أسماء شكري
أحمد توفيق المخرج
للعام الثاني على التوالي، أثار عرض الحلقة الـ20 من مسلسل لن أعيش في جلباب أبي اهتماما كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تكرار الاحتفال بتريند “فرح سنية“، إذ تتضمن هذه الحلقة مشهد حفل زفاف سنية الابنة الكبرى لعبد الغفور البرعي، خلال أحداث المسلسل الذي مر على عرضه الأول أكثر من 25 عاما، ولكن ما زال يحقق نسب مشاهدة عالية واهتماما كبيرا من الجمهور.
ومع التحفظ على تكرار تريند فرح سنية الذي قد يصيب الجمهور بالملل ويستنزف جمال وإبداع المشهد، إلا أنه كالعادة كما حدث في التريند خلال العام الماضي امتلأت السوشيال ميديا بالإشادات لكل الفنانين الذين ظهروا في فرح سنية، أبرزهم عبلة كامل وسهير الباروني ووفاء صادق وحنان ترك، نظرا لما احتواه فرح سنية من مواقف مضحكة ومفارقات كوميدية وحوارات وجمل بعينها؛ حفظها المشاهدون من كثرة متابعة المشهد عبر سنوات عديدة، مثل جملة عبلة كامل عن حنان ترك: “تصدق هضربها؟” وجملة وفاء صادق “أنا مكلتش مكرونة”، ومشهد سهير الباروني وهي تجمع الطعام في كيس بلاستيك أسود.
ليس فرح سنية فقط هو ما تتم الإشادة به، وإنما المسلسل كله يحظى مع كل عرض له على التلفزيون باحتفاء كبير، ولكن وسط كل هذا؛ نادرا ما يذكر أحد اسم مخرج العمل الراحل أحمد توفيق الذي أدار كل هذه العناصر؛ فمن المعروف أن مخرج العمل هو المايسترو الذي يدير فريق العمل كله ويضع القواعد الخاصة به، من ممثلين وفنيي إضاءة وتصوير وديكور وغيرها؛ صحيح أن الممثل هو نجم العمل الفني الذي يتصدر اسمه الأفيشات ويلفت نظر الجمهور أولا، ولكن المخرج بالطبع تكون أهميته أكبر في نجاح العمل، لذلك فعدم ذكر اسم أحمد توفيق عند الإشادة بالمسلسل يعد ظلما له.
وفي لن أعيش في جلباب أبي نجد براعة أحمد توفيق في إدارة هذا الكم من الممثلين نجوما وشبابا، وكمخرج للعمل فإنه أبدع في اختيار الممثلين الذي وُضع كل منهم في مكانه الصحيح، من نور الشريف “عبد الغفور” إلى عبلة كامل “فاطمة كشري” إلى عبد الرحمن أبو زهرة “المعلم سردينة” وغيرهم، وفي مشهد فرح سنية تحديدا نجد بصمته حاضرة وقوية بشهادة الممثلين أنفسهم، ومن بينهم وفاء صادق التي ذكرت أنه ترك لهم التصرف بحرية أثناء تصوير المشهد؛ وهو ما أظهرهم على طبيعتهم تماما، وأغلب الجمل المشهورة من فرح سنية لم تكن مكتوبة في النص، هنا نلحظ عبقرية أحمد توفيق كمخرج؛ فقد تنبه إلى أن مشهد الطعام تحديدا يجب أن يخرج طبيعيا بأداء كل ممثل كما يراه، وهو ما أتحفنا في النهاية بمشهد فرح سنية العبقري.
ولأن الأجيال الجديدة بالطبع لا يعرف معظمها من هو أحمد توفيق، فيجب علينا أن نوضح لهم أنه ممثل أيضا وليس مخرجا فقط، وقد وُلد في عام 1930 وتوفي عام 2005، وهو خريج معهد الفنون المسرحية وشارك بالتمثيل في أعمال مهمة؛ أبرزها أفلام القاهرة 30 وشيء من الخوف والبيضة والحجر وحافية على جسر الذهب، كما مثّل في عدة مسلسلات من بينها وتوالت الأحداث عاصفة والخروج من المأزق، وتميز بأداء تمثيلي جاد جعله كما يقال بالعامية “ممثل تقيل”.
أما على مستوى الإخراج، فقد أخرج أحمد توفيق أعمالا عظيمة ومميزة في تاريخ الشاشة الصغيرة خاصة المسلسلات الدينية، وأبرزها عمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد والحسن البصري ومحمد رسول الله الجزء 4، كما أخرج تلفزيونيا عددا من المسرحيات، أشهرها سيدتي الجميلة والدخول بالملابس الرسمية.
نتمنى من محبي مسلسل لن أعيش في جلباب أبي وجمهور مشهد فرح سنية تحديدا، ألا ينسوا مخرج هذه التحفة التلفزيونية أحمد توفيق؛ الذي لولا توجيهاته لما شاهدنا هذا المسلسل؛ الذي أصبح من أيقونات الدراما المصرية.. وسيظل.
كيف تصدرت الصبارة الراقصة الترند المصري؟