رباب طلعت تكتب محتوى تطبيق تيك توك
على الجانب الآخر من محتوى تطبيق تيك توك الترفيهي والشبابي الرائج عليه نجحت الصين -بلد منشأه- في استغلاله بشكل أمثل لغزو الأسواق العالمية والعربية بسلعها الاستهلاكية، وعلاماتها التجارية الشهيرة في الملابس والمكياج ولعب الأطفال وأدوات المطبخ والمنزل وخلافه، الأمر المثير للدراسة والبحث.
تحولت منصات التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية إلى واحدة من أنجح وسائل التسويق في الوقت الراهن، وظهر بناء عليها مصطلع “التسويق الإلكتروني” وفي شكله المعتاد عبر “فيس بوك”، و”تويتر”، و”إنستجرام” وغيرها من المواقع بات معروفًا فإما يستخدم التجار الطرق التقليدية بالإعلان المباشر عن طريق صفحة للترويج لمنتجه أو مجموعة مغلقة، أو عن طريق أحد المؤثرين على تلك المواقع، ولم يختلف الأمر كثيرًا على “تيك توك” حيث دخل هو الآخر مؤخرًا المنافسة التجارية عن طريق عرض الإعلانات بشكل رسمي ومعروف وهو عرض فيديو إعلاني وسط الفيديوهات الأخرى على المتصفح الرئيسي للتطبيق، ملحقًا به زر “اشتري الآن” أو “تسوق الآن”، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك في التجربة الصينية حيث وجد التجار طرقًا أكثر فعالية وأقل تكلفة من الإعلان الممول.
على الرغم من فعالية الإعلانات المدفوعة، إلا أنها إعلانات صريحة، يظهر دافعها التسويقي بشكل مباشر للجمهور، على عكس الطريقة الأكثر ابتكارًا التي لجأ إليها بعض تجار المواد الاستهلاكية بمختلف تصنيفاتها، ومختلف جمهورها، عبر تيك توك، وهي استخدام المقاطع الصوتية التي تتصدر الترند على مقاطع فيديو يظهر فيها شخص ما وهو يستخدم إحدى السلع التي يسهل عليه استخدامها القيام بشيء ما، له بدائل أخرى ولكنه يشير إلى أنها أكثر فعالية، والسبب في استخدام مقاطع الترند هنا، هو ضمان ظهور الفيديو في المتصفح، للمستخدم الذي يشاهد فيديوهات عديدة للمقطع الصوتي المستخدم، وذلك النوع يظهر بشدة في الترويج لأدوات المنزل والمطبخ، مثل قطاعة الفاكهة، على سبيل المثال، والتي يظهر البعض في البداية وهم يعانون من استخدام السكينة، ثم كيف هي سهولة تنفيذ الأمر بها، كذلك أداة صغيرة تقطع البطيخ إلى كرات صغيرة يسهل استخدامها في الأكل أو العصير والحلويات وغيرها.
نوع آخر والذي يروج لألعاب الأطفال، يستخدم أيضًا الأصوات التريند أحيانًا، وأحيان أخرى يركز على ردود أفعال الأطفال ومرحهم أثناء التفاعل مع اللعبة، أو تركيب فيديو الاستخدام على موسيقى جاذبة للأطفال تحديدًا، والنوع الثالث يكون عن طريق بدء ترند يتناسب مع ماهية اللعبة بعمل فيديوهات بموسيقى تتناسب مع إيقاع استخدامها، وتحول اللعبة إلى ترند مثل الصبارة الراقصة التي تغني وتردد الكلمات للأطفال والكبار، ولعبة الفقاعات المستخدمة لتخفيف الضغط النفسي.
النوع الأكثر شهرة والمشترك مع باقي المنصات، هو اللجوء للترويج إلى العلامات التجارية الكبيرة في الملابس والأحذية والحقائب والمنتجات الطبية والعلاجية للبشرة والعناية بالجلد والشعر وغيرها للفتيات تحديدًا، من خلال الإنفلونسرز، مثل علامة الملابس التجارية الشهيرة “شين ان”، التي بات لها جمهور واسع في الوطن العربي مؤخرًا من خلال “الفاشونستا” حيث باتت كل منهن الترويج لها عبر تيك توك باستعراض ملابس قد حصلن عليها منها، بالإضافة إلى استغلال فيديوهات أخرى لذكر اسم العلامة التجارية وسط علامات عالمية أخرى، وقد تحول أحدها لترند خلال الأسابيع القليلة الماضية وهو لمجموعة من الفتيات تستعرض كل منهن ماركات ملابسها التي ترتديها، وتشترك كل منهن في العلامة “شي إن” وهو الترند الذي تحول إلى سخرية واسعة في مصر امتدت للوطن العربي بفيديو لشباب يذكرون أسماء أماكن حصولهن على الملابس منها “العتبة والوكالة” وغيرها من الأماكن الشعبية في مصر.
