أسماء شكري
بالتزامن مع عرض فيلم 200 جنيه في السينمات والذي يبشر بعودة أفلام البطولة المشتركة لعدد كبير من النجوم؛ واجه الفيلم عدة انتقادات من الجمهور والنقاد لأسباب كثيرة؛ أولها أن فكرته منقولة من فيلم مصري أُنتج عام 1946 بعنوان الخمسة جنيه، ويقوم أيضا على فكرة انتقال ورقة نقدية فئة 5 جنيهات ما بين عدة أفراد ينتمون إلى طبقات اجتماعية متباينة؛ وتأثير هذا المبلغ الكبير وقتها على أفكار الناس وتعاملاتهم اليومية وكيف تغير الفلوس النفوس: هل للأفضل أم للأسوء؟
فيلم الخمسة جنيه قصة وحوار السيد بدير وسيناريو وإخراج حسن حلمي وبطولة محسن سرحان وزوزو نبيل؛ ولم يُشر صناع فيلم 200 جنيه من قريب أو بعيد إلى أنه مقتبس من فيلم الخمسة جنيه، فأول انتقاد واجهه فيلم 200 جنيه أنه كُتب على أفيشاته أنه قصة وسيناريو وحوار أحمد عبد الله، أما الإخراج فـ لمحمد أمين، وبالرغم من أن الفكرة واحدة، إلا أن أحمد عبد الله صاغها في ظل المتغيرات المجتمعية الحالية، والتي بالطبع تختلف كثيرا عما كانت عليه في أربعينيات القرن العشرين.
أيضا يؤخذ على فيلم 200 جنيه افتعال بعض أحداثه وشخصياته، بداية من ختم إسعاد يونس أو عزيزة السيد على الـ 200 جنيه بالخطأ – وهو الأمر غريب الحدوث – مرورا بظهور شخصيات مفتعلة على الأحداث؛ أبرزهم صابرين التي ظهرت بشخصيتها كفنانة فقط لإخبار الجمهور بأن ليلى علوي أو “سلوى” كانت تعمل لبيسة قبل أن يجور عليها الزمن، وأيضا أحمد رزق المدرس الذي يعد وجوده زيادة على الفيلم بدون مبرر مهم، فضلا عن إقحام وجود بيومي فؤاد في مشهد النهاية وهو يعرض الـ200 جنيه على الجمهور ليأخذها.
ضم الفيلم أكثر من قصة ولكن فشل في تقديمهم في وحدة مترابطة، وهو ما جعل أحداثه أغلبها قص ولصق بدون “الحبكة” المطلوبة، فكل شخصية تصلح لبناء فيلم مستقل؛ مما جعل تجميعهم في فيلم واحد يعطي إحساسا بالتشتيت، كما قدم الفيلم حِكم ومواعظ مباشرة وهو الأسلوب الذي لا يجدي مع الكثيرين، خاصة وأن أساس العمل الفني تقديم رسالة بشكل مبطن غير مباشر، وأيضا دعوة إسعاد يونس في بداية الفيلم :”إلهي تفرمك عربية يللي خدت الـ200 جنيه” التي حرقت الأحداث منذ بدايتها؛ إذ توقع الجمهور بسهولة أن الدعوة ستتحقق على ابنها ويتوفى في حادث سيارة.
بالرغم من تلك الانتقادات؛ إلا أن هناك عدة أسباب تشجع على مشاهدة فيلم 200 جنيه كتجربة مختلفة، وهو ما نوضحه في السطور التالية..
يضم فيلم 200 جنيه عددا كبيرا من النجوم، أبرزهم إسعاد يونس وأحمد السقا وليلى علوي وهاني رمزي وأحمد آدم وغادة عادل وخالد الصاوي وأحمد رزق، وهو ما يعد عودة لأفلام البطولة الجماعية بعدد كبير من الفنانين كما حدث في فيلم عمارة يعقوبيان في عام 2006، ولعل السنوات المقبلة تشهد تجارب جديدة تضم أكثر من نجم في فيلم واحد؛ مما سيخلق مناخا يشجع على المنافسة القوية بين نجوم الساحة الفنية، كما تضمن الفيلم عودة إسعاد يونس للتمثيل بعد غياب 6 سنوات تقريبا.
بالرغم من انتقاد تقديم الفيلم لأكثر من “حدوتة” وشخصيات كثيرة؛ إلا أن هذا ساهم من ناحية أخرى في جعل إيقاع الأحداث سريعا وغير ممل، وقلل كثيرا من أزمة “حشو” الأحداث؛ التي تعتبر أبرز مشاكل الأعمال الفنية خاصة الأفلام.
من أبرز ما يميز فيلم 200 جنيه تقديمه دراما إنسانية ومواقف متبادلة بين شخصياته؛ التي تنتمي لفئات اجتماعية متباينة في الأخلاق والحالة المادية والصفات، وهو ما جعلنا نرى مشاهد تحدث يوميا داخل المجتمع المصري، وسلط الضوء على مشكلات يعاني منها المجتمع مثل الفقر والمرض وخيانة الأمانة والجشع.
الرسالة الأساسية للفيلم هي تأثير “الفلوس” على نفوس البشر وكيف يتعامل معها الفقير والغني، وهو ما قدمه لنا الفيلم من خلال رحلة انتقال الـ200 جنيه ما بين شخصياته، وماذا فعل بها كل من وقعت في يده، هل استخدمها في الخير أم في الشر؟
ضم الفيلم نماذج مختلفة في المجتمع سواء إيجابية أو سلبية، مما ألقى الضوء على التباين الموجود ما بين الناس وتأثيره على حياتهم سويا وتعاملاتهم، وأبرز النماذج الجيدة دور أحمد السقا سائق أوبر الذي يدفع قسط سيارته لعملية مريض لا يعرفه، وأيضا هاني رمزي عامل البنزينة الذي يحاول تلبية طلبات ابنته قدر استطاعته، أما النماذج السيئة فكان أبرزها دور أحمد السعدني سائق التوك توك الذي يسرق والدته دون خجل أو خوف، وأحمد آدم الرجل البخيل الذي يعيش لجمع المال وسد شهواته فقط.