فاطمة خير ـ تكتب عن OSN
“ليس من الممكن أن تحيا في سعادة إذا لم يكن لديك ما تقدمه”.. هي الجملة التي يمكن بها تلخيص الوثائقي Jane Fonda In Five Acts، والذي تذيعه قناة OSN waman هذهِ الأيام.
الوثائقي الذي يمتد لساعة، ينقسم إلى خمس مقاطع تحكي أهم ما في رحلة حياة الممثلة العالمية والناشطة السياسية Jane Fonda ، ولكن الأمر ليس كما يبدو هكذا في منتهى البساطة.
الفيلم الأمريكي تم إنتاجه عام 2018، عن الممثلة المولودة في 21 ديسمبر 1937، والتي تُعتبر أيقونة للياقة البدنية وللتقدم في العمر مع الاحتفاظ بالنضارة والجمال، وبالتأكيد..الاحتفاط بالحضور الإنساني والفني والحقوقي، وهي المرة الأولى التي يُعرَض فيها على شاشة تتوجه للجمهور العربي، وهو بالتأكيد اختيار متميز للعرض من جانب القناة، التي تواجه تحدي أن تكون قناة كاملة مخصصة للمرأة، وأن يتنوع محتواها ما بين الترفيهي والتثقيفي والفني، فالفيلم الذي يتناول الحاية الخاصة والمهنية والحقوقية للفنانة العالمية، قد حاز وترشح لعدة جوائز عالمية، وهو بالفعل من الأفلام المتميزة في إطار السير الذاتية بحضور أصحابها، فتقديم مادة للسيرة الذاتية تتصف بالمستوى الفني المرتفع هو أشبه بالسهل الممتنع، مهما تعددت الأفلام من هذه النوعية، لكن يظل التحدي الأكبر أمامها هو الاحتفاظ بالمشاهد دون أن يشعر بالملل.
الفكرة هنا هو تقديم نموذج نسائي قوي ومشتبك مع الحياة، ينطبق عليه بالفعل المقولة الشهيرة بأن “السن مجرد رقم”، وهو في هذه الحالة ليس مجرد رقم وحسب، وإنما أيضاً مدعاة للاشتباك أكثر مع الحياة ورفض تام وواضح لفكرة الاستكانة للراحة بعذر التقدم في السن، أو اكتمال التحقق المهني، أو الحصول على حياة خاصة مثالية، بل الأكثر من ذلك، فرحلة حياة فوندا، هي رحلة إنسان تصالح مع طفولته وشبابه بوعي شديد، كلما تقدم في السن، وتصالح مع ظلال شخصيته واعترف بها دون الشعور بخجل، وهي رحلة امرأة عاشت حياتها كما أرادت، وكما حركها وعيها في كل مرحلة عمرية وإنسانية، بل أتقنت النهوض كلما بدا أنها سقطت في هوة الفشل أو الحزن، ولم تستكن أبداً لرتابة حياة انتهت صلاحيتها لمجرد الاستمرار في علاقات زواج تُرضي المجتمع، واستقبلت الهزائم والخسائر تماماً بالروح المقابتلة نفسها التي استقبلت بها الأفراح والانتصارات، كل ذلك دون أن الادعاء بأنها البطل الخارق، والذي أتقنت الآلة الأمريكية تصديره.
من الرائع أن تقدم قناة معنية بالمرأة هذهِ النماذج من الأعمال على شاشتها، فهذا يساعد بوضوح في تعريف كل امرأة بأن وجودها الإنساني لا يتمحور على المظاهر السطحية من اتباع لصيحات الموضة وهوس التجميل المزيف والذي يزيف آثار الزمن، وأنها ليست مفعول به في حياتها بل هي قادرة على مواجهة المصاعب والتحديات، وأنه لا نهاية لرحلة الحياة إلا بنهاية الحياة نفسها.
كما أنه من المفيد للغاية تقديم نموذج المرأة التي حطم الفيديو الخاص بها عن التدريبات الرياضية كل أرقام المبيعات في وقته (1982)، في وقت تتجه فيه كثير من النساء المصريات والعربيات للعناية بلياقتهن البدنية، لأن هذا أمر إنساني للغاية، ويخدم تمكين النساء العربيات صحيا.