دنيا شمعة
الإنس والنمس لـ هنيدي
طُرِحَ فيلم “الإنس والنمس” في السينمات منذ أسبوع، محققا إيرادات وصلت لـ17 مليون جنيه تقريبا، ليتصدر شباك التذاكر في أسبوعه الأول ويحقق نجاح يسبق الأفلام الكوميدية التي تم طرحها خلال هذا الموسم، حيث حقق “البعض لا يذهب للمأذون مرتين” في أسبوعه الأول 11 مليون جنيه فقط، وحقق فيلم “مش أنا” في أسبوعه الأول أيضا 9 مليون جنيه، وكان فيلم “أحمد نوتردام” قد حقق في أسبوع العيد ما يقارب 9 مليون أيضا.
الفيلم من بطولة محمد هنيدي، منة شلبي، صابرين، عمرو عبد الجليل، بيومي فؤاد، عارفة عبد الرسول، محمود حافظ، دنيا ماهر، شريف الدسوقي، وقصة وإخراج شريف عرفة، وسيناريو وحوار شريف عرفة وكريم حسن بشير. الإنس والنمس لـ هنيدي
تدور أحداث الفيلم حول شخصية “تحسين”، الذي يجسده الفنان محمد هنيدي، والذي يعمل مديرا لبيت الرعب في مدينة ملاهي ليتعرض لحادث حيث يقابل “نارمين”، التي تجسدها الفنانة منة شلبي، ويقع في حبها لتدعوه بعدها لمقابلة عائلتها، ويكتشف بعدها أنهم جميعا من الجن.
بهجة الجمهور وافتقاده لرؤية “هنيدي” على الشاشة كانت عنوانا لنجاح الفيلم منذ أول مشهد به.. تفاجأت عندما رد كل من في قاعة السينما بصوت عالي عندما سأل “هنيدي” في بداية الفيلم “جاهزين؟”، فبعيدا عن أن التفاعل الجماهيري أبعد ما يكون عن طريقة الطرح المعتادة لأفلام الرعب وإن كانت كوميدية، فالفيلم بالفعل حصل على قدر كبير من التفاعل سواء داخل القاعة وقت العرض، أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي قبل عرضه.. والفضل كله في الحالتين يرجع لتجربة “هنيدي” ومدى نجاحها، حيث استطاع أن يكون من أنشط النجوم وأكثرهم شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي بجانب حب الجمهور له ولأعماله وافتقادهم له، ووظف ذلك بشكل جيد في الترويج للفيلم قبل وبعد عرضه سواء من خلال منشوراته لتشويق الجمهور حول قصة الفيلم أو فيديوهات “اللايف” وتواصله المباشر مع الجمهور، أو من خلال قراره مؤخرا بعمل جولة في قاعات السينما في محافظات مصر، وحتى من خلال الديكور المبتكر للعرض الخاص للفيلم الذي حول قاعة السينما لبيت رعب مختلف من هياكل عظمية وزومبي وحيوانات ضخمة وإضاءة شبيهة لإضاءة أفلام الرعب.
شخصية “تحسين” التي جسدها محمد هنيدي في الفيلم، أعادت للجمهور ذكريات الحالة التي صنعتها أشهر الشخصيات التي قدمها في مسيرته كشخصية “طه” في “وش إجرام” و”فوزي” في “عندليب الدقي”، و”محي” في “فول الصين العظيم” مما جذب جمهور هذه الأفلام من كل الأعمار لمشاهدة الفيلم، ذلك بجانب القالب المختلف للفيلم الذي مزج بين الفانتازيا والرعب والكوميديا والفكرة التي بها قدر جيد من الغرابة والتي جذبت جمهور هذا النوع من الأفلام الذي كان يجد ضالته في الأفلام الأجنبية وخصوصا إنتاجات شركة “ديزني”، حتى أن البعض شبه الفيلم بفيلم ديزني الشهير “hotel transylvania”.