للإجابة على ذلك السؤال يجيب الدكتور حسام درويش خبير التسويق الإلكتروني لـ”إعلام دوت كوم” قائلًا: “هي وسيلة تسويقية ناجحة جدا وفعالة.. لا أحد يستطيع إنكار دور مواقع التواصل الاجتماعي حاليًا في كافة مجالات الحياة خاصة في التسويق، وعلى وجه التحديد المنتجات الاستهلاكية الموجهة للشباب والأطفال خاصة تيك توك .. فأي جهة إعلانية تضخ عليه منتجات على صورة فيديو لأشخاص يستخدمونها أو يروجون لها، ما يؤثر على المشاهدين وييجعلهم يقررون البحث عنها واستخدامها”.
أضاف: “لا أرى عيوبًا في استخدام السوشيال ميديا بأي طريقة للتسويق مادامت طريقة سليمة ومشروعة ومدروسة أيضًا، فالمشكلة ليست في الترويج عبر منصات التواصل الاجتماعي، إنما في العشوائية والتسويق غير المدروس، وهو الأمر الذي نراه في مجال التسويق الإلكتروني في مصر، فعندما حصلت على دورات متخصصة للتسويق عبر تيك توك في لندن أونلاين، منذ فترة قصيرة، اكتشفت العديد من الأمور، وقررت دراستها والبحث عن الإحصائيات والدراسات المتعلقة بها، ووجدت أنها وسيلة مؤثرة في العالم كله وليس في الصين فقط، ولكن الصين تتميز عن بقية الدول في أن التطبيق صيني في الأساس، ما أتاح لها إمكانية المنافسة قبل الجميع عبره”.
فيما يجيب الدكتور أحمد صبره، استشاري الطب النفسي، في “لايف إعلام دوت كوم” على “فيس بوك” عن التأثير النفسي لفيديوهات التسويق خاصة حالة الترويج لها من مؤثرين قائلًا إنها طريقة فعالة للغاية، حيث إن المشاهد يشعر بالحاجة لتلك الأشياء، مادام هناك أشخاص آخرين بستخدمونها، وللمؤثرين تأثير كبير على احتياجات الفرد، فطريقة حياتهم والرفاهية التي يعيشون فيها، تؤثر على متطلبات المشاهد خاصة من فئة المراهقين والأطفال.
من جانبها تؤكد “آ.ب” إحدى البائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمتخصصة في ملابس وألعاب الأطفال، أنها خلال الآونة الأخيرة صارت تتابع “تيك توك” بعدما لاحظت أن بعض زبائنها يجلبون لها من عليه فيديوهات لألعاب أطفال ويؤكدون على حاجتهم لها، مما يدفعها للتواصل مع بعض المواقع الصينية التي تتعامل معها والتعاقد على كميات منها لبيعها، وعندما ظهرت الصبارة الراقصة على سبيل المثال، تواصلت مع صفحة على “تيك توك” تروج لألعاب أطفال وبالفعل حصلت عليها ووجدت عليها الإقبال كبير جدًا، وبعدها بفترة وجيزة انتشرت اللعبة في الأسواق والمحلات المصرية، ويتم بيعها بنسبة ربح كبيرة نظرًا لأن الطلب عليها مستمر.
على الرغم من النجاح الظاهر والانتشار الواسع لتلك الوسيلة عبر تيك توك في الصين، وبعض الدول الأجنبية الأخرى التي بدأت في تنفيذها، إلا أن المسوقين المصريون لم يستغلوها بعد إلا في بعض التجارب البسيطة وأغلبها تعتمد على الدفع للإنفلونسرز، على الرغم من أنها طريقة مكلفة أكثر من الترويج للمنتجات من غير فيديوهات مشابهة لما تفعله الصين.
ولذلك أسباب يشرحها الدكتور حسام درويش قائلًا: “إذا ما تم استخدام التسويق الإلكتروني عبر تيك توك بشكل سليم وعن دراسة جدية سنجده وسيلة ممتازة للترويج لسلعنا مما يؤثر على الاقتصاد بشكل عام بصورة إيجابية، بخلاف ذلك ستتحول لوسيلة سلبية تمامًا، ولكن للوصول لذلك يجب دراسته ووضع إحصائيات وعمل تحليل للبيانات بعد جمعها عن مستخدمي تيك توك في مصر، فلا بد من معرفة من يستخدمه بشكل أكبر، ومن هم جمهوري المستهدف عليه، وهو ما يحدث في العالم كله، ولكن للأسف لا يحدث في مصر”.
وأكد “درويش” أن الطريقة الأكثر فعالية في مصر هي من خلال استخدام المؤثرين قائلًا إنها أحد الوسائل البسيطة للغاية في التسويق الرقمي، وتابع: “لكن الأزمة هنا أنه لا يوجد إلى الآن في مصر قوانين واضحة للتعامل معهم، أو تحديد أرباحهم أو فرض ضرائب عليهم أو ما إلى ذلك، على عكس الإمارات التي قننت عملهم ووضعت له قواعد، وكذلك العديد من الدول الأجنبية، ويجب الالتفات إلى تلك النقطة لأن بعضهم يجني أرباحًا بالملايين من خلال التسويق الإلكتروني، كذلك لا يوجد عقاب لهم لترويجهم سلع قد تضر بمستخدميها، إلا إذا تحول الأمر إلى ترند”، متمنيًا دراسة ذلك الأمر في مصر مثلما فعلت الإمارات، مما سيدر عائدَا كبيرًا على الدولة واقتصادها.