هذا ليس تدخلًا في الحياة الشخصية لحلا شيحة، فهذه مصونة، ولا علاقة لنا بها، تتزوج مَن تريد، وتتحجب أو تخلع الحجاب، شعرها وهي حرة فيه تمامًا. لكنها ليست حرة في أن تقول كلامًا عن الفن مثل ما قالته اليوم (منتصف يوليو 2021) بشأن دورها في فيلم “مش أنا” وكليب الفيلم الذى نُشر مؤخرًا.
تريد حلا شيحة أن تسيطر على الدنيا والدين، وتريد منا أن نفهمهما كما تفهمهما هي، أعرف أن مَن تريد الاعتزال، تبتعد فورًا، لا تخرج لنا كل يوم تلوك ما تلوك، وتضع نفسها في صدارة الأخبار. إن أردتِ، يا حلا، البُعد والحجاب والالتزام، فماذا أعادكِ لنا وعلى إنستجرام؟
اشتركت حلا شيحة مع تامر حسنى في فيلمه الأخير “مش أنا”، وعلقت سابقًا على أنها بالفعل تغيرت ولم تعد هي “حلا شيحة” التى مثّلت دورًا فى الفيلم، وانتهى الأمر. لكنها عادت مرة أخرى، وبحديث جديد غريب ومريب.
تبرأت حلا من الفيلم، ولها الحق في ذلك، مثل أخريات فعلن قبلها كثيرًا، لكن مسألة أن الفيلم نجح بمقاييس الدنيا، والجزم تمامًا بأنه “لن ولم ينجح بمقاييس ربنا” فيها ادعاء كبير على الله، عز وجل، وكأن جاءها وحي من السماء وقال لها: “لم ولن ينجح” كما تقول في بيانها عبر إنستجرام، ثم إنها تُشعرنا أن فيلمها مع تامر حسنى سينافس في مسابقة أفلام يوم القيامة!.. هل فاتكِ نجاح الفيلم، يا حلا، بمقاييس تامر ومنتجه؟ فتريدين أن تكونى فى الصورة ولكن بطريقة أخرى؟ فلم تفُتها مغازلة جمهورها الجديد بآية من القرآن نهاية البيان، وإعلان بطلان مهنة الفن الذي “لا يجعلنا قدوة لأولادنا”.
لم تقل لنا حلا شيحة أيضًا هل تبرأت من الأموال التى حصلت عليها مقابل الفيلم أم لا؟ ولم تقل إن كانت قد شاركت بدون مقابل مثلًا أم لا، ولم تقل لنا ماذا نفعل في هؤلاء الذين أعجبوا بأدائها فى الفيلم وتسببت في فرحتهم وبهجتهم؟ هل إن كانت هناك حسنات (بمقاييس ربنا) تتبرأ منها أيضًا حلا شيحة ما دام سببها الفيلم؟
الحقيقة أن حلا شيحة بما قالته لا تحترم مهنة الفن ولا العاملين فيها، لا تأخذ حتى في حسبانها وهى تكتب -أو يُكتب لها- أن أختها هنا شيحة تعمل فى هذه المهنة، وأن أختَيها الأخريَين قدمتا كذلك بعض الأعمال الفنية، كما أن زوجها الحالي تنصل تدريجيا من لقب “داعية” وبات يفضل عليه لقب “المنتج”، بينما حلا شيحة تحكم على الوسط بما فيه بصفات من قبيل “باطل ـ فتنة الشهرة ـ زلّة ـ غلطة”، وهي كلمات باتت ترددها فى تصريحاتها المتوالية منذ زواجها معز مسعود (الداعية السابق، والمنتج الفنى، وأشياء أخرى حاليا).
تريد حلا شيحة أن يعيش العالم على مزاجها (السلفى الآن)، إن تزوجت وتحجبت كما سبق وحدث ويحدث الآن، فالفن مهنة سيئة والعاملون فيها يذهبون إلى النار، ولا يصح أن يموتوا وهم على هذه المهنة، وإن تطلقت وخلعت الحجاب، فتعود إلى المهنة وتشترك فى الأفلام والمسلسلات وتذهب إلى المهرجانات، إن تحجبت فـ”اتركونى فى حالى”، وإن عادت فـ”صورونى على الريد كاربيت”.
الفن مهنة سامية، من لا يقدِّرها فيجب ألا يعمل بها، وإن عمل بها وقرر الاعتزال، فليجعل الأمر ساميًا كما يدَّعى دون الخوض في سيرة الآخرين والحكم على اختياراتهم لمجرد أنه مختلف معهم، فقد كان يمكنها أن توجه -ما تعدّه هى نصيحة- بطريقة شخصية وليس على الملأ مثلما تفضل دومًا حلا ابنة الفنان التشكيلى البارز أحمد شيحة.
سنوات طويلة عاشتها الفنانة الكبيرة شادية بعد الاعتزال لم نسمع منها هذا الكلام، وأخريات فعلن نفس الشىء، لكن مسألة الخروج والتقليل من الآخرين، وامتلاك صكوك الغفران التى تقولها حلا شيحة ومن يعلّمها الدين بشكل جديد، فهذا أمر غير مقبول تمامًا، وأنا أرى أن صمت بعض الفنانين أمام مثل هذه التصريحات يُوصمهم بالكثير منها، أو يعد بمنزلة موافقة عليها، فهل ينظرون إلى مهنتهم كما تنظر إليها حلا شيحة الآن؟ هل لا يريد تامر حسنى -مثلًا- أن يموت وهو مطرب؟ أم سنعيش للفن ونجوميته وفلوسه “ولما ربنا يسهلها نبقى نعتزل ونتبرأ” بس نعيش بفلوسه عادى؟!
الفن في مصر مظلوم، يعمل به فنانون يريدون تغيير وظيفتهم منه قبل الموت، ويتابعه صحفيون يعتقدون أنه أمر “تافه” ولا يستحق المتابعة، وينفق عليه منتجون أكثرهم لا يؤمنون سوى بأنه عبارة عن أموال “رايحة وجاية”.. ولنا الله يا أخت حلا.