حسن شرف يكتب: هيا بنا نغلق ملف قناة السويس
تخيل أنك شاباً فى منتهى الزكاء والتميز ، ولكن لظروف شخصية وأخرى إجتماعية حالت دون تقدمك فى الدراسة والحياة المهنية ، ولكن بعد ثورة على نفسك استطعت أن تنجز شيئاً مهماً فى حياتك المهنية ، نال إعجاب الكثير من أصدقائك وأقاربك .
أتفهم أنا حينها تمسكك بنجاحك ومماطلتك فى الفرح ، كما اتفهم فرحة أهلك وأقاربك الذين كانوا قد فقدوا الأمل في أن تحرز أنت أي تقدم .
هذا المثل السابق ينطبق تماماً على ما فعلناه وما نفعله نحن المصريون منذ افتتاح قناة السويس الجديدة فى 6 أغسطس الحالى ، لا أحد ينكر على الإطلاق أن قناة السويس الجديدة مشروعاً مهماً فى فترة صعبة تعيشها مصر .
ولكن أهمية افتتاح قناة السويس الجديدة ليس فقط كونه مشروعاً مهماً فى هذه الأوقات الصعبة ولكن كونه إنجازاً لم يتوقعه أحد من الدولة والشعب المصرى حيث الفساد والإهمال والكسل .
أليس هذه الصفات موجودة فى مجتمعنا ! ، وإلا لماذ غرق مركب الوراق وأودى بحيات العشرات ، ولماذا اشتعلت النيران وأكلت مصنع العبور ، وفساد معهد القلب الذي اكتشفه فجأة رئيس الوزراء ابراهيم محلب ، وفساد التعليم الذى وصل إلى منتهاه ،والصحة المتمثله فى إهمال المستشفيات الحكومية وجشع المستشفيات الخاصة .
لم أقصد أن أعكر صفوك بفرحتك بافتتاح القناة وسط حضور مكثف من ملوك ورؤساء دول العالم ولكن أردت فقط أن تغلق هذا الملف وأن تنظر بنفس الكفاءة والحماس إلى ملفٍ غيره وتنجزه حتى لا تسقط مرة أخرى وتبرر هذا السقوط بأنك كنت ” تفرح ” بافتتاح القناة الجديدة .
لماذا لا ننطلق بهدوء ، ونتقدم بشكل حقيقي ونتمتع بالرقي والتميز ؟
لماذا ونحن على أعتاب مشاريع قومية كبيرة وعملاقة شوارعنا تملئها القمامة ؟
أليس نحن من صنع هذا الإنجاز الذى يتحدث عنه العالم ويشيدون بقدرتنا على صنع المعجزات ، متى سنصنع معجزة أخري ونثور على القمامة فى شوارع المحروسة ؟
متى سنصنع إنجازاً أخر ونثور على الفساد والإهمال ؟
فى اللحظة التى نقرر فيها أن يتمتع كل واحد منا بضميرٍ صافٍ وعقل لا يفكر إلا فى الإنجاز والتقدم حتى على المستوى الشخصي ستكون الفرحة الحقيقية لأننا سنعيش فى دولة قوية متماسكة ، وسنفرح بإنجاز مشاريعنا القومية كفرحة طفل بلعبة بسيطة .
لهذا هيا بنا نغلق ملف قناة السويس الجديدة ونفتح ملفات أخرى جديدة تكون على نفس المستوى .