نبيل على إثرها “الله أكبر.. الله أكبر” فيهرول السائحون هرباً من الكلمة التي أصبحت لديهم – للأسف – ملازمة لصورة سريالية لشاب مخدوع يعتقد أن دماء هؤلاء الأبرياء تذكرته لدخول الجنة فيلقى القبض عليه رغم إن تهمته الوحيدة التعبير عن فرحته بالإضافة إلى الشكل الذي اختاره لنفسه حيث إسبال لحيته”.
مشهد داخلي نهار في غرفة استراحة اللاعبين: يجلس فريق كرة المساجين المملوء باليأس لتلقي شباكه لهدفين من فريق مساجين ألماني بين يدي كابتن الفريق كمال كونغو (محمد إمام) الذي يأخذه الانفعال – خلال كلمته لهم – ما بين اللوم والتشجيع، إذ يظهر فجأة الشيخ نبيل (مؤمن نور) خامس المساجين الهاربين خلال تدريبات الفريق بالغردقة والوحيد الذي رفض مبادرة كونغو وتسليم نفسه لإدارة السجن للعب المباراة، لكنه يتراجع بهدف إنقاذ سمعة مصر أمام الماكينات الألمانية.
لا يغيب عن أذهاننا الصورة الذهنية التي رسمها الكتاب وقدمها المخرجون طوال تاريخ السينما للشاب أو حتى الكهل الملتحي الذي هو دوننا، فهو ليس واحداً منا بل شخص منبوذ، لا نرضى به بيننا، إن كل ملتحي إرهابي وكل ملتحي يحمل في شعر وجهه قنابل متفجرة وإنه لا يلبس إلا ملابس بيضاء قصيرة،والغريب أن ذلك نشأ في فترة الجماعات الإسلامية وكأن هذا بمثابة المشاركة في حرب الدولة على الإرهاب مع أنه كان يزيد الإرهاب.
سواء لم يقصد صناع سينما التسعينيات محاربة الإرهاب بإنتاج مزيد من الإرهابيين، أو قصد عمر طاهر كسر هذه السلسلة وإجادة مفهوم للرؤية المتعددة التي تبتعد عن ذهنية الإنسان ذو البعد الواحد (كتاب لهربرت ماركوز في هذا الشأن في الغرب) لإنهاء معاناة من يريدون العيش بيننا ولاختلافنا معهم ننبذهم حتى يصيروا معذبي الأرض (كتاب عن هذا الشأن في العالم الثالث).
عندما يرى الشاب أن مجتمعه لا يكرهه ويرفضه فقط بل يسخر منه ويستهزأ بما يراه تذكرته للجنة- ولا وسيلة أفضل من السينما والتلفزيون لتوصيل ذلك – غير متصور أن يظل على حبه لهذه المجتمع.
وهنا تبدأ السلسلة، يضغط المجتمع عليه جداً ويزيد قناعاته بسوء هذا المجتمع، يكره المجتمع، يكفر المجتمع، ثم ينتهي فتات جسد بجواره أجساد الأبرياء الذين لم يلقهم ولا يعلم عنهم سوى أنهم كفار كما قال له شيخ المنصر الذي يتاجر بأمثاله.
لست هنا أدافع عن فكر معين فلا أنتصر إلا للإنسانية بل لو فكرنا لرأينا أن أفضل حل لمحاربة أي فكر باحتضانه والحوار معه، والغربة هي ملاذ طبيعي تربي الجماعات الإسلامية أبناءها عليه وزيادة الغربة أو تقليلها بيد المجتمع، لا أدعوا بهذه السطور إلى أن نحتضن من يمتطون جواداً ملغماً ومن يتلحفون شريطاً متفجراً وأخذهم بالأحضان، بل بالتعايش مع من يصلح التعايش معهم، وإقامة جسر يمر عليه من خرج عن فكرنا بدلاً من أن نتركه في الجهة الأخرى تتلقفه يد الإرهاب وتنتشله كهوف الظلام.