ساعات قضيتها ضاحكًا وأنا أتخيَّل شعور بعض الإعلاميين المصريين بعد قبول الرئاسة المصرية مبادرة الرياض وفض الخلاف مع قطر. المنطق يقول إن العلاقة بين مصر وقطر لن تكون سمنًا على عسل بين عشية وضحاها، وإنما سيقل الهجوم بالتدريج، ولكنى لا أعرف كيف سيتصرَّف هؤلاء الذين مرمطوا بقطر وأميرها وأبيه وأمّه الأرض؟!
أضحك كذلك على أولئك الذين كانوا يحتمون بقطر وقناتها ويرددون أنها دولة الحق والعدل ونصرة المظلوم، والذين سيحتمون بعدها بتركيا وغيرها، وسيصبون جام غضبهم على كل دولة تتخلَّى عنهم من أجل مصلحتها.
قناة «الجزيرة» كانت بالفعل عرضًا مستمرًّا من الأكاذيب والتلفيقات، ولكن مَن قال إن إعلامنا كان هو الإعلام المهنى الحقيقى؟ يقول المثل الشعبى: «ما اسخم من سيدى إلا سِتِّى».. تحدث مثلًا مناوشات أمنية مع متظاهرين عند كوبرى قصر النيل فتخرج الأخبار العاجلة فى «الجزيرة» عن قتل واعتقال الآلاف وسحل البنات عند كوبرى قصر النيل، وتخرج قنواتنا الإعلامية لتحلف مئة يمين إنه لا يوجد فى مصر كوبرى قصر النيل أساسًا!
يقول «نجيب محفوظ»: آفة حارتنا النسيان، وأنا أعتقد أن «آفة حارتنا الأَفْوَرة»، كان من الممكن أن يعارض هؤلاء الإعلاميون قطر ويردّوا على إساءة قنواتها بالعقل والمنطق، وأن يهاجموها دون الخوض فى اتهامات ومؤامرات وخيانات لا تغسلها مبادرة صلح.
كان الواحد منهم يقول: أنا لست مع أى نظام.. أنا إعلامى شريف.. أنا مع الدولة.. وها هى الدولة يا عم «الفِتِك» قد تصالحت -أو ستتصالح إن عاجلًا أم آجلًا- مع مَن وصمتها أنت بالخيانة والعمالة وتمويل الإرهابيين وقتل جنودنا، وشتمت أميرها وأمه وأباه وسلساله، فهل ستقف أنت الآن ضد توجه الدولة؟ -إخص عليك يا عميل يا إرهابى- أم ستصبح قطر على لسانك «الشقيقة الصغرى»؟!
نقلًا عن جريدة “التحرير”