فاطمة خير ـ تكتب عن شريهان
في الفن لا أحد يشبه الآخر، النجم لا يشبهه أحد، يظل دوماً أكثر إِشراقاً من الجميع.
من الرائع للغاية أن تكون مشاهدة مسرحية للنجمة شريهان، هي العمل الذي يلتف حوله أفراد الأسرة، ودون الحاجة للذهاب إلى أي صالات عرض في هذهِ الأيام التي لا تزال الكورونا تقيد حركة الجميع فيها، وهو ما تحقق عبر منصة شاهد، في الحقيقة كانت التجربة ممتعة للغاية، صحيح أن مشاهدة عمل فني سواء فيلم أو مسلسل أو حتى مسرحية قديمة، عبر منصة مدفوعة، لم يعد شيئاً استثنائياً هذهِ الأيام؛ إلا أن مشاهدة مسرحية جديدة للنجمة “الحقيقية” شريهان في أول أيام العيد، دون الحاجة للخروج من البيت، هو شى رائع حقاً، لكن الأكثر روعة هو أن تستمتع حقاً بعمل فني راقي في أيام يندر أن تجد ما تتذوقه فيها وينال إعجابك لا مجرد أن تحتفي بالجديد في العيد وحسب.
كوكو شانيل Coco Chanel مسرحية مناسبة لأن يشاهدها كل أفراد الأسرة، دون أدنى إحساس بالقلق من تدني الحوار أو لفظ غير لائق في وجود الأبناء، وهو أمر كما تعلمون عظيم، في أيام يتبارى فيها الكثيرون لاستعراض مستوى الألفاظ والفائز هو الأكثر تدني ولا عزاء للأخلاق!
لا تحتاج سوى أن تطفئ الأنوار، بعد أن تصل جهاز هاتفك بشاشة كبيرة، ثم تسمح للعرض الممتع أن يبدأ: ينزاح الستار عن عمل فني كبير، ذوق فني عالي في كل تفصيلة، بدءاً من السرد كبداية ذكية، مروراً بمسرح يقدم صورة راقية افتقدناها منذ زمن بعيد: رقي حقيقي يدخل إلى بيتك في هذه اللحظة، ديكور وملابس وإضاءة وموسيقى تصويرية، الكل يتبارى في إظهار أفضل ما لديه، وكأنه انتهز فرصةً لتخليد إبداعه، أما عن الاستعراض، ففي الحقيقة أعاد هذا العمل لفن الاستعراض قيمته وأبرز أفضل ما يمكن تقديمه عبر استعراضات راقصة على خشبة المسرح! وبالنسبة للتمثيل فلا يمكن القول أكثر من أن شريهان تعود إلى الساحة وكأنها تركتها بالأمس، لم تتأثر أبداً بالغياب، وقدمت دليلاً حقيقياً على أن “النجومية” لا تُفرض غصباً، النجومية الحقيقية كالشمس الساطعة لا يخفيها شيء، نجومية شريهان كالألماس الأصلي لا يطمسه مرور الزمن.
إهداء إلى نساء العالم يسبق بدء المسرحية، تقدمه شريهان كانحناءة تقدير لهن في مسرحية من فكرتها، لكنها في الحقيقة لم تكن تحتاج لذلك، فاختيار الفكرة في حد ذاته ذكي للغاية، اختيار شخصية مثل كوكو شانيل رائدة ثورة عالم الملابس ومستحضرات التجميل النسائية في القرن الماضي، هو في حد ذاته ترجمة للاعتراف بقوة إرادة النساء وقدرتهن على إحداث التغيير. وعبر أبسط الأدوات، قدرتهن على تأسيس النجاح الممتد لما يقرب من قرب رغم أصعب الظروف، وكل ذلك بكتابة سهلة ناهمة وسيناريو رشيق، طعمته الاستعراضات غير المقحمة، وإبهار في توظيف الإضاءة والخدع البصرية، على خلفية حوار يتحدث عن: الفن والحب والجمال!
أما شريهان نفسها فلا أعلم إن كانت تدرك أنها نفسها نموذجاً مثالياً للكفاح ضد الانكسارات والهزائم ومقاومة المرض، والصمود أمام الصدمات المتتالية؟ بجسدها الرقيق وإحساسها المرهف تقدم دليلاً على أن النجاة من كل ذلك ممكن، تقف بثقة على المسرح، ترقص، وتغني، وتضحك، وتتألم، وتمثل بصدق، وتستقبل جمهورها بلهفة، لا اعتراف بالسن. كما قالت في جملة عابرة قبل نهاية المسرحية.
شريهان. نجمة جيلنا كنتِ ولا تزالين، نحبك كثيراً، وأهلاً بكِ مرةً أُخرى تحيين خشبة مسرح لم يتذوق الجمال منذ زمنٍ بعيد.