أسماء مندور ـ تكتب عن مواقع التواصل الاجتماعي
وفقًا لتقارير البيانات، يستخدم 4.33 مليار شخص مواقع التواصل الاجتماعي، أي ما يعادل 55 % من إجمالي السكان على الأرض. وفي الأشهر الاثني عشر الماضية وحدها، انضم حوالي 521 مليون مستخدم جديد إلى هذا العالم الافتراضي، بمعدل نمو سنوي قدره 13.7٪ ، بمتوسط 16 مستخدمًا جديدًا في الثانية.
في المقال المنشور في موقع analyticsindiamag ، ذكر أن السبب في ذلك هو أن الخوارزميات، الخاصة بتلك المواقع، مصممة وموجهة أساسًا نحو زيادة جذب انتباه المستخدم، حيث تستخدم استراتيجيات التصميم السلوكي الرؤى العصبية والسلوكية لتطوير تفاعلات الأشخاص، والتأثير على سلوك المستخدم. وفي مقابلة مع “بيزنس إنسيدر”، قال مطور التطبيقات Peter Mezyk: “غالبًا ما يُقاس نجاح التطبيق بمدى تقديمه لعادة جديدة، فكلما زاد الوقت الذي يقضيه المستخدم في التطبيق، كلما زاد تدفق عائدات الإعلانات على جيوب الشركات؛ إذا الربح المادي هو الهدف الأساسي”.
تعرف خوارزمية “توصيات” يوتيوب ما يريده الأشخاص جيدًا، لدرجة أن متوسط جلسة المشاهدة الواحدة على التطبيق تستغرق 60 دقيقة، حيث تجلب الخوارزمية الكثير من إيرادات يوتيوب، وتبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وتمثل مقاطع الفيديو الموصى بها 70 % من الوقت الذي يقضيه المستخدمون على يوتيوب.
التفسير التقني والعلمي لذلك، هو أن الخوارزمية تتكون من شبكتين عصبيتين؛ واحدة لإنشاء مقاطع فيديو مقترحة، والأخرى لترتيب عرضها أمام المستخدم، بحيث تُضيق الخوارزمية الأولى مكتبة الفيديو الضخمة، بينما تصنف الخوارزمية الثانية مقاطع الفيديو هذه بناءً على قيمتها بالنسبة للمستخدم.
كما أن استخدام يوتيوب للشبكات العصبية العميقة يجعل جوجل واحدة من أولى الشركات التي تنشر شبكات عصبية عميقة على مستوى الإنتاج لأنظمة التوصية، حيث تستخدم شبكة إنشاء مقاطع الفيديو المقترحة سجل نشاط المستخدم، مثل الخصائص الديموغرافية للمستخدم، وبيانات مقاطع الفيديو التي تمت مشاهدتها، وسجل البحث. وبناءً على كل هذا، تقوم بتوفير بيانات لبضع مئات من مقاطع الفيديو التي يمكن اقتراحها للمستخدم.
في مؤتمر جوجل 2018، أعلنت الشركة عن خطط لإدخال أدوات جديدة، للحد من “شراهة المشاهدة”. ومع ذلك، في عام 2019، اقترحت ورقة بحث لجوجل، تحديثًا للخوارزميات “للتوصية بمحتوى أكثر استهدافًا لزيادة التفاعل”.
في نفس الصدد، قال تريستان هاريس، خبير أخلاقيات التكنولوجيا السابق في جوجل، والمؤسس المشارك لمركز التكنولوجيا الإنسانية، في مقابلة: “توجد أكبر أنظمة أجهزة الكمبيوتر العملاقة في العالم داخل شركتين؛ هما جوجل وفيسبوك، إننا نوجههم إلى أدمغة الناس، وإلى الأطفال”.
من جانبها، تحدد خوارزمية فيسبوك المنشورات التي تظهر في يوميات المستخدم، لأن فيسبوك يعتمد على طبقات متعددة من نماذج التعلم الآلي، والتصنيفات التي تم تطويرها للتنبؤ بالمشاركات الأكثر قيمة وذات مغزى للمستخدم، لذلك يظل التخصيص والمحتوى ذي الصلة على رأس أولويات الشركة. في حين يستفيد محرك توصيات تيك توك من الذكاء الاصطناعي وممارسات التنقيب في البيانات، لتحديد المحتوى الذي يعرضه للمستخدمين.
v بمجرد انتهاء مقطع فيديو، يبدأ مقطع فيديو آخر بمحتوى ذي صلة: لا تملك خوارزميات تيك توك و إنستجرام خيار تعطيل التشغيل التلقائي للمحتوى، مما يجعل من الصعب التوقف عن المشاهدة.
v تأثير التوقف: كلما زاد الوقت الذي يقضيه المرء في إنشاء عالم افتراضي في لعبة أو ملف تعريف على مواقع التواصل الاجتماعي، يصبح فصل التطبيق أو حذفه أكثر صعوبة.
v التأثير الاجتماعي: على سبيل المثال، العلامات الزرقاء عند المشاهدة، والعلامات الرمادية عند تسليم الرسالة بنجاح.
v المكافأة الاجتماعية وردود الفعل.
الخوارزميات التي تُظهر للمستخدم ما يريد رؤيته، وتنجح في التنبؤ بما يستهلكه الأشخاص، تخلق في النهاية حلقة مفرغة مستمرة. على سبيل المثال، نظرًا لأن خوارزمية يوتيوب مُصممة لتحقيق أقصى قدر من المشاركة، فإنها تميل إلى تقديم خيارات تعزز العادات القائمة بالفعل، وإبداء الإعجاب وعدم الإعجاب بإغلاق طرق العرض الأخرى، وكل ذلك يخلق تجربة إدمانية.
تظهر التقارير أيضًا أن مقاطع الفيديو المثيرة للجدل والمتطرفة تحقق أعلى نسب مشاهدة، مما يؤدي إلى تضليل المعلومات والتطرف السياسي. ففي كثير من الأحيان، يعتبر الخطاب السياسي الذي ينخرط فيه الناس اليوم نتاجًا مباشرًا لمواقع التواصل الاجتماعي.
الغرض من الخوارزميات هو المساعدة في اتخاذ الخيارات، بحيث يقوم المستخدم بالاختيار من بين مجموعة من الخيارات التي يتم اقتراحها بتوجيه من الخوارزمية. وبمرور الوقت، يتم تجميع مجموعة من البيانات والمعلومات، حيث يصبح الناتج جزءًا من مدخلات الخوارزمية.
إلى حدٍ كبير، يتم التعامل مع الخوارزميات على أنها تحديات هندسية بحتة وليست مشكلات اجتماعية تقنية، ويهتم خبراء التكنولوجيا بشكل أكبر بإيجاد حلول فعالة، للحد من تأثيرها المجتمعي، حيث تلتقط الخوارزميات التحيزات بمرور الوقت. وعلى الرغم من الحجج القوية والأدلة على أن الخوارزميات تُضيق الخيارات، فإن بعض الدراسات البحثية تشكك في صحتها.
لقد أتقنت خوارزميات التعلم الآلي بالفعل “نظام التوصيات” بما سيتفاعل معه المستخدم، حيث يتم إجراء البحث على “التنوع الهندسي” لتحسين نطاق الخيارات، وفهم اهتمامات المستخدم بشكل أفضل. ومع ذلك، على الرغم من أن شركات مواقع التواصل الاجتماعي تسعى جاهدةً نحو مزيد من التنظيم، لكن تحقيق التوازن بين الربح والمصالح البشرية لايزال يمثل تحديًا كبيرًا لتلك الشركات.