كيرلس عبد الملاك
لم أكن أفكر في تحويل سلسلة مقالات “في طريق الوعي” إلى كتاب، لكنني فكرت في ذلك الأمر فوجدته يحمل فكرة سديدة، وقد شجعني على الإقدام عليها عدة عوامل، هي:
1- اتجاه الدولة المصرية الحالي إلى الاهتمام بموضوع الوعي خاصة في ظل تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي المشجعة على الرفع من مستوى الوعي.
2- إشارة الأستاذ محمد عبد الرحمن، رئيس تحرير موقع إعلام دوت كوم، عبر الرسائل المتبادلة بيننا، إلى أن هذه المقالات هي نواة لكتاب.
3- انتهائي بالفعل من إعداد الجزء الأكبر من كتاب يهتم بموضوع الوعي، لم يكتمل نهائيا حتى الآن، ووجدت أن هذه المقالات مقدمة جيدة لكتاب يسبقه أو يفتح المجال إلى محتواه.
وقبل أن أنهي هذه السلسلة المقتضبة من المقالات، لابد أن أشكر الأستاذ محمد عبد الرحمن، الصديق العزيز، على تشجيعه وإتاحة الفرصة للتواجد.
إلى اللقاء مع كتاب يحمل الاسم المؤقت: “في طريق الوعي”. الذي أطمح إلى أن يُدرَّس في يوم من الأيام في المدارس المصرية ويتم استعراض محتواه في إطار نقاش مجتمعي، خاصة وهو يحمل محتوى قائم على البحث العلمي وليس مجرد كلمات إنشائية حالمة. كما أطمح إلى أن يكون له تأثير إيجابي على عقل كل من يقرأه.
وإلى خاتمة المقالات الثلاثة..
الناس تهرب من الوعي خوفاً من المعرفة، ظناً منهم أن المعرفة تصيبهم بمتاعب انكشاف الحقائق دون نتائج طيبة مفيدة لهم، وذلك معاكس للواقع. نعم هناك متاعب تلاحق ذلك الإنسان الذي يقرر أن يبحث عن الحقيقة بعد زمن قضاه بين القيل والقال، فهو يتعرض لصدمات قوية تؤلمه لكنه ما أن يفيق من المخدرات الفكرية التي كانت قد اكتنفته في الماضي حتى يجد نفسه في حالة من الارتياح والتعافي. إنه فقط يعبر من باب الوعي وفي عبوره يتألم لكنه بعد أن يعبر يتنعم بالحرية الحقيقية القائمة على نقاء البصيرة من المُدخلات المريضة التي تسللت إلى عقله ونفسه في غفلة من الزمن.
الإجابة هي أنهم يذهبون إلى الخيال، وما أكثر الخيال في هذا العصر، تستطيع أن تجده في القنوات الفضائية من خلال الإعلام والإعلان وفي الروايات المؤلفة سواء مرئية أو مقروءة ورقياً، وفي السوشيال ميديا التي ملأت حياة الإنسان بعالم افتراضي مليء بالأكاذيب والعشوائية الفكرية، لذلك أصبح الوصول إلى الوعي الحق صعباً لأن التحديات صارت أكثر وأعمق من العصور السابقة.
أزمة تغييب الوعي التي باتت تجتاح العالم كله لا يُسأل عنها صانع الخيال فقط بل يُسأل عنها أيضاً الإنسان الذي يفتح قلبه وعقله لأي أفكار تعبر عليهما دون تساؤل أو بحث، لذلك للوصول إلى حلول جادة لهذه الأزمة لابد أن نخاطب مصادر تشكيل الأفكار والمعتقدات والأهم هو أن نخاطب متلقي هذه الأفكار والمعتقدات فنعده إعداداً جيداً لمواجهة تحديات الوعي في العصر الحالي. وهذا ما سوف أحرص على وجوده في الكتاب الذي سوف أذهب خلال الأيام المقبلة في رحلة فكرية وبحثية لإعداده.