في رأيي أن التشابهات بين الفيلمين طفيفة وخصوصا من حيث القصة، لكن هناك بعض التشابهات التي تعتبر نقاط قوى لفريق الديكور بقيادة باسل حسام، كتشابه القصر في الفيلمين والضباب والخفافيش المحيطة به وابتعاد مكانه عن المدينة والبشر، بل أن تنفيذ القصر وتفاصيله والشكل الذي خرج به في حالة “الإنس والنمس” بالتأكيد كان أصعب لكونه فيلم حقيقي وليس فيلم رسوم متحركة، كما كانت هناك تشابهات بسيطة أخرى هي من جعلت “hotel transylvania” يكون حاضرا في بال الجمهور بعد مشاهدته ل”الإنس والنمس” كوجود النمس رمزا لعائلة الجن التي تنتمي لها “نارمين”، ووجود الذئب “wayne” كصديق وجزء من عائلة “mavis”، وأيضا دخول “تحسين” كالبشري الوحيد وسط الجن كما فعل “jhonny”.
الفيلم أيضا يعد التعاون الثالث ما بين هنيدي والمخرج شريف عرفة، بعد تعاونهما في فيلم فول الصين العظيم إنتاج عام 2004 ومن قبله فيلم المنسي عام 1993، وهو الفيلم الكوميدي الأول لشريف عرفة بعد 10 سنوات من فيلم “إكس لارچ”، وبالتأكيد كان وجوده على رأس العمل كمخرج ومؤلف مع كريم حسن بشير إضافة كبيرة للعمل، بل أن الكتابة بشكل خاص كانت من أقوى عناصر العمل في رأيي، فالمزج في بعض المشاهد بين أساطير أفلام الرعب كالدم والحمم البركانية وأكل لحوم البشر والزومبي والسخرية من كليشيهات هذه الأفلام في نفس الوقت، كمشهد عمرو عبد الجليل “شهاوي” مع صابرين “آسيا” وسخريتهم من مشاهد إطالة النظر لللا شيء، من خلال المزج بين كوميديا الموقف وكوميديا الإفيه الغير مبتذلة جعل الفيلم من أقوى أعمال كوميديا الرعب خلال آخر 10 سنوات.
وبالتأكيد الاختيار الموفق جدا للممثلين المشاركين بالفيلم مع هنيدي كان أحد أهم أسباب النجاح، بداية من الفنانة منة شلبي ونضجها الواضح حتى في مشاهدها الكوميدية وهدوء ملامحها وتعبيراتها المناسب لشخصية “نارمين”، والثنائي الشرير خفيف الظل الذي كونه عمرو عبد الجليل مع صابرين، مرورا بدنيا ماهر التي جسدت دور “ابتسام” شقيقة “تحسين” وزوجها “خليفة” الذي جسده محمود حافظ، واللذان جسدا ظاهرة اليوتيوبرز بطريقة كوميدية ممتازة، حتى الممثلين الذين شاركوا بمشاهد معدودة كبيومي فؤاد “أشموح أنزوح”، وشريف الدسوقي وعارفة عبد الرسول وسليمان عيد، وضيوف الشرف كمحمد جمعة وصلاح عبدالله.
الموسيقى كانت عامل إبهار وجذب قوي جدا بالفيلم، سواء الموسيقى التصويرية التي أعادت للسينما مرة أخرى أيقونة كمودي الإمام، أو إضافة روح شبابية لجذب فئات مختلفة من الجمهور بجعل الأغنية الرسمية للفيلم هي مهرجان “هابا” بصوت أوكا وبمشاركة بيومي فؤاد والتي تم استخدامها للترويج للفيلم بطريقة زكية جدا على “تيك توك”، وأيضا مشاهد رقصة الترحيب الكوميدية في قصر عائلة النمس.
كما كان لدور المونتاج بقيادة المونتيرة داليا الناصر، ودور الجرافيك والمؤثرات البصرية لشركة “trend”، وإضاءة وتصوير أيمن أبو المكارم، ومصممة الملابس إيناس عبدالله.. الفضل الأكبر في خروج الفيلم للجمهور بصورة مشرفة تجمع بين الكوميديا المستساغة والغير مبتذلة ومظهر أفلام الرعب الكوميدية التي أحببناها من أفلام ديزني، ليعود “هنيدي” أيقونة الكوميديا لجمهوره بفيلم مناسب لكل العائلة وقادر على إثارة الضحك بدون تسول